12 فيلماً هوليوودياً في فرنسا: استعادة الرقابة

23 يوليو 2020
تتميز الأعمال السينمائية بالنهايات المفرطة في أخلاقيتها (Getty)
+ الخط -

تحتفي دور العرض الفرنسيّة، بعد إعادة افتتاحها، باثني عشر فيلماً من هوليوود، نجت من الرقابة الأخلاقيّة والدينيّة الصارمة التي فرضها قانون هايز في الثلاثينيات. هذه الأعمال، التي أنتجتها شركة "وارنار"، تلتقط حالة أميركا أثناء الكساد الكبير والانفتاح الجنسيّ. الأهم أن هذا الحدث يقام بالتعاون مع شركة "وارنار" نفسها التي أخرت إنتاجات الصيف الكبرى، بسبب ما يمر به العالم.
هناك أساطير تحيط بأفلام هوليوود التي أنتجت في الثلاثينيات قبل الرقابة، خصوصاً ان هوليوود تميل نحو صناعة تاريخها الذاتي، ذاك الذي واجه صفعة بعد تطبيق قانون هايز، الذي دعا المنتجين إلى تبني رقابة ذاتيّة، منفصلة عن تلك التي تمارسها لجنة الرقابة على النصوص، وذلك للتقيد بالتعليمات الرسميّة كعدم انتقاد الأسرة، والحديث عن الجنس، وعدم انتقاد المؤسسة الرسميّة أو الفضائل الدينيّة، وذلك من أجل الحفاظ على "أخلاقيّة" الأفلام التي تمثل القيم الأميركيّة.
كانت أفلام تلك الفترة أشد تحرراً، وذات نبرة نقدية واضحة، تشير بوضوح إلى الأسى الاجتماعيّ، بل إن البعض يرى أنها تنتمي إلى "نوع" سينمائيّ خاص، خصوصاً أن "خطيّئة" هذه الأفلام، حسب نقاد تلك الفترة، أنها أعطت للمرأة قوة أكثر مما تستحق، أو ببساطة حقوقها كما في كلمات اليوم، وهذا ما نراه في فيلم "المطلّقة" (1929) للمخرج روبيرت .ز. لينورد، الذي تقرر بطلته بعد أن خانها زوجها، أن تعيش وحيدة وتتابع حياتها من دون أي رجل يتحكم بها، وكأن الفيلم يهدد صورة الزوجة الملتزمة التي تتحمل زوجها مهما كانت أخطاؤه.
يشار أيضاً إلى أن هذه الأفلام تتميز بالنهايات المفرطة في أخلاقيتها، أي مهما ابتعدت الحكايات عن الأعراف والقواعد، نهاية الفيلم تشهد انقلاباً في الشخصيات وعودة للعرف التقليديّ، وكأن هذه النهايات مصطنعة أو مجرد أسلوب لإرضاء الجمهور، كما في فيلم "أنثى" لمايكل كورتيز، الذي نرى فيه صاحبة كراج سيارات تحكمه بقبضة حديديّة، وتتصرف كـ"الرجال" حتى مع عمالها، إذ تتحكم بهم وتراقب تصرفاتهم من أجل سير العمل، إلى أن تقع بحب واحد منهم، فتتخلى عن كل شيء وتتحول إلى زوجة صالحة. بالطبع لا يمكن وصف الفيلم بالنسويّ بصورة مباشرة، فهو أقرب إلى كوميديا تعكس فيها الأدوار إلى حد عودتها إلى "طبيعتها".

تضيء هذه الأفلام على الفساد الاجتماعيّ والعنف الطبقيّ داخل الأسرة الواحدة، ذاك الذي أنشأ الأخلاق الرأسماليّة، كما في فيلم "بيبي فيس (1933) للمخرج ألفريد غرين، الذي نشاهد فيه فتاة جميلة تستغل غوايتها الجنسية من أجل الصعود إلى أعلى الهرم الاجتماعيّ، لكننا نكتشف وراء القشرة الغاوية والفاتنة، فتاة تعرضت للعنف من قبل والدها مدمن الكحول أثناء فترة منعه، والذي أجبرها على الدعارة من أجل المال، ومن أجل الحفاظ على مكانته المنهارة، وكأن الطمع والرغبة بالاعتراف الاجتماعيّ، تهدم الأسرة من الداخل، وتضرب في تكوين أفرادها.
إعادة مشاهدة هذه الأفلام بالمقارنة مع ما شهده القرن الواحد والعشرون من تغيرات ثقافيّة يتيح لنا النظر في تاريخ صناعة هوليوود، ومقدار التدخل السياسي فيها، بوصفها الأشد تأثيراً لا فقط أميركياً، بل عالمياً أيضاً، خصوصاً أن القيم المتغيّرة التي تحويها السينما نتاج تيارات ثقافيّة تنعكس ضمن التسليّة، بوصفها الأشد خطراً وتأثيراً، فدور المرأة المهزومة بالرغم من كل شيء، ليس إلا قناعاً للهيمنة الذكورية ووحشية الرأسمالية كما يظهر في الأفلام.

تراجعت هذه الرقابة في بداية الخمسينيات بسبب دخول التلفاز إلى المنازل ومنافسة الأفلام الأجنبيّة، الأهمّ أن المحكمة العليّا انتصرت لشركات الإنتاج، وأوقفت منع عرض أي فيلم بوصف هذا المنع من قبل الرقابة ضد حرية التعبير التي يضمنها الدستور.

المساهمون