وعلمت "العربي الجديد" أن من "أسباب اقالة وزير التجارة عمارة بن يونس، الذي يقود حزب الحركة الشعبية الجزائرية، ذا التوجّه العلماني، الجدل الذي أثاره الوزير في شهر يونيو/حزيران الماضي، بقراره تحرير تجارة الخمور في الجزائر".
وهو القرار الذي أثار غضباً شعبياً كبيراً، خصوصاً من القوى المحافظة، وأدى إلى ردّة فعل سياسية وإعلامية حادة. ما حدا برئيس الوزراء عبد المالك سلال إلى التدخل لإلغاء القرار، وتهدئة الغضب الشعبي والسياسي. كما أقال بوتفليقة وزير الفلاحة عبد الوهاب نوري، بعد فشل الأخير في إدارة القطاع، وتراجع المنتجات الزراعية للجزائر أخيراً، بعد نجاح نسبي حققته زراعة الحبوب والخضروات في السنوات الماضية، بلغت حدّ تحقيق الاكتفاء الذاتي في زراعة الشعير وبعض الخضروات والفاكهة. وقرّر بوتفليقة ضمّ وزارة الفلاحة إلى وزارة الصيد، بقيادة سيد أحمد فروخي. وهو ما كان سارياً أساساً في العقود الماضية.
وفي السياق عينه، أعفى الرئيس الجزائري وزير الشباب والرياضة عبد القادر خمري من منصبه، بسبب وعكة صحية ألمّت به قبل فترة، وعيّن مكانه الناشط في الحركة البربرية الأمازيغية الهادي ولد علي، الذي كان معارضاً في السابق، قبل أن يستدرجه النظام إلى صفه منذ سنوات.
اقرأ أيضاً: عاطلون من العمل يحرسون سيارات الجزائر
ويضع مراقبون التعديلات التي يجريها بوتفليقة، من حين إلى آخر في الحكومة وبعض الهيئات في مختلف أجهزة الدولة، إما ضمن حالة الارتباك والتخبّط السياسي، أو باعتبارها "حالة وجود" و"إثبات حضور" لبوتفليقة، تحديداً حين يغيب لفترة عن الإعلام، وتزداد التساؤلات عن وضعه الصحي وقدرته على إدارة شؤون الدولة.
ويُزكّي الطرح الأخير خيار "العشوائية في التعيينات الحكومية"، اذ أقدم بوتفليقة في عام 2012، على فصل وزارة الشباب عن وزارة الرياضة، قبل أن يعود في التعيين الأخير في مايو/أيار الماضي إلى جمع الوزارتين مجدداً.
وهو الأمر عينه الذي حصل مع وزارات عدّة، ومسّ الارتجاج السياسي وزارات حساسة كوزارة الداخلية، التي تم استحداث وزارة منتدبة رديفة لها، مُكلّفة شؤون "الجماعات المحلية"، قبل أن يتم الغاؤها مجدداً في تعديل مايو/أيار. كما شهدت وزارة الخارجية عشوائية مماثلة، وأصبحت برأسين، بعد استحداث وزارة منتدبة رديفة مُكلّفة "الشؤون المغاربية والافريقية والجامعة العربية".
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي أحمد لعروسي رويبات، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "توالي التعيينات الحكومية الأخيرة، مؤشر على فشل الجهاز التنفيذي في إدارة الحكم، وعلى تعدد مصادر القرار في الجزائر، وتدافعها في اتجاهات مختلفة".
ويلفت إلى أن "توالي التعيينات الحكومية لا يأخذ مطلقاً المشكلات الاجتماعية والاقتصادية التي تعاني منها الجزائر بشكل مزمن، بقدر ما يأخذ في الاعتبار الحسابات السياسية، وفق كل مرحلة ومتطلباتها وظروفها الداخلية والإقليمية".
وعدا الإنجاز الأمني المتعلق بـ"الوئام الوطني والمصالحة الوطنية"، الذي مهّد له جهاز الاستخبارات بعد مفاوضات مباشرة مع قيادة "الجيش الإسلامي للإنقاذ"، أخفقت أكثر من 13 حكومة في عهود بوتفليقة، في تحقيق أي إنجاز على صعيد حلحلة مشكلات السكن والشغل والبطالة وتحسين خدمات الصحة والتربية. وهو ما أثار موجات متلاحقة من الاحتجاجات الشعبية والإضرابات العمالية، أخذ بعضها طابعاً عنيفاً ومستمراً، بلغ حد تهديد الأمن العام.
ووفق الأرقام تكون الجزائر قد استهلكت 13 حكومة منذ عام 1999، وأنفقت أكثر من 600 مليار دولار، ومع ذلك لم تتمكن البلاد بفعل الفساد وغياب المحاسبة، من تحقيق أي إنجاز اقتصادي واجتماعي جدّي. وظلّت نسبة البطالة مرتفعة بنسبة 17 في المائة، خصوصاً في صفوف الشباب، مع العلم أن الأرقام الرسمية تُشير إلى أن نسبة البطالة بلغت 9.3 في المائة. كما ظلّت الجزائر خامس دولة مستوردة للقمح، على الرغم من الأراضي الزراعية الشاسعة التي تملكها على الساحل. كما بقيت البلاد قيد تبعية استيراد الأدوية بقيمة ملياري دولار سنوياً. كما ظلّت عائدات الجزائر تعتمد بنسبة 98.3 في المائة على مبيعات المحروقات، علماً أن النسبة كانت 92.1 في المائة في عام 1992. ويتوقع خبراء أن تتجه البلاد إلى أزمة مالية، في حال استمرار انخفاض أسعار النفط، خصوصاً أن الجزائر خسرت 50 مليار دولار من مداخيل النفط العام الماضي، مقارنة مع مداخيلها في السنوات الأخيرة. وهو ما دفع سلال إلى إعلان "سياسة التقشف" وتأكيده امكانية توجّه البلاد إلى الاستدانة الخارجية مجدداً".
اقرأ أيضاً: تراجع إيرادات النفط 50% يجبر الجزائر على التقشف