يوم المرأة في القدس: شاهد على قمع وبطش الاحتلال

09 مارس 2017
الفعالية ألغيت بموجب اتفاقات أوسلو (صالح زكي/الأناضول)
+ الخط -
"لاكتب إسمك يا بلادي ع الشمس اللي ما بتغيب.." بكلمات هذه الأغنية صدحت حناجر نساء القدس، مساء أمس الأربعاء، بعد أن قمعت قوات الاحتلال الإسرائيلي احتفالًا كان مقرّرًا في قصر الحمراء بشارع صلاح الدين في المدينة المحتلة. القمع تمّ بأمر موقّع من وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي، غلعاد أردان، وهو الثاني في أقل من اثنتي عشرة ساعة، بعد منع الوزير ذاته، وبأمر مشابه، احتفالًا آخر كان مقررًا أن يقام صباح أمس  في فندق "السان جورج" في شارع نابلس بالمدينة المقدسة.

ومما جاء في أمر المنع الموقع من وزير أمن الاحتلال، المذيّل تحت عنوان "أمر حسب قانون تطبيق اتفاق الوسط بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة وتحديد النشاطات- 1994"، أنه "بعد إعلامي بأنه في تاريخ 8/3/2017، بنية إقامة حفلات بمناسبة (يوم المرأة العالمي)، في فندق سان جورج في شارع عمرو ابن العاص، تحت رعاية أو من قبل أو برعاية السلطة الفلسطينية، بدون تصريح مكتوب متفق عليه في قانون بند 3 (أ) حسب قانون الاتفاق الوسطي بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة (تحديد النشاطات) 1994، وحسب صلاحيتي من قوة بند 3 (ب) للقانون، أنا آمر بمنع قيام الحفل في منطقة القدس، أو في كل مكان آخر في دولة إسرائيل، وأيضا كل إنسان المسؤول/المنفذ/ أو العامل في الحفل في المكان بمنع استمرار القيام به في هذا المكان، أو في كل مكان آخر في نطاق دولة إسرائيل".

الإجراء الإسرائيلي أثار احتجاج واستياء "جمعية المرتقى" المشرفة على فعالية المساء، وقد أبدت رئيسة الجمعية، شيرين عويضة، في حديث لـ"العربي الجديد"، استهجانها القرار الإسرائيلي بمنع الاحتفال الذي كان من المقرر أن يتم خلاله الإعلان عن تكريم ثماني سيدات مقدسيات في ميادين الأدب والثقافة والعلوم والمجتمع، وهو احتفال درجت الجمعية على تنظيمه سنوًيّا، ويتم خلاله الإعلان أيضًا عن "سيدة القدس الأولى" للعام الجاري.


ونفت رئيسة الجمعية ادعاءات وزير أمن الاحتلال بخصوص تبعية الجمعية أو القائمين على الاحتفال لأية جهة سياسية، بما فيها السلطة الفلسطينية، مشيرة إلى أن "المرتقى" هي مؤسسة اجتماعية تعنى بشأن النساء المقدسيات، والارتقاء بأوضاعهن على مختلف الصعد.

ورغم منع إجراء التكريم داخل قاعة الفندق، أكدت عويضة أن احتفالًا قصيرًا أقيم خارج القاعة، أنشدت فيه المدعوات للاحتفال الأناشيد الوطنية والأغاني المعبرة، في وقت كانت شرطة الاحتلال تحاصر المكان.

ويتهم المقدسيون الاحتلال بقمع أية فعالية اجتماعية أو ثقافية أو فنية تقام في القدس، وقد سجلت منذ توقيع اتفاق أوسلو في عام 1993، وحتى الآن، مئات الأوامر المشابهة بمنع تنظيم مثل هذه الاحتفالات بذريعة وقوف السلطة الفلسطينية وراءها، وفق ما يقول مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، زياد الحموري، مشيرًا إلى أنها تتذرع بنص الاتفاق الموقع في حينه، والذي حدد نشاطات السلطة الفلسطينية في القدس.

كذلك يحمّل المقدسيون اتفاق أوسلو المسؤولية عن حالة الموات التي تعانيها القدس، ونزيف الرحيل عنها من قبل مؤسسات كانت تشكل حضورًا فلسطينيًّا بارزًا في المدينة، ومعلمًا من معالم السيادة، فيما يدفع المقدسيون ثمنًا باهظًا من هذا الاتفاق الذي أرجأ، إلى ما لا نهاية، بحث مستقبل مدينتهم ومصيرها، وفق ما يقول القيادي المقدسي البارز في حركة "فتح"، حاتم عبد القادر.

وفي موقع الاحتفال الذي منع الليلة، كانت النساء، رغم الأناشيد التي صدحن بها، أكثر غضبًا من غيرهن، وهن يُمنعن بالقوة من المشاركة في احتفال في يوم الثامن من آذار. وقالت إحداهن، وتدعى سميرة الخطيب: "هذا ما جناه علينا أوسلو. مجرد احتفال لعشرات النساء نمنع من إقامته. ماذا يريدون منا؟ نحن لن نتقدم للحصول على تصريح من الاحتلال لنمارس حياتنا الاعتيادية".

في المقابل، أصرت سيدة أخرى، تدعى ناريمان محمد، على مواصلة الغناء وبصوت عالٍ على مقربة من عناصر شرطة الاحتلال الذين حاصروا المكان، وصرخت في وجه أحدهم "قاعدين على قلوبكم".

وقالت لـ"العربي الجديد": "مجرد احتفال يرعبهم ويخيفهم. ما كان مثل هذا ليحدث قبل أوسلو. اليوم يطاردنا الاحتلال بفعل هذا الاتفاق وينغص علينا فرحتنا".

وبينما كانت عشرات النساء المقدسيات يحرمن من احتفالات الثامن من آذار، كان مسرح يبوس في شارع الزهراء بالقدس يعيش تحديًا من نوع آخر لممارسات الاحتلال ضد مظاهر الحياة الفلسطينية في القدس المحتلة، فقد شارك حشد كبير من المدعوين، يتقدمهم محافظ القدس ووزيرها، عدنان الحسيني، ومسؤولون من منظمات دولية، في افتتاح دكان الفنون، والإعلان عن انطلاق أسبوع الفعاليات الأدبية والثقافية في المدينة المقدسة، ابتداء من يوم الغد.

وتحوّل الافتتاح إلى تظاهرة فنية وثقافية عكست روح الحياة التي تعيشها المدينة المقدسة، رغم الحصار الإسرائيلي عليها، والذي أصاب الحضور الفلسطيني في المدينة بانتكاسة كبيرة، بعد نزوح غالبية المؤسسات الفلسطينية في القدس عنها، أو بسبب إغلاق عشرات المؤسسات من قبل الاحتلال في عام 2002، والتي جدد إغلاقها الشهر المنصرم لستة أشهر أخرى.

المساهمون