3 ملفات توتر العلاقات المصرية-السودانية: "الاخوان" والسدّ وحلايب وشلاتين

17 مايو 2016
لقاءات عدة بين الرئيسين لم تحل الخلافات(أشرف الشاذلي/فرانس برس)
+ الخط -
تتأرجح العلاقات المصرية السودانية ما بين شد وجذب، فعلى الرغم من الزيارات واللقاءات الرسمية بين المسؤولين في القاهرة ونظرائهم في الخرطوم، والتي وصلت حد اللقاءات الثنائية بين الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، ونظيره السوداني، عمر البشير، إلا أن الطرفين لم يستطيعا إخفاء الغضب المكتوم لدى كل منهما من الآخر.
ولم تتمكن عبارات الود الدبلوماسية من إخفاء التوتر في العلاقات بين البلدين بسبب ثلاثة ملفات عالقة بينهما، أولها استقبال السودان قيادات جماعة "الإخوان المسلمين" الذين فروا من مصر عقب مجزرتي رابعة العدوية والنهضة، والذين من بينهم أشخاص صدر بحقهم أحكام من القضاء، وصلت إلى حد الإعدام. ثاني تلك القضايا هو ملف سد النهضة الإثيوبي، وثالثها هو ملف مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد، المتنازع عليه بين البلدين، ففيما تصر الخرطوم على أن المنطقة من حقها، تصر القاهرة على عكس ذلك إذ تخضع المنطقة في الوقت الراهن للسيادة المصرية.
المناكفات بين البلدين بسبب الملفات الثلاثة لا تنتهي، ففي الوقت الذي رفضت فيه السودان، بحسب مصادر قضائية مصرية، تسليم عدد من قيادات "الإخوان" المتواجدين على أراضيها، فتحت القاهرة المجال أمام المعارض السوداني ورئيس حزب الأمة، الصادق المهدي، لمهاجمة نظام البشير في وسائل الإعلام المختلفة من فوق الأراضي المصرية حيث تستقبله القاهرة للإقامة فيها، وهو ما اعترضت عليه الخرطوم أكثر من مرة.
أما في ملف مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد أقصى الجنوب المصري، فتشدد السودان على عدم تخليها عن حقها في المثلث، وهو ما أكده أكثر من مرة وزير الخارجية السوداني، إبراهيم الغندور، قائلاً إن "حلايب وشلاتين أرض سودانية ولن نتوقف عن المطالبة بحقوقنا فيها"، وهو ما رد عليه وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أخيراً خلال تواجده في نيويورك لحضور اجتماع مجلس الأمن، قائلاً إن "حلايب وشلاتين مصريتان ولن يتم التنازل عنهما تحت أي ظرف للسودان".


الملف الذي ظل ساكناً لفترة طويلة فجّره ودفع به إلى صدارة المشهد، توقيع مصر اتفاق إعادة ترسيم الحدود المائية مع السعودية، والذي بمقتضاه تخلّى النظام المصري عن جزيرتي تيران وصنافير الواقعتين عند مدخل خليج العقبة، وهو الأمر الذي استفز السودان ودفعها إلى إصدار موقف رسمي طالبت فيه مصر بمفاوضات مباشرة حول المثلث المتنازع عليه، أو اللجوء إلى التحكيم الدولي.
لم يقتصر النزاع حول ملف مثلث حلايب وشلاتين وأبو رماد عند هذا الحد، إذ استخدمت السودان ملفاً آخر وهو سد النهضة الإثيوبي كورقة ضغط على القاهرة، التي يمثل لها موضوعاً أساسياً واستراتيجياً، فكلما صعّدت مصر من لهجتها الرافضة للتنازل عن حلايب وشلاتين، صعّدت السودان في الجانب الآخر، تارة عبر التصريحات المرحبة باستكمال إثيوبيا بناء السد بمواصفاته الحالية، التي تعترض عليها مصر، بل وتأكيد الخرطوم أن هذا السد سيحمل خيراً كبيراً للمصريين، وتارة أخرى من خلال توقيع اتفاقيات شراكة دفاعية واقتصادية مع أديس أبابا.
يذكر أن نحو خمسة لقاءات رسمية جمعت الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، بمسؤولين سودانيين، منهم ثلاثة لقاءات مع نظيره السوداني، عمر البشير، الأول كان في القاهرة وتحديداً في قصر الاتحادية في أكتوبر/تشرين الأول 2014، وتلاه لقاءان آخران أحدهما في بكين في سبتمبر/أيلول 2015، على هامش احتفالات الصين بالعيد السبعين للانتصار في الحرب العالمية الثانية، وآخر في أديس أبابا على هامش قمة الاتحاد الأفريقي، إضافة إلى لقاء رابع شهد توقيع اتفاق المبادئ الثلاثي الخاص بسد النهضة في الخرطوم بحضور رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلا ميريام ديسالين. أما اللقاء الخامس فكان طرفاه السيسي ووزير الخارجية السوداني، إبراهيم الغندور، في القصر الرئاسي في القاهرة في يناير/كانون الثاني 2016.
عقب تلك اللقاءات كان الطرفان يخرجان ليؤكدا قوة ومتانة العلاقات بينهما، وضرورة تطوير علاقات الشراكة والتعاون بينهما في كافة المجالات، وهي التصريحات التي سرعان ما يضرب بها الإعلام المصري المقرب من النظام عرض الحائط، ليشن حملات هجوم على الجانب السوداني وصلت إلى حد اتهام نظام البشير برعاية الإرهاب.
من جهته، دعا رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب المصري، السفير محمد العرابي، إلى أن تظل العلاقة بين المسؤولين في مصر والسودان في حالة جيدة، مشدداً في الوقت ذاته على أن حلايب وشلاتين مصرية، والشعب المصري حسم هذا الأمر وأن هذه القضية بالنسبة إلى المصريين غير قابلة للنقاش.
وطالب العرابي المسؤولين في السودان بألا يثيروا الأزمات وألا يعكروا صفو العلاقات بين مصر والسودان. وفي ما يتعلق بملف سد النهضة، قال العرابي إن الملف أمن قومي مصري، إلا أن هذا الملف خاضع في الأساس للتقييم الفني، الذي سترتضيه كافة أطراف الموضوع، مشيراً إلى أن السودان أعلن أكثر من مرة حياده في التعامل مع هذه الأزمة.
المساهمون