ويحارب الأطفال للالتحاق بمدرسة

25 يناير 2015
+ الخط -
رب ضارة نافعة.. ففي أكتوبر/تشرين الأول 2012 قامت حركة طالبان بمحاولة لاغتيال التلميذة الباكستانية الناشطة "ملالا يوسف زاي" ذات الأربعة عشر ربيعاً أثناء رجوعها من المدرسة، وكانت ملالا قد اشتهرت بدفاعها عبر تدويناتها عن تعليم الفتيات، ليبرز بعد هذه الحادثة، التي حظيت بالكثير من التغطية الإعلامية على الساحة، اهتمام حقيقي بموضوع طالما ظل منسياً ومهمشاً ألا وهو تعليم الأطفال في مناطق النزاع، فزادت المجهودات والمبادرات الموجهة لهؤلاء الأطفال، فمن "علم طفلا" إلى "التعليم للجميع" و "التعليم فوق الجميع"، ومن "أنقذوا الأطفال" إلى مبادرات إقليمية ومحلية متعددة يصعب سردها في مثل هذه المساحة الضيقة. 

ولكن الجدير بالذكر هو الظاهرة الجديدة في مجال المبادرات الموجهة نحو تعلم اللاجئين، وهي مبادرات فردية ومجهودات إنسانية بالرغم من ضعف إمكانياتها فهي تتسم بالإخلاص والرغبة الحقيقية في إحداث تغيير في حياة هؤلاء المحرومين. 

وفي إطار الاحتفال بالذكرى السادسة عشرة لميلاد ملاله يوسف زاي - في 12 يوليو/تموز الماضي (2014)- دشنت منظمة "اليونسكو" وثيقة جديدة تشير إلى ضرورة اتخاذ إجراءات وخطوات جريئة عاجلة لتوفير التعليم للأطفال في مناطق النزاع ممن بلغوا سن الالتحاق بالمدارس الابتدائية ولم يتمكنوا، وقد بلغ عددهم 28.5 مليون طفل أي ما يوازي نصف إجمالي الأطفال غير الملحقين بالمدارس على مستوى العالم (57 مليون طفل). 
من جانب آخر، تصدمنا الأرقام عندما ندرك أن التقدم الذي كان قد أحرز في مجال دمج الأطفال في المرحلة الإبتدائية في العقود الماضية، وتقلص أعداد المتسربين من 60 إلى 57 مليوناً منذ عام 2008 وحتى عام 2011، لم تشمل أياً من أطفال البلدان المتأثرة بالنزاعات الذين يمثلون حاليا 50% من الأطفال المحرومين من التعليم، بعد أن كانت نسبتهم 42% في عام 2008.
 
وفقا لوثيقة "اليونسكو" التي نشرت بعنوان "يحارب الأطفال للالتحاق بالمدرسة" فإن 44% من الأطفال المتضررين من النزاعات يعيشون في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، و19% منهم يعيشون في جنوب وغرب آسيا، وبلغت - للأسف- نسبة الأطفال الغير ملتحقين بالمدراس في عالمنا العربي بسبب النزاعات والحروب 14%. 
ولنبقَ في عالمنا العربي خصوصا في سورية لنرى حجم الكارثة التي أضرت بالتعليم والأطفال في سن المدرسة، فمنذ اندلاع الحرب في سورية اُغلقت 68 مدرسة للأنروا من مجموع 118 لتهدمها، 10 مدارس أخرى تحولت لأماكن لإيواء النازحين مما أدى إلى تضرر ثلثي الأطفال الفلسطينيين اللاجئين في الأراضي السورية. 
ولنبعد قليلا عن الأرقام ونركز على المآلات فحينما يكون ثلثا الأطفال من دون تعليم فهذا يعني جيلاً غير مؤهل لدخول سوق العمل، جيلاً مات لديه الأمل، فقد الرغبة في أن يحيا وفي أن يكون، يكره غده مثل كرهه لما رآه في أيامه الماضية، جيلاً لديه كل مؤهلات التحول للعنف والانتقام.. مؤهلاً لأن تمتلكه أفكار هدامة مثل تلك البيوت والمدارس التي رأها تتهدم فوق رؤوس أسرته، جيلاً انتظر طويلاً على أمل الحصول على مقعد في مدرسة فتحول حماسه نحو مكانة في جماعة مسلحة. 
وبالرغم من ذلك يظل هناك من يحاول ويكافح لتقديم التعليم لهؤلاء الأطفال المأزومين سواء كان في الأردن أو سورية أو على الحدود التركية وغيرها من بلدان. 
تعددت المبادرات (رغم قلتها)، وتنوعت الجهود (رغم بساطتها)، ولكنها تظل مستحقة لبعض التغطية، ليس فقط لأن القائمين عليها يخاطرون بحياتهم لمستقبل الآخرين ولكن لأنهم يمثلون شعاع النور في ظروف حالكة السواد.
المساهمون