يبدو أن أعداد الجزائريّين الذين يعانون من أمراضٍ تنفسية إلى ارتفاع. أمرٌ أكده رئيس مصلحة الأمراض الصدرية والتنفسية في مستشفى "مصطفى باشا" الجامعي، سليم نافتي، خلال ندوة حول علاج الربو والانسداد الرئوي المزمن. وقال إن في الجزائر نحو مليون ونصف مليون مصاب بمرض الربو، بالإضافة إلى نحو مليون و300 ألف مصاب بالانسداد الرئوي المزمن، ما يرفع عدد المصابين بالأمراض التنفسية إلى نحو مليونين و800 ألف. وكشف أن 900 ألف من أصل 1.5 مليون مصاب بالربو هم أطفال، أي بنسبة 80 في المئة.
هذا الرقم لا تصاحبه حملات توعية، وخصوصاً أن العديد من الناس لا يميّزون بين أعراض مرضَي الربو والانسداد الرئوي. وعلى الرغم من أن مرض الانسداد الرئوي المزمن يعدّ قاتلاً، وخصوصاً أن أعراضه تظهر في مرحلة متأخرة، إلا أنه يبقى مجهولاً من قبل العديد من الأشخاص، الذين لا يكترثون لرؤية طبيب إلا بعد تفاقم معاناتهم. وتجدر الإشارة إلى أن التلوث والتدخين وكثرة استخدام الفحم في الأرياف، جميعها عوامل تؤدي إلى ارتفاع نسبة الإصابة به.
من جهة أخرى، يجهل غالبية المرضى إصابتهم بهذا المرض بسبب تشابه أعراضه مع الربو. وتوضح المتخصصة في الأمراض الصدرية في مستشفى ''لامين دباغين"، رشيدة يحياوي، لـ"العربي الجديد"، أنه "نتيجة الجهل بطبيعة المرض، يخلط كثيرون بينه وبين الربو، بسبب تشابه الأعراض. لكنهما مرضان مختلفان".
وحول كيفية التمييز بين الربو والانسداد الرئوي المزمن، توضح أن الأول عادة ما يصيب الشباب الذين تقل أعمارهم عن الـ40 عاماً، ويحدث نتيجة وجود حساسية شديدة في القصبة الهوائية. أما أعراضه، فهي السعال ليلاً، وصعوبة في التنفس مصحوبة بصفير، التي قد يسببها غبار المنزل أو بذل مجهود بدني أو التعرّض لمواد كيميائية خلال العمل أو القلق، وغيرها. وتلفت إلى أن هذه الأعراض يمكن أن تزول خلال بضع ساعات حتى من دون استعمال الدواء. أما مرض الانسداد الرئوي، فهو مزمن وعادة ما يصيب الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن الـ40 عاماً، وخصوصاً المدخنين أو الذين يعيشون في بيئة ملوثة. وتتمثل أعراضه في سعال متكرر في فترات الصباح، مصحوبة بإفرازات رئوية. وتوضح أنه عبارة عن التهاب في القصبة الهوائية وانتفاخ الرئة، ما يؤدي إلى صعوبة وصول الهواء إلى الرئة. ومع الوقت، تزداد أعراض ضيق التنفس والسعال بشكل تدريجي. وبعد سنوات عدة، يعاني المصاب من صعوبة في التنفس مع كل مجهود بدني، ما يجعله في حالة إرهاق دائمة. تضيف أن "المرض يبدأ بصمت ولا يظهر أي إشارة، وغالباً ما لا يستشير المرضى الطبيب إلا في مرحلة متأخرة جداً من المرض".
وحول العوامل الرئيسية التي قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض التنفسية (الربو والانسداد الرئوي المزمن)، توضح يحياوي، لـ"العربي الجديد"، أنه "بالنسبة للربو، فغبار المنزل وأدوات التنظيف التي تحتوي على مواد كيميائية وغيرها، تعدّ أحد أهم مسببات مرض الربو في الجزائر، بالإضافة إلى التلوث في أماكن العمل والمواد الكيميائية المستخدمة". تتحدث أيضاً عن أسباب أخرى، منها "العوامل الوراثية والحساسية والالتهابات التي تحدث في الصغر من دون أن تعالج. وفي ما يتعلق بالانسداد الرئوي المزمن، فيكاد التدخين يكون السبب الرئيسي. لكن هناك أسباباً أخرى مثل تلوث الهواء أو العمل في المصانع".
وترى يحياوي أن التداوي بالأعشاب يشكل خطراً كبيراً على صحة المريض بشكل عام، وخصوصاً مرضى الربو والانسداد الرئوي المزمن، علماً أن معظم الجزائريين لا يعرفون كيفية استخدامها، وقد يساهم بعضها في إثارة الأعراض. أيضاً، يمكن أن تحتوي هذه النباتات المستعملة على مواد سامة قد تلحق أضراراً بأعضاء أخرى كالكلى والكبد والرئتين والقلب.
وفي ما يتعلّق بدور الجهات الرسمية المعنية بالصحة، بالإضافة إلى المستشفيات، تقول يحياوي إن "المؤسسات الصحية المعنية بالاهتمام بمرضى الربو والانسداد الرئوي المزمن خصصت مراكز صحية للتشخيص المبكر ومراقبة الأمراض التنفسية والسل في مختلف المراكز الاستشفائية والمستشفيات الجامعية. ويضم كل مركز أطباء متخصصين في الأمراض التنفسية والسل. وتجدر الإشارة إلى أن حملات التوعية قد تساعد الناس على التوجه إلى الطبيب بمجرد الشعور بهذه الأعراض.