11 نوفمبر 2024
2015 .. حكام أم محكومون؟
يغادر عام 2014، والعرب في حال لا يحسدهم عليها أحد. صراعات محتدمة، ونزاعات مسلحة، وحروب أهلية، وانقسامات اجتماعية تكاد تعصف باستقرار معظم الدول العربية. وحتى تلك التي لم تصل إليها رياح الاضطراب والانقسام، مهمومة بالفقر والتخلّف وغياب مقوّمات التنمية والتقدم، أو مهووسة بفوبيا التغيير وتستهلك مقدّراتها ومواردها في محاولة التأثير في الصراعات والانقسامات المحيطة بها.
وعلى الرغم من التفاوت البيّن في الأوضاع والتطورات الداخلية، إلا أن الصورة العامة للمنطقة في 2014 اتسمت بالسيولة وعدم الاستقرار. حيث تجري إعادة ترتيب شاملة داخلياً وإقليمياً، وتخوض معظم دول المنطقة صراعاً بين التغيير والجمود، المستقبل والماضي، الإصلاح والفساد، الحرية والديكتاتورية، الديمقراطية والاستبداد، التقدم والرجعية، حزمة من التناقضات حكمت صيرورة الواقع العربي.
كشف هذا العام الذي يقفل مغادراً إلى صفحات التاريخ، بأحداثه ومآسيه، أن عرب 2014 ليسوا عرب الأعوام السابقة، فعلى الرغم من الإحباط والقمع وافتقاد الأمن والغذاء، ثمة تغيّر في نفسية الشعوب العربية، أو بعضها. فالشعوب التي طالما استكانت ولانت فهانت، لم تعد تقبل الاستكانة، فضلاً عن المهانة. وما يسري على دعاة التغيير والإصلاح ينطبق، أيضاً، على رافضي الثورات والتمرد. فالمنطق واحد، هو تلمّس الأمن والاستقواء، إنْ بالسلطة أو في مواجهتها. والهدف، أيضاً، واحد، الحق في الحياة، كريمة كانت أو بغير كرامة.
لم تنتهِ الصراعات والمشكلات العربية، بل زادت الخلافات والانقسامات حدة، داخلياً وخارجياً، وصار على العرب استقبال عام لن يقل قسوة ومعاناةً، بل يزيد. خصوصاً بعد أن أصبح المشهد الإقليمي شديد الاختلاط والغموض، بين مصالح متعارضة وملفات متداخلة وأدوات متقاطعة. فقد سقطت كل الحواجز الفاصلة بين الداخلي والخارجي في السياسات العربية. ولم يعد لمبدأ "عدم التدخل" مكان بين العرب، والغريب أن اتهامات التآمر والأجندات الخارجية والمخططات التفتيتية لا تزال مطروحة على قائمة الخطاب الرسمي العربي، والأغرب أنها لم تفقد بريقها ووقعها لدى عوام كثيرين. وسيستقبل العرب العام الجديد، وهم أسرى ذلك الازدواج والتناقض بين ممارسة أو استدعاء التدخل السافر في الملفات والقضايا الداخلية، والهياج والتشنج رفضاً لتدخلات أخرى مزعومة، أو مخططات متوهمة. تلك الانتقائية تدفع ببعض العرب إلى هاوية المفاضلة بين الانتحار والاندثار، حيث لا تتيح الأنظمة الغاشمة لنفسها طريقاً ثالثاً، أو مخرجاً لها، قبل أن يكون لشعوبها.
وبينما تبدو بعض الدول العربية منشغلة بغيرها، ومنغمسة في شؤون شعوب أخرى، واقع الأمر أنها منشغلة أكثر بأوضاعها الحرجة القابلة للتدهور والانجراف. فما يبدو من تآزر عربي وترابط، بل وتصالح وتجاوز للخلافات، ليس أبداً بدافع قومي عروبي، أو حتى إنساني مجرد، وإنما هو تعبير بليغ عن قلق مصيري، بفعل موجة الغضب الشعبي التي ضربت معظم الدول العربية، ووضعت نُظُم الحكم فيها تحت رحمة الشعب أربع سنوات متتالية. وعند ذكر "العرب"، يجب التمييز بين الحكام والمحكومين، فالبون شاسع بينهما. وبينما المحكومون منقسمون، يلتئم شمل الحكام، ولو اضطراراً، مجبورين. فقد شهد عام 2014 دفاعاً مستميتاً من حكام العرب عن عروشهم وقروشهم، فيما الموت، أو الفقر، يلتهم شعوبهم. وعلى الرغم ممّا أصاب الشعوب من إحباط وخيبة أمل، في ما عوّلت عليه من ثورات أو محاولات للتغيير، لم يقدم الحكام ما يشجع المواطنين على العودة إلى الخنوع والاستكانة، فحتى الانبطاح الكامل لم يعد يضمن توفير كسرة خبز، أو يحصّن من القتل أو السجن أو انتهاك العرض وامتهان الكرامة. والمؤكد أن 2015 لن يجلب حكاماً آخرين مستأنسين، أو ديمقراطيين، لكنه قد يكشف عن عرب آخرين من المحكومين، أكثر تمسكاً بحقهم في الحياة والبقاء، مثل شعوب الأرض، أو حتى كائنات الفضاء.
وعلى الرغم من التفاوت البيّن في الأوضاع والتطورات الداخلية، إلا أن الصورة العامة للمنطقة في 2014 اتسمت بالسيولة وعدم الاستقرار. حيث تجري إعادة ترتيب شاملة داخلياً وإقليمياً، وتخوض معظم دول المنطقة صراعاً بين التغيير والجمود، المستقبل والماضي، الإصلاح والفساد، الحرية والديكتاتورية، الديمقراطية والاستبداد، التقدم والرجعية، حزمة من التناقضات حكمت صيرورة الواقع العربي.
كشف هذا العام الذي يقفل مغادراً إلى صفحات التاريخ، بأحداثه ومآسيه، أن عرب 2014 ليسوا عرب الأعوام السابقة، فعلى الرغم من الإحباط والقمع وافتقاد الأمن والغذاء، ثمة تغيّر في نفسية الشعوب العربية، أو بعضها. فالشعوب التي طالما استكانت ولانت فهانت، لم تعد تقبل الاستكانة، فضلاً عن المهانة. وما يسري على دعاة التغيير والإصلاح ينطبق، أيضاً، على رافضي الثورات والتمرد. فالمنطق واحد، هو تلمّس الأمن والاستقواء، إنْ بالسلطة أو في مواجهتها. والهدف، أيضاً، واحد، الحق في الحياة، كريمة كانت أو بغير كرامة.
لم تنتهِ الصراعات والمشكلات العربية، بل زادت الخلافات والانقسامات حدة، داخلياً وخارجياً، وصار على العرب استقبال عام لن يقل قسوة ومعاناةً، بل يزيد. خصوصاً بعد أن أصبح المشهد الإقليمي شديد الاختلاط والغموض، بين مصالح متعارضة وملفات متداخلة وأدوات متقاطعة. فقد سقطت كل الحواجز الفاصلة بين الداخلي والخارجي في السياسات العربية. ولم يعد لمبدأ "عدم التدخل" مكان بين العرب، والغريب أن اتهامات التآمر والأجندات الخارجية والمخططات التفتيتية لا تزال مطروحة على قائمة الخطاب الرسمي العربي، والأغرب أنها لم تفقد بريقها ووقعها لدى عوام كثيرين. وسيستقبل العرب العام الجديد، وهم أسرى ذلك الازدواج والتناقض بين ممارسة أو استدعاء التدخل السافر في الملفات والقضايا الداخلية، والهياج والتشنج رفضاً لتدخلات أخرى مزعومة، أو مخططات متوهمة. تلك الانتقائية تدفع ببعض العرب إلى هاوية المفاضلة بين الانتحار والاندثار، حيث لا تتيح الأنظمة الغاشمة لنفسها طريقاً ثالثاً، أو مخرجاً لها، قبل أن يكون لشعوبها.
وبينما تبدو بعض الدول العربية منشغلة بغيرها، ومنغمسة في شؤون شعوب أخرى، واقع الأمر أنها منشغلة أكثر بأوضاعها الحرجة القابلة للتدهور والانجراف. فما يبدو من تآزر عربي وترابط، بل وتصالح وتجاوز للخلافات، ليس أبداً بدافع قومي عروبي، أو حتى إنساني مجرد، وإنما هو تعبير بليغ عن قلق مصيري، بفعل موجة الغضب الشعبي التي ضربت معظم الدول العربية، ووضعت نُظُم الحكم فيها تحت رحمة الشعب أربع سنوات متتالية. وعند ذكر "العرب"، يجب التمييز بين الحكام والمحكومين، فالبون شاسع بينهما. وبينما المحكومون منقسمون، يلتئم شمل الحكام، ولو اضطراراً، مجبورين. فقد شهد عام 2014 دفاعاً مستميتاً من حكام العرب عن عروشهم وقروشهم، فيما الموت، أو الفقر، يلتهم شعوبهم. وعلى الرغم ممّا أصاب الشعوب من إحباط وخيبة أمل، في ما عوّلت عليه من ثورات أو محاولات للتغيير، لم يقدم الحكام ما يشجع المواطنين على العودة إلى الخنوع والاستكانة، فحتى الانبطاح الكامل لم يعد يضمن توفير كسرة خبز، أو يحصّن من القتل أو السجن أو انتهاك العرض وامتهان الكرامة. والمؤكد أن 2015 لن يجلب حكاماً آخرين مستأنسين، أو ديمقراطيين، لكنه قد يكشف عن عرب آخرين من المحكومين، أكثر تمسكاً بحقهم في الحياة والبقاء، مثل شعوب الأرض، أو حتى كائنات الفضاء.