يد النهضة الثالثة

16 ديسمبر 2014
لا تريد النهضة خسارة شيئ وتهدف لإرضاء الجميع (الأناضول)
+ الخط -
يتساءل مراقبون في تونس، عمّا إذا كانت حركة النهضة قد وُفّقت في موقفها الأخير من الرئاسيات ونجحت في الخروج من "المخانق السياسية" الداخلية والخارجية التي أحاطت بها قبل ليلة السبت المشهودة؟. فعلاوة على بيان الجبهة الشعبية الذي أكد أن المرزوقي هو مرشحها الفعلي للرئاسة، بالإضافة الى استقالة حمادي الجبالي الذي اتهمها مباشرة بالحسابات السياسية، تعالت أصوات تاريخية من داخلها تدعوها الى دعم المرزوقي صراحة، والقطع مع حالة التردد البيّنة التي سيطرت على موقفها الرئاسي، في مشهد يمهّد لحالة احتجاج داخلية قد تقود الى انشقاق ممكن.

تُضاف الى هذا المشهد المركَّب، حسابات الحركة الاستراتيجية وموقفها من مشهد الحُكم القادم على الأبواب في ظل وضع نداء تونس الذي خيَّرها بينه وبين المرزوقي. وفي حدود منتصف ليلة السبت، خرج أعضاء مجلس شورى الحركة من فندق مدينة الحمامات الجميلة يتوزعون بين الفصائل، ومدّت النهضة يداً في اتجاه المرزوقي وأخرى في اتجاه نداء تونس، وبحثت لنفسها بين المُتاح عن يد ثالثة تمدها في اتجاه قواعدها الغاضبة، وما تبقى من منتقديها، في مشهد يوحي بأن الحركة لا تريد أن تخسر شيئاً وتذهب في اتجاه إرضاء الجميع، وهو ما لا يستقيم سياسيّاً في نظر بعض.

غير أن النهضة استطاعت مرة أخرى أن تتنصل من وضع المُهدّٓد بكل السهام الممكنة وتقلب معادلة إغضاب الجميع الى وضعية إرضاء الجميع وتحتفظ في المقابل بخيوط اللعبة بعيداً عن ضوضاء المدينة، وهو مشهد مناقض تماماً لموقف الجبهة الشعبية اليسارية التي جاء بيانها الرئاسي واضحاً ضد الطرفين في آن، وأضاف إليهما اتهامه للنهضة، ما يعكس تناقضاً كاملاً بين الواقفين على طرف المعادلة السياسية في تونس على اليسار وعلى اليمين.

النهضة ألقت بالكرة الحارقة الى منافسيها وحاولت أن تظهر في موقف المتمسك بالوحدة الوطنية حكوميّاً والداعمة للمرزوقي رئاسيّاً وغير المتسلطة على قواعدها داخليّاً والمتجاهلة لاستقالة الجبالي عرضيّا، غير أن العارفين بخفايا النهضة يدركون تماماً أنها تمسك بخيوط الاتجاهات الأربعة، و تحتفظ بتغيير الاتجاه إن أرادت في صمت، ومن دون خسائر كبيرة.
المساهمون