لكنك إن دخلت وطلبت سندويشة شاورما، فعلى الأغلب لن يفهم البائع قصدك، إذ إن اسم الشاورما في فرنسا هو "كباب".
ورغم اختلاف الآراء حول أصلها، لكن يقال إن هذه الأكلة دخلت إلى أوروبا عن طريق ألمانيا، حيث بدأ مهاجرون أتراك بتحضيرها وبيعها في سبعينيات القرن الماضي.
وبدأت الشاورما تحقق انتشاراً متزايداً في فرنسا خلال السنوات الأخيرة، فقد بيع 350 مليون سندويشة عام 2017، وفق شركة Gira المتخصصة، ما يجعل فرنسا أكبر المستهلكين في أوروبا بعد ألمانيا.
Krc (@ahmetkaraca9586) ١١ ديسمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وتوجد عشرة آلاف مؤسسة تبيع الشاورما، وأكثر من 330 منها موجودة في العاصمة باريس، الغالبية العظمى منها متاجر تجزئة مملوكة من جانب تجار من الجالية التركية أو الكردية، ويبلغ معدل دوران هذا القطاع 1.2 مليار يورو، بحسب صحيفة "لوباريزيان".
في باريس بدأ عدد كبير من المطاعم الراقية بيع الشاورما أو افتتاح مطاعم خاصة مصنفة على أنها جيدة، مثل مطعم B.Bell في ساحة الجمهورية، ورغم أنها تبيع السندويشة الواحدة بحوالي 10 يورو، أي ضعف السعر الوسطي لها، إلا أنها تبرر ذلك بأنها محضرة داخل المطعم من لحم العجل والديك الرومي الطازج، لا اللحوم المجمدة المستوردة ذات السمعة السيئة.
|
دلفين بوجون بدأت مشروعها التجاري الصغير في بيع سندويشات الشاورما، وبعد شهر واحد قالت في مقابلة مع صحيفة "لو باريزيان" إنها تبيع حوالي 150 سندويشة شاورما في عطلة نهاية الأسبوع، وكانت قد تلقت تدريباً في أكاديمية متخصصة لبضعة أيام لتعلم أساسيات التجارة.
ويمكن للراغبين بدخول هذا المجال الخضوع لتدريب مدته ثلاثة أيام في تلك الأكاديمية الواقعة في سان لو، لتعلم قواعد النظافة وسلامة الغذاء، وطرق تحضير الشاورما ووصفاتها المختلفة والبهارات اللازمة، وتبلغ رسوم التدريب 760 يورو بمعدل 25 ساعة موزعة على الأيام الثلاثة.
حتى في قرية صغيرة مثل شاتو شينون التي لا يتجاوز عدد سكانها ألفي شخص، تجد مطعم كباب صغيرا يملكه شخص كردي، يقول إن زبائنه من السياح في الصيف، وطلاب المدارس في ما تبقّى من السنة.
يمتاز المطعم بأنه مفتوح على مدار الساعة تقريباً، ويمكن للزبائن تناول الطعام في أي وقت يشاؤون، خاصة أولئك الذين يفضلون دعم التجار المحليين أصحاب المشاريع الصغيرة، عوضاً عن سلاسل الوجبات السريعة العالمية.
ويعاني بعض أصحاب مطاعم الشاورما من منافسة قوية ومن كثرة أعدادهم في مناطق معينة، ما يجعل استمرار بعضهم مهدداً، إذ إنه في مدينة صغيرة مثل أوتو التي يبلغ عدد سكانها 13 ألفاً، توجد قرابة سبعة مطاعم.
وتقول الأرقام إن عدد محلات الشاورما بالنسبة للسكان، يبلغ 200 مطعم لكل مليون نسمة في العاصمة باريس، أما في جبال البرانس الشرقية فهناك ما بين 150 و200 مطعم كباب لكل مليون نسمة، وتتراوح النسبة بين 100 و150 في أوت غارون.
وتدرج سندويشات الشاورما ضمن قائمة الوجبات السريعة ذات السعرات الحرارية المرتفعة، كما أن بعض الانتقادات تطاولها في ما يتعلق بجودة اللحوم ونظافتها، حيث إنها تصل إلى المطاعم مجمدة بأسعار رخيصة، وغالباً ما تأتي من ألمانيا.
وهناك جانب ثقافي للأمر، فبعض البلديات الفرنسية تعتقد أن ثمة عدداً كبيراً من هذه المطاعم، وأن ذلك لا يعكس صورة جيدة للمنطقة.
من جهة أخرى، تتخذ سندويتشات الشاورما بعداً اكثر أيديولوجية بالنسبة لعدد من الفرنسيين من اليمين المتطرف. إذ يقاربون الموضوع بشكل يبدو مضحكاً، فيعتبرون أن هذا الانتشار للشاورما جزء من "تغيير هوية المطبخ الفرنسي"، و"غزوة ثقافية".
من بين هؤلاء رئيس بلدية بيزيرز، روبرد مينارد، الذي صرح عام 2015 بأن فرنسا بلد ذو تقاليد يهودية ــ مسيحية، وتلك السندويشات هي رمز لتقاليد أخرى، وأنه لا يريد لبيزيرز أن تصبح عاصمة للكباب.
وعبّر عن رغبته في حظر فتح أية مطاعم جديد وسط المدينة التاريخية حفاظاً على هويتها.
Twitter Post
|