10 آلاف طفل لاجئ وصلوا إلى بريطانيا بطرق غير شرعية

23 يناير 2020
يطالبون بوصول آمن للأطفال (Getty)
+ الخط -

تفتخر بريطانيا باستضافتها رقماً معيّناً من اللاجئين القصّر، في إشارة إلى مدى إنسانيّتها ودعمها لهذا الملف. إلا أن ذلك لا يعكس حقيقة الواقع على الأرض، فكثيرون وصلوا إلى البلاد بطرق غير شرعية

يُثير نهج وزارة الداخليّة البريطانية المتعلّق بمساعدة اللاجئين القصّر، جدالاً في البلاد، بعدما تبيّن أن أكثر من 10 آلاف طفل غير مصحوبين بذويهم دخلوا إلى المملكة المتحدة خلال العقد الماضي، من خلال وسائل خطيرة وغير شرعية، منها الاختباء في صندوق شاحنة.
وكتبت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية أنّه على الرغم من أن وزارة الداخلية تفتخر بعدد الوافدين إلى البلاد للدلالة على تعاطفها مع اللاجئين، إلا أنها تُتّهم من قبل محامين بـ "الخداع"، على اعتبار أن 90 في المائة من القصّر دخلوا المملكة المتحدة بطرق غير شرعية، وخاطروا بحياتهم من أجل تحقيق هذا الهدف.

هذه الأرقام التي توردها مؤسسة "المرور الآمن" (Safe Passage) الخيرية، بعد تصويت مجلس العموم البريطاني على رفض المقترحات المتعلقة بالإبقاء على حماية الأطفال اللاجئين في إطار مشروع قانون اتفاقية الاتحاد الأوروبي المعادة صياغته.



وتُظهر أحدث الإحصائيات الرسمية أنّ ما يزيد عن 12 ألفاً من القصّر الذين لم يُصاحبهم أحد من الأهل قد مُنحوا الحماية في المملكة المتحدة منذ عام 2010، وهو رقم تعتز به وزارة الداخلية، ويدخل في إطار سجلها الذي تفتخر به لناحية "مساعدة الأطفال المستضعفين". لكن في الواقع، لم يصل سوى نحو 700 فقط من هؤلاء القصّر بطرق شرعية تضمن سلامتهم.
في هذا السياق، تقول رئيسة قسم الشؤون القانونية والوافدين في المملكة المتحدة في مؤسسة "المرور الآمن" جينين ووكر، إنّ الحكومة تعلن بفخر أنها ساعدت الآلاف من الأطفال المشردين، علماً أنّ كثيرين عانوا طويلاً قبل الوصول إلى شواطئ هذه البلاد.

ونتيجة مراجعة شركات المحاماة التي تمثل الأطفال طالبي اللجوء، تبيّن أن تسعة من كل عشرة قصّر غير المصحوبين بذويهم دخلوا المملكة المتحدة بطريقة غير شرعية ومن خلال الاختباء في شاحنة. في المقابل، لا تكشف وزارة الداخلية عن كيفية وصول الأطفال اللاجئين إلى المملكة المتحدة.

من جهتها، تقول جوليا ترينشينا وهي محامية، إنها عملت في ما لا يقل عن 50 ملفاً لأطفال لاجئين، موضحة أنّ كلّ واحد منها هو نتيجة وصول غير قانوني عبر شاحنة. تضيف أنّ جميع الأطفال يُعانون من مشاكل نفسية، خصوصاً اضطراب ما بعد الصدمة نتيجة التجارب المروعة. كما تعرض الكثير منهم للتعذيب أثناء محاولاتهم تسلّق الشاحنات للاختباء فيها أو النوم في الحدائق أو في الشوارع خلال النهار، كي يشقوا طريقهم في الشوارع ليلاً.

في هذا الإطار، يقول يوسف (46 عاماً) لـ "العربي الجديد": "كنّا أربعة أشخاص عندما حاولنا العبور إلى هنغاريا في ظلام الليل، واكتشف أمرنا رجال الأمن هناك وهاجمونا لمنعنا من العبور. ركضنا إلى الغابة وتهنا عن بعضنا البعض. لم أكن قادراً على رؤية يدي بسبب شدّة الظلام". يضيف: "كان يرافقنا مراهقاً وقد بدا عليه الرعب والقلق. حتى نحن البالغين كنا نرتجف من الخوف. أستطيع أن أقول إنني أمضيت تلك الليلة في الغابة وحدي حيث كدت أتجمّد من البرد ولم يغمض لي جفن وأنا أنصت إلى أصوات الحيوانات التي قد تهاجمني في أية لحظة. وما إن بزغ نور الصباح حتى تنفست قليلاً ورحت أبحث عن البقية. مهما وصفت مرارة وألم وغربة وقلق رحلة العبور إلى بريطانيا، لن أتمكن من نقل الصورة بما يكفي لقارئ لم يختبر هذه المعاناة خصوصاً بالنسبة للأطفال". ويشير يوسف إلى أنّه رفض الصعود إلى مركب يحمل أطفالاً لأنه خشي أن يشهد مأساة قد لا ينساها كل حياته.



ومجدداً، تعرّضت وزارة الداخلية لانتقادات في يناير/ كانون الثاني الماضي، عندما اتهمها ائتلاف من منظمات حقوق الإنسان بمنع الأطفال اللاجئين من لمّ الشمل مع عائلاتهم. وقالت منظمة العفو الدولية ومنظمة إنقاذ الطفولة إن "تصويت البرلمان في الأسبوع الأول من شهر يناير/ كانون الثاني، ومنع الأطفال اللاجئين من لمّ شملهم بعائلاتهم، يشكلان "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ما تسبّب في ضرر كبير للأطفال في هذه البلاد".

في المقابل، يقول متحدث باسم وزارة الداخلية إنّ على الأشخاص الذين يحتاجون إلى الحماية الدولية طلب اللجوء في أول بلد آمن يصلون إليه، لأنّه أسرع طريق إلى الأمان. وهناك عدد من الطرقات الآمنة والقانونية المتاحة لتوفير الحماية للاجئين الأكثر ضعفاً، بمن فيهم الأطفال".

يُشار إلى أن الحكومة البريطانية كانت قد قررت إعادة تقديم المساعدات القانونية للمهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم، استجابة لحملة عام، التي أكدت أن هذه المساعدات أمر حيوي في ظل وجود نحو 15 ألف قاصر يحتاجونها من أجل ضمان حقوقهم.


المساهمون