يكرهون لوني

04 مايو 2015
سأختار اللون الذي يحبونه (حسين بيضون)
+ الخط -
لماذا يبدأ النهار باكراً جداً في هذه البلاد؟

أسأل نفسي كل يوم هذا السؤال من دون أن أملك إجابة عنه. كأن عينيَّ لا تريدان أن تفتحا في هذا الصباح. أنا بحاجة إلى مزيد من الراحة في هذه الفترة. لكن "المدام" لا تريد أن تفهم ذلك، مع أنها امرأة مثلي.

لماذا تصرخ هكذا؟ لقد استيقظت. "المستر" يريد أن يشرب قهوته باكراً كل يوم. لكنّه ينام باكراً، أما أنا فلا.

لماذا لم يحددوا لي دوام عمل واضحاً؟ لكن ما الفرق؟ فمن حيث أتيت الأمر سيّان. لذلك ليست هذه بخسارة كبيرة.

المياه باردة كثيراً. لكني أحب منشفتي. لماذا يمنعونني من استعمال مناشفهم، مع أنني أغسلها كلها وأهتم بنظافتها؟ تراه لون بشرتي الذي لا يحبّونه؟

أتمنى أحياناً لو أتمكن من تغيير لون بشرتي ليوم واحد. سأختار اللون الذي يحبونه. أريد أن أرى كيف ستصبح نظراتهم إليَّ عندها. وسأضحك عليهم. سأقول لهم إنني ما زلت الشخص نفسه رغم الغشاوة فوق عيونهم. وسأضحك عليهم كثيراً.

المرآة مكسورة. لكن بإمكاني على الأقل أن أرى وجهي فيها. أنا جميلة ولوني جميل ولا أريد أن أغيّره. فليفكروا بقدر ما يشاؤون.

لا يهمني.

***

هذا الولد قليل الأدب. لماذا لا تؤدّبه والدته؟ كيف تسمح له بأن يتحدّث معي بهذه الطريقة؟ لو كان ابني الذي يربّيه والده الآن لأدّبته بشدّة. هذا الولد لا يتحرّك عن الكنبة ويريد أن يأتي كل شيء إلى عنده. لا أريد لابني أن يكون مثله أبداً. ولتحترق كل هذه الرفاهية التي يتنعّم بها في الجحيم. أريد ابني مهذباً، ويفعل كل شيء بيديه، مثلما تفعل أمّه كل شيء بيديها.

ترى هل تحبّه والدته؟ إذا كانت تحبّه لماذا تطلب مني دوماً أن أحمله عنها كلما خرجنا سوياً؟ الأم بالعادة تحب أبناءها. أحلى لحظة هي اللحظة التي تضمّهم فيها إلى صدرها. حسناً. صحيح أنه قليل التهذيب لكنني أحبّه. وسأحمله من دون أن تطلب مني ذلك. فأنا أريد أن أحمله لأحميه، لا لشيء آخر. أنا أحب الأطفال وأحب ولدي كثيراً. ولأني بعيدة عنه أحبه أكثر.

يوم أعود إلى الوطن سأضمّه كثيراً. وسأشمّه. وسأعصره عصراً. ولن أسمح لأي امرأة أخرى بأن تحمله مهما كانت قريبة. أنا أمّه وأنا وحدي التي أحمله. كم أشتاق إليه. قريباً أعود وأحمل له الكثير من الألعاب والحلويات. سأعوّضه عن غيابي. عندما أعانقه سيتبخّر تعبي كلّه. وستتبّخر النظرات القاسية بحقي. وسأنسى هذه البلاد وأهلها. كأنها لم تكن. المهم أن أرى الضحكة على وجهه. كم أفتقد هذه الضحكة.

ترى ماذا يفعل الآن؟
المساهمون