يوم الصحافة المصرية: الأزمات لن تنتهي

13 يونيو 2015
الصحافي أحمد جمال زيادة في الوقفة الاحتجاجية (العربي الجديد)
+ الخط -
جاءت فعاليات الإضراب الجزئي، الذي أعلنه صحافيون مصريون في ذكرى يوم الصحافة المصرية، كخطوة في مسار ثوري يستعيد به الصحافيون نقابتهم من السيطرة الحكومية. السيطرة التي بدأت قبل 6 سنوات مع التيار الليبرالي الحكومي الموالي للسلطة الحاكمة منذ ولاية النقيب الأسبق مكرم محد أحمد ثم ضياء رشوان، والذي سكت على الانتهاكات التي يتعرّض لها الصحافيون منذ الثالث من يوليو/تموز 2013.



جاءت فعاليات يوم الغضب الصحافي في ذكرى احتجاج الصحافيين على القانون 93 لسنة 1995، والذي تضمن تشديد العقوبات في جرائم النشر، وألغى ضمانة عدم الحبس الاحتياطي للصحافيين في هذه الجرائم، ، بمشاركة رمزية من قبل عدد من أعضاء مجلس النقابة، كالنقيب يحيى قلاش، وجمال عبد الرحيم سكرتير النقابة، وخالد البلشي رئيس لجنة الحريات، ومحمود كامل رئيس اللجنة الثقافية، وهشام يونس عضو مجلس نقابة الصحافيين السابق، وعدد من أعضاء الجمعية العمومية بالنقابة، وأسر الصحافيين المعتقلين وأبنائهم.

فعاليات تحت السيطرة

ورغم أجواء الحرية التي شهدها اليوم الاحتجاجي، إلا أن الفعاليات جاءت في حدود القواعد الأمنية، حيث حافظ المشاركون في الفعاليات على عدم تعطيل الشوارع أو الانتقال بفعالياتهم الاحتجاجية إلى أماكن أخرى، كانت كفيلة بإنهاء الفعاليات بشكل قسري. وقد تنوعت فعاليات اليوم، ما بين أحاديث تلفزيونية ولافتات تتحدث عن ضعف الرواتب وتأخر صرفها لمدد طويلة، وتصاعد ظاهرة الفصل التعسفي في المؤسسات الصحافية. ثم اعتصام جبهة الدفاع عن الصحافيين والحريات، بشكل رمزي في مقر نقابة الصحافيين من الساعة الثانية حتى الخامسة عصراً. تخلل الاعتصام مراسم لأطفال الصحافيين المحبوسين، وإعلان تقرير عن تطورات ظاهرة الفصل التعسفي، وتقرير عن أوضاع الصحافيين المحبوسين، ثم وقفة على سلم النقابة من الساعة الخامسة إلى السادسة، إلى جانب حفل فني ثم تقديم طلبات وبلاغات جديدة للنائب العام للإفراج عن الصحافيين المعتقلين.

إقرأ أيضاً: عام على حكم السيسي: مصر السجن الأكبر للصحافيين


وجاءت فعاليات اليوم، تحت شعار "حماية نقابية – أجور عادلة – لا للفصل – لا للحبس"، فيما كان الإضراب ضعيفاً ولمدة نصف ساعة بدءاً من العاشرة صباحاً، وهو الوقت الذي يسبق وقت العمل في الصحف، دون تسويد صفحات أو التوقف عن الطباعة.

تضامن دولي وتجاهل محلي

وعلى الرغم من الاهتمام الدولي بيوم الصحافة المصرية، إلا أن السلطات المحلية والصحف الحكومية وكثيراً من الصحف الخاصة تجاهلت فعاليات اليوم، واقتصرت التغطيات الصحافية على أخبار مبتورة، من دون تبني قضايا الصحافة الحقيقية، وغاب الحديث عن الحرية وأهميتها للصحافي، فيما تصدرت المطالب المادية من أجور وتحسين الأحوال المعيشية، في تشويه متعمد للأزمة الخانقة التي تكابدها الصحافة التي تسير في طريق الأدلجة الحكومية والأمنية.

تجلى الاهتمام الدولي، حسب ما قال جمال عبد الرحيم، سكرتير عام نقابة الصحافيين، بأن جميع أنظار العالم تتجه إلى مصر بسبب رسالة من جيم بوملحة رئيس الاتحاد الدولي للصحافيين للنقابات أعضاء الاتحاد الدولي للصحافيين، يطالبهم فيها بدعم الاحتجاج الوطني الذى دعت له نقابة الصحافيين المصريين.


وأضاف عبد الرحيم، خلال كلمة له، أنه تلقى أكثر من 35 رسالة من دول عربية وأوروبية وأميركا تعلن تضامنها مع قضايا الصحافيين المصريين.
وإزاء التجاهل الحكومي، أعلن "المعهد الديمقراطي المصري للتوعية بالحقوق الدستورية والقانونية"، عن تضامنه الكامل مع المطالب العادلة للصحافيين، داعياً الحكومة لسرعة الاستجابة لمطالب الصحافيين، مؤكداً أنها التعبير الحقيقي عن حرية الرأي بجانب التزام الدولة بضمان التأمين على حياة الصحافيين أثناء عملهم الصحافي.

مشاركة ضعيفة

وجددت فعاليات يوم الاحتجاج الصحافي ترجمة لأزمة ثقة الصحافيين في نقابتهم، في ظل نظام سياسي يقمع الحريات ولا يستمع إلا لنفسه، حيث كانت تحظى مثل تلك الفعاليات بحشود صحافية كبيرة، تتحدى المواجهات الأمنية وتتحرك للتظاهر في الميادين العامة أو أمام مكاتب رؤساء مجلس الشعب والشورى أو النائب العام. فيما بدا اليوم وكأنه احتفالية تنتهي بتقديم الطالبات التي لا يستمع لها، كما قال عدد كبير من شباب الصحافيين.
هؤلاء أكدوا أن "عزوفنا عن المشاركة في الفعاليات بسبب عدم الثقة في استجابة النظام لمطالبنا"، بينا قال سيد حمال: "للأسف نخاطب نظاماً لا يلتفت لمثل تلك الفعاليات ولا يهتم بها، بل إن النقيب دوره محدود ومرسومة معالمه لا يمكنه تجاوزه"، مستدلاً على ذلك بكلام النقيب يحيى قلاش خلال المؤتمر الصحافي ، حيث أكد "ليس لدينا صحافيون معتقلون، بل لدينا محبوسون بقضايا...ولكن سندعمهم قانونيا".

التحديات ما زالت قائمة

وتواجه الصحافة المصرية والصحافيون تحديات عدة في الفترة الحالية، من أبرزها:
- التشريعات الصحافية والإعلامية وترجمة مواد الدستور إلى منظومة تشريعية تعيد بناء نظام إعلامي جديد، وإلى مناخ يعيد الاحترام إلى ملف الحريات، ويعيد الاعتبار إلى ملف حق الصحافيين فى حياة كريمة وأجور عادلة وعلاقات عمل محترمة، دون فصل تعسفي أو بطالة.

- إعداد مشروع قانون تداول المعلومات وتعديل قانون النقابة الحالي المعمول به منذ 45 عاماً، وأصبح غير ملائم على أي نحو لسوق العمل والتطورات التي جرت على مستوى المهنة.
- حبس مئات الصحافيين وقتل العشرات في ظل نظام حكم قمعي، لا يأبه للحريات ولا للحقوق المتعارف عليها دوليا.

-توقف الصحف الحزبية والخاصة، وتشريد أكثر من 250 صحافياً، بلا عمل، ولا حتى مسكنات في ظل حظر القوانين على الصحافي القيام بأي عمل غير الصحافة ، وإلا تعرض للفصل من قوائم النقابة.

- تعنت مؤسسات الدولة إزاء الصحافيين وتهديدهم بين حين وآخر بالتحويل للمحاكمات العسكرية، كما حدث مع صحافيي الأقصر يوم الأربعاء 9 يونيو/حزيران، لطلبهم معلومات من الجهات المسؤولة في المحافظة حول حادث الكرنك. كما يواجه الصحافيون المصريون بقرارات غير مسؤولة من الجهات القضائية بمنع النشر في كثير من القضايا، ثم التصريح ببعض التفاصيل لبعض الأذرع الإعلامية، ما يعمق ثقافة التسريبات، ما يحدث المزيد من الأزمات للصحافيين في جهات عملهم، التي تسارع باتهام الصحافي بالتقصير.

- الفصل التعسفي من الصحف، والذي بات أزمة عامة ، في ضوء أزمات اقتصادية طاحنة يواجهها المجتمع المصري.
- تدخل السلطات الأمنية فيما ينشر بالصحف، ومصادرة الأعداد، كما حدث مع صحيفة الوطن أخيراً، وعودة الرقابة الصارمة داخل المؤسسات.
المساهمون