تقود 4 دول؛ هي الصين والولايات المتحدة والهند واليابان، انتعاش الطلب على النفط في العالم بعد انهياره في الأسواق العالمية، عقب تفشي فيروس كورونا، وقبلها شن السعودية حرب أسعار وحصص ضد روسيا، في مارس/ آذار الماضي، لرفضها خفض إنتاجها النفطي في إطار تكتل "أوبك+".
وارتفعت أسعار النفط، اليوم الأربعاء، وتخطى خام القياس العالمي برنت 40 دولاراً للبرميل، لأول مرة في مارس/ آذار، بفضل تنامي التفاؤل بإعادة فتح الاقتصاديات الكبرى وتمديد منتجين رئيسيين تخفيضات للإنتاج، وأن يعزز التعافي من جائحة كورونا الطلب على الوقود خاصة من قبل شركات الطيران.
وقالت مصادر، لـ"رويترز"، اليوم الأربعاء، إنّ السعودية أكبر منتج في "أوبك"، وروسيا وهي من خارج المنظمة، اتفقتا بشكل مبدئي على تمديد تخفيضات إنتاج النفط القياسية الحالية لمدة شهر، بينما تكثفان الضغط على الدول التي لم تلتزم بالكامل بخفض إنتاجها لتعميق التخفيضات.
وقال مصدر من "أوبك" إنّ "أي اتفاق بشأن تمديد تخفيضات الإنتاج مرهون بتعميق الدول التي لم تلتزم بالكامل، في مايو/ أيار، التخفيضات في الأشهر المقبلة لتعويض الإنتاج الزائد".
الصين
حسب أحدث الأرقام، فقد انتعش الطلب على النفط في الصين متجاوزاً 90% من مستواه قبل أزمة فيروس كورونا، في أوائل العام الجاري، ما يمثل تحسناً قوياً غير متوقع، ربما يتكرر في مناطق أخرى من العالم، في الربع الثالث، مع تحرر المزيد من الدول من قيود الجائحة.
ورغم أن الصين، ثاني أكبر دول العالم استهلاكاً للنفط، هي الاستثناء في الوقت الحالي، يقول تنفيذيون في صناعة النفط إن تخفيف القيود السارية على السفر، وحزم التحفيز التي تهدف لإنعاش النشاط الاقتصادي، قد تعجل بنمو الطلب العالمي على النفط في النصف الثاني من 2020.
وقال جيم بورخند نائب الرئيس ورئيس وحدة أسواق النفط في مؤسسة "آي.اتش.إس ماركت"، إنّ "السرعة التي استؤنف بها الطلب على النفط في الصين وارتفاعه إلى 90% من مستويات ما قبل (كوفيد 18)، بنهاية إبريل/ نيسان، ومواصلة ارتفاعه، مؤشر موضع ترحيب للاقتصاد العالمي".
وكان للقيود الواسعة التي فُرضت لاحتواء انتشار الفيروس، أثر سلبي شديد على أسواق النفط، إذ انخفضت الأسعار العالمية بما يصل إلى 70%، بحلول منتصف إبريل/ نيسان، وأدت إلى تراكم كميات هائلة من النفط والوقود في المخزونات على مستوى العالم.
وتابع بورخند: "عندما تفكر في انخفاض الطلب على النفط في الصين، أول دولة تتأثر بالفيروس، بأكثر من 40%، في فبراير/ شباط، فإن الدرجة التي يعاود بها الطلب صعوده تتيح بعض التفاؤل باتجاهات الانتعاش الاقتصادي وتحسن الطلب في أسواق أخرى مثل أوروبا وأميركا الشمالية".
كذلك انتعشت أسعار النفط مع تخفيف القيود، إذ صعد برنت بنسبة 50% والخام الأميركي بما يتجاوز 90%، منذ أول مايو/ أيار. وفي حين يتفق محللو النفط على انتعاش الطلب في الصين، فإنّ التقديرات تختلف من حيث درجته وأجله.
وتتوقع مؤسسة "وود ماكينزي" الاستشارية، أن ينمو استهلاك النفط في الصين، في النصف الثاني، بنسبة 2.3%، ليصل إلى 13.6 مليون برميل يومياً، مقارنة بالفترة المقابلة من العام الماضي؛ بفضل انتعاش نشاط النقل والاستخدامات الصناعية.
وقالت: "بحلول الربع الثالث، سيتجاوز الطلب على البنزين في الصين مستواه في الفترة نفسها من العام الماضي بنسبة 3%، ليصل إلى 3.5 ملايين برميل في اليوم"، في حين يمكن أن ينمو الطلب على وقود الديزل بنسبة 1.2% إلى 3.4 ملايين برميل في اليوم، خلال الفترة نفسها.
وعلى النقيض من ذلك، قالت وكالة الطاقة الدولية في تقريرها لشهر مايو/ أيار، إن الطلب على النفط في الصين سينخفض بنسبة 5% في النصف الثاني من العام، ليصل إلى 13.2 مليون برميل يومياً.
الطلب الآسيوي
وقالت كونستانسا رانجيلوفا المحللة بشركة "جيه.بي.سي إنرجي"، إنّ إجمالي الطلب على المنتجات المكررة في آسيا قد يرتفع إلى 34.3 مليون برميل يومياً، في النصف الثاني من العام، من 31.6 مليون برميل في اليوم في الأشهر الستة الأولى، لكنه سيظل أقل بنحو 1.5 مليون برميل في اليوم، عنه في الفترة المقابلة من العام الماضي؛ لأسباب أهمها انخفاض الطلب على وقود الطائرات.
الهند
وفي الهند، ثالث أكبر دول العالم استهلاكاً للنفط، رفعت شركات التكرير التابعة للدولة إنتاجها، في مايو/ أيار، مع تحسن مبيعات الوقود، قبل رفع قيود كورونا في يونيو/ حزيران.
اليابان
في اليابان التي تأتي في المرتبة الرابعة بعد الهند من حيث استهلاك النفط، قالت شركة "كوزمو إنرجي هولدنغز" للتكرير، إنّ من المتوقع أن ينكمش الطلب على البنزين بنسبة 10% في الشهور الثلاثة الأخيرة من العام الجاري، لكنه سينتعش بقوة بعد انكماشه بنسبة 27%، في الفترة من إبريل/ نيسان إلى يونيو/ حزيران.
الولايات المتحدة
في الولايات المتحدة أكبر المنتجين والمستهلكين، من المتوقع أن يرتفع الطلب على وقود النقل إلى 10.6 ملايين برميل يومياً في النصف الثاني، وفقاً لما قالته شركة "رايستاد إنرجي"، بزيادة 22% عن النصف الأول.
غير أن بير ماجنوس نيسفين المحلل في "رايستاد"، قال إنّ استهلاك البنزين سيقل بنسبة 5% عن 2019 لارتفاع البطالة وانخفاض الدخول وتزايد أعداد العاملين من المنزل.
في المقابل، قال باتريك دي هان من مؤسسة "جاس بادي" الاستشارية في الولايات المتحدة، إنّ تزايد حركة السفر على الطرق خلال الصيف، "قد يتيح انتعاشاً ملموساً في الطلب في الأجل القريب".
ومع ذلك، فإنّ بعض شركات التكرير الأميركية تتردد في زيادة إنتاجها بدرجة كبيرة، وتلزم الحذر في ما يتعلق بالطلب على البنزين، إذ تأخذ في اعتبارها تزايد مخزونات المنتجات المكررة.
ويقدر جيسون جيبلمان محلل شؤون التكرير بشركة "كوين"، أنّ انتعاش هوامش التكرير سيستغرق عامين مع تعافي الاقتصاد الأميركي من آثار الجائحة وقيود الإقامة في المنازل.
كذلك يخشى المديرون التنفيذيون بصناعة النفط، من تقلبات جديدة في الطلب على النفط، مع تقليص الدول توقعاتها للنمو الاقتصادي وتغيير الناس عادات التنقل.
وقال تسوتومو سوجيموري رئيس شركة "جيه.إكس.تي.جي هولدنغز"، في إفادة يوم 20 مايو/ أيار: "في الوقت الراهن لا نعلم ما إذا كان الطلب على البنزين ووقود الطائرات سيعود إلى مستوياته ما قبل الجائحة"، مضيفا أنه من الصعب التنبؤ بمدى التغيرات التي ستطرأ على أساليب العيش عند المستهلكين.
وأضاف أن الناس ربما يفضلون مواصلة العمل من المنزل، وتقليل خروجهم من البيت إلى أدنى حد ممكن، لتجنب الإصابة بالعدوى.
(رويترز، العربي الجديد)