هارفي وينستين... من أكثر رجال هوليوود نفوذاً إلى مدان بالاغتصاب

25 فبراير 2020
يصدر الحكم بحقه في 11 مارس/آذار (سبنسر بلات/Getty)
+ الخط -

دين المنتج الهوليوودي السابق، هارفي وينستين، بالاغتصاب والاعتداء الجنسي على امرأتين، لكنه بُرّئ من تهمة "التربص الجنسي"، واقتيد إلى السجن بالأصفاد، يوم أمس الإثنين، في لحظة اعتبرتها المتهِمات والناشطات في حركة #MeToo (وأنا أيضاً) نصراً تاريخياً.

يواجه وينستين احتمال الحكم عليه بالسجن 29 عاماً، علماً أن موعد محاكمته حُدد في 11 مارس/آذار المقبل.

لكن الحكم الصادر في نيويورك، أمس الإثنين، ليس إلا البداية في محاكمة وينستين الذي يواجه قضية جنائية منفصلة في لوس أنجليس. وتشمل الاتهامات التي يوجهها المدّعون العامّون في لوس أنجليس ضد وينستين: الاغتصاب، والجنس الفموي القسري، وممارسة الجنس بالقوة. وهو يواجه احتمال السجن 28 عاماً في هذه القضايا.

بعد إدانته بالاغتصاب والاعتداء الجنسي، يوم أمس، عانى وينستين من خفقان متسارع في القلب وارتفاع ضغط الدم، ما استدعى نقله إلى "مستشفى بيلفيو" في نيويورك للعلاج، وفق ما أفادت محاميته دانا روتونو، لقناة "فوكس" التلفزيونية. روتونو المثيرة للجدل، قالت إن موكلها يتعامل مع الحكم "كرجل"، مشددة على أن المعركة لم تنته بعد، وأن الحكم سيستأنف.

"هارفي المقصّ"
يعود تاريخ الاتهامات الموجهة ضدّ هارفي وينستين إلى فترة التسعينيات ومطلع العقد الأول من القرن العشرين، في أوج نشاط استديوهات "ميراماكس" التي أنشأها عام 1979 مع شقيقه الأصغر بوب (ميرا تيمناً باسم والدتهما ميريام، وماكس على اسم والدهما)، وفق ما نقلت وكالة "فرانس برس".

بعد فيلم "سكس، لايز أند فيديوتايب" Sex, Lies, and Videotape عام 1989 للمخرج ستيفن سودربرغ، الذي نال استحسان النقّاد، أنتجت "ميراماكس" فيلم "بالب فيكشن" Pulp Fiction لكوينتين تارانتينو، و"ذي إنغلش بيشنت" The English Patients  الذي حصد تسع جوائز "أوسكار"، و"شكسبير إن لاف" Shakespeare in Love الذي نال سبع جوائز "أوسكار".

عام 1993، باع الشقيقان وينستين "ميراماكس" لشركة "ديزني" حيث بقيا حتى عام 2005، عندما أطلقا "ذا وينستين كومباني" التي أنتجت أعمالاً ناجحة، من أبرزها "إنغلوريوس باستردز" Inglorious Bastards لتارانتينو (2009)، و"ذا كينغز سبيتش" The King’s Speech عام 2010، و"ذي آرتست" The Artist عام 2011.

في الفترة الممتدة من 1990 إلى 2016، حصدت أفلام المنتج، الملقب "هارفي المقص" لتدخلاته الشديدة في المونتاج، 81 جائزة "أوسكار". خلال حفلة "غولدن غلوب" عام 2012، وصفته الممثلة ميريل ستريب ضاحكة بأنه "إله".

وفي وقت من الأوقات، قدّرت ثروته بما بين 240 و300 مليون دولار أميركي، فقد ساهم بسخاء في حملات المرشحين الديمقراطيين، بمن فيهم باراك أوباما وهيلاري كلينتون. لكن اليوم، بدأ المال ينفد من بين يديه؛ باع قبل سنتين خمسة من ممتلكاته مقابل 60 مليون دولار أميركي، وفقاً للادعاء، كما أن "ذا وينستين كومباني" اختفت. فبعد إفلاسها، اشترى صندوق "لانترن" للاستثمار أصولها، وفقاً لوكالة "فرانس برس".

وينبغي عليه أيضاً دفع نفقة لزوجتيه السابقتين، إضافة إلى ملايين الدولارات كأتعاب لمحاميه.

بداية السقوط
أصبح وينستين، الذي عمل لسنوات للوصول إلى تلك المكانة الرفيعة، منبوذاً في غضون أيام. في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" ومجلة "نيويوركر" شهادات نساء وممثلات وعارضات أزياء تتهم المنتج بالاعتداء عليهن جنسياً، وعرض مبالغ من المال عليهن لالتزام الصمت.

بعد ثلاثة أسابيع، اتهمته أكثر من 80 امرأة، من بينهن نجمات سينمائيات من أمثال آشلي جود وأنجلينا جولي وسلمى حايك، بالتحرش بمضايقات أو اعتداءات جنسية، راوحت بين القبلة القسرية والاغتصاب، في مدن مختلفة من نيويورك ولوس أنجليس وباريس ولندن إلى تورنتو، على مدار أكثر من ثلاثة عقود.

وأكد هارفي وينستين (67 عاماً)، المتزوج مرتين والأب لخمسة أطفال، أن كل العلاقات التي أقامها كانت بالتراضي. وعلى أثر الفضيحة، ولدت حركة #MeToo المناهضة للتحرش والاعتداءات الجنسية التي يُزعم أن مئات الرجال من أصحاب النفوذ يقومون بها بلا محاسبة.

استبعد وينستين، الذي كان النجم الدائم في مهرجانات الفن السابع، من "الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها" التي تمنح جوائز "أوسكار"، ثم بدأت الدعاوى المدنية في حقه تتزايد. في 25 مايو/أيار عام 2018، وجّهت إليه في نيويورك تهمتان إحداهما تعود لعام 2006 والأخرى لعام 2013. وانتشرت صور المنتج مكبل اليدين حول العالم.


قبل فترة وجيزة من بدء محاكمته في يناير/كانون الثاني الماضي، أجرى مقابلة نادرة أثارت ضجة كبيرة. إذ قال خلال المقابلة التي أجرتها معه صحيفة "نيويورك بوست": "أنتجت أفلاماً من إخراج نساء وعن مواضيع نسائية أكثر من أي منتج آخر، وذلك قبل 30 سنة وليس اليوم عندما أصبح هذا الأمر رائجاً. كنت أول من فعل ذلك! كنت رائدا في هذا المجال!".

وعندما بدأت ست نساء بالإدلاء بشهاداتهن ضده في أواخر يناير/كانون الثاني، بدا واثقاً فيما يجلس إلى جانب محاميه.

وخلال جلسات الاستماع، كان يتفوه في بعض الأحيان بكلمات قليلة أو يوزع ابتسامات متعالية على الصحافيين. وبعد تردد، لم يقدم شهادته حتى لا يخاطر بتجريم نفسه، وفق ما نقلت "فرانس برس".

ردود الفعل على الإدانة
رحبت المتهِمات بإدانة وينستين. وقالت الممثلة روز مكغوان لبرنامج "نيوز آور" على "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي)، إنه "يوم عظيم". وأضافت "البنت الصغيرة التي كنتها حين تأذيت شديدة السرور. هذا يوم عظيم. القمامة قد أُخرجت".

وفي رسالة مشتركة، اعتبرت الممثلة آشلي جود ولوسيا إيفانز وروزانا أركيت و19 من ضحايا وينستين أنه "من المخيب للآمال أن نتائج اليوم لا توفر العدالة الحقيقية الكاملة التي تستحقها الكثير من النساء"، لكنهن عبرن عن امتنانهن لجميع النساء اللاتي تشجعن على الحديث علناً عما فعله وينستين.

الممثلة ميرا سورفينو، قالت إن وينستين "سيتعفن في السجن كما يستحق". وشددت الممثلة والكوميدية سارة آن ماس على أن الإدانة في نيويورك "مجرد بداية"، قائلة إنها وغيرها "سيواصلن المعركة في لوس أنجليس"، ولافتة إلى أن "زمن هارفي وكل المغتصبين قد ولّى، وآن أوان الناجين للنهوض".

المساهمون