ياسر: سأعود إلى المدرسة يوماً

25 سبتمبر 2015
فتى توصيل طلبات المناقيش (العربي الجديد)
+ الخط -

ياسر طفل سوري في الثانية عشرة من عمره. هُجّر مع أهله إلى لبنان من الجانب المحرر من محافظة القنيطرة، جنوب غرب سورية. هناك كان في المدرسة مثل بقية الأطفال لا يحمل همّ عمل أو معيشة أو حرب. أما في لبنان فقد اختلف الوضع تماماً.

يعيش ياسر مع أهله في بلدة الوردانية في إقليم الخروب، جنوب جبل لبنان. يقول إنّهم هربوا من الحرب التي دمرت منزل العائلة. وفي لبنان الذي جاءت إليه العائلة فارغة الأيدي تماماً، اضطر ياسر للعمل مع باقي أشقائه من أجل استئجار منزل يؤويهم. فالوالد غير قادر على العمل، بعد أن كسر ظهره بينما كان يعمل في قطف الزيتون، وبات بحاجة إلى مساعدة دائمة في الاحتياجات اليومية البسيطة بالترافق مع العناية الطبية.

يعمل ياسر مع شقيقيه الأكبر منه. أحدهما عامل بناء، والثاني بلاّط. ويبلغ إيجار منزلهم 300 دولار أميركي شهرياً. يقول ياسر إنّه مبلغ كبير جداً يتقاسمه بالتساوي مع شقيقيه من أجل تسديده في الموعد المناسب.

أما عن عمله، فيقول: "أعمل في فرن للمناقيش، وهو عمل شاق جداً، لكن ليس لدي الخيار، فأنا مضطر لتحمل المشاق كي لا يرمي بنا مالك البيت في الشارع. مهمتي تقتصر على إيصال الطلبات إلى البيوت (ديليفيري)، بواسطة الدراجة النارية الصغيرة. يتصل الزبائن بالفرن ويسجلون طلباتهم فأوصلها بنفسي، وأنال من وراء هذا بقشيشاً أوفره وأعطيه لأمي حتى تستطيع تدبير أمورنا المنزلية من طعام وغيره".

فقد ياسر حياته السابقة في سورية، من مدرسة ونشاطات ولعب مع رفاقه في القنيطرة. ففي لبنان تحول إلى رجل بالرغم من عمره الصغير، وبات مسؤولاً مع شقيقيه عن تدبير نفقات المنزل بالكامل. لكنّه مع ذلك ما زال يحلم بسورية ومستقبلها. ويقول: "أحلم بالعودة إلى سورية لكن عندما تهدأ الحرب فيها. أريد العودة إلى بلدي وإلى مدرستي كي ألتقي برفاقي من جديد. تركت المدرسة عندما كنت في الصف السادس الأساسي، لكنّي سأعود إليها يوماً عند عودتنا جميعاً إلى سورية".

يتابع وهو يتذكر حياته في بلده: "هناك كنت أمضي الوقت في الدراسة واللهو، أما هنا فالعمل يأخذ كل وقتي. دوامي في الفرن طويل جداً، وتوصيل الطلبات إلى المنازل والمحال التجارية صعب ومرهق. وحين أعود إلى المنزل أعود منهكاً فأشعر أنّي رجل كبير في السن عاد من عمله ليتناول لقمته وينام باكراً ويرتاح من عناء العمل، لأنه سيصحو على نهار جديد مثقل بالعمل والتعب، كما كان والدي من قبل".

اقرأ أيضاً: خاف على مستقبله فكانت الهجرة
المساهمون