وليد طافش: هزم الإعاقة بالفن

08 سبتمبر 2015
وليد طافش (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
برشاقة وخفة عاليتين، يقفز مُدرب الفن التعبيري والاستعراضي وليد طافش (25 عاماً)، من مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة، بين طلابه على نغمات اليرغول والشبابة وأغاني "الأووف والميجانا" الفلسطينية، تاركاً خلف ظهره، إعاقة لم تعقه عن شيء.

يلتفت الحضور إلى كل الحركات التي يؤديها الاستعراضي وليد، ويكررها خلفه الطلاب، فحركات الأرجل السريعة، والخفة في القفز والتنقل بين النغمات تشير إلى احتراف كبير، أتقنه ذلك الشاب الذي قرر مواجهة نظرات المجتمع، بالنجاح.


بدأت مشكلة الإعاقة مع الشاب الفلسطيني وليد طافش منذ اليوم الأول في حياته، بعد أن وضعته والدته مبتور اليد اليمنى، عاش في السعودية، ووصل مع أهله إلى مدينة غزة عام 2000 ليستقروا فيها، وتبدأ حياة بنكهة مختلفة، اجتماعياً، ونفسياً.

يقول وليد لـ"العربي الجديد": "تسببت نظرة الناس لي في البداية بحرج كبير، جعلني أنطوي على نفسي لفترة من الزمان، بسبب ذلك الشعور السلبي الذي كنت أقرأه في عيونهم بأنني شخص غير طبيعي"، لكن وليد كسر ذلك الانطواء وخرج معلناً هزيمة الإعاقة.
ويلفت وليد إلى أنه شارك عام 2003 بمخيم صيفي للأشخاص الذين يعانون من الصم والبكم، كان هدفه كسر الحواجز وإذابة الفروق، واستفاد كثيراً من المخيم الذي أكسبه الثقة الزائدة بقدرته على مواجهة كل التحديات.

في ذات المخيم تم تنظيم العديد من الأنشطة الفلكلورية وأنشطة الاستعراض والدبكة، حينها وجد وليد نفسه قادراً على الإبداع في هذا المجال، فبدأ منذ تلك اللحظة بالتدريب والمشاركة في الأنشطة، ما ساهم بتغيير نظرات الناس المشفقة إلى نظرات فخورة.

ويشير المدرب طافش إلى أنّ تشجيع الناس وإعجابهم في ذلك الوقت زاد من إصراره على المضي في ذات الطريق، وساهم بشكل كبير في تخطي كل العقبات النفسية والجسدية التي كانت في السابق، لافتاً إلى أنّ السبب الأساس في إصراره هو معاملة أهله العادية له، والتي لم تصل في يوم من الأيام لتكون معاملة خاصة، تشعره بأنه غير عادي.


وتلقى وليد التدريبات الخاصة بالدبكة الشعبية وفنون الاستعراض والفنون التعبيرية مع مدربين محليين وأجانب، وساهم ذلك بتطوير قدراته في الفنون التعبيرية بشكل عام، وفي التدريب داخل نادي الفنون الاستعراضية بشكل خاص.


أما فيما يتعلق بتدريبه لمجموعة أطفال على الفنون الاستعراضية والدبكة، فيقول: "في البداية كنت خائفاً من ردة فعل الأطفال عندما يشاهدون يدي المبتورة، لكن التعامل كان سهلاً جداً، وأصبحوا يؤدون الحركات المطلوبة بشكل متقن، ويستخدمون فيها يدهم اليمنى التي لا أمتلكها أنا".

ويضيف: "أسست صفحة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، بعنوان (لا يوقفني جسد)، تتحدث عن القوة الكامنة داخل كل شخص حتى وإن كان يعتقد بأنه يحمل إعاقة في جزء من جسده، مبيناً أن الإعاقة الوحيدة التي يمكن أن تعيق الشخص، هي إعاقة العقل".
ويحمل وليد رسالتين متوازيتين، أولاهما التمسك بالوطن والتراث والفلكلور الذي يعبر عن هويتنا الوطنية الفلسطينية، وثانيهما أنّ شيئاً لا يعيقنا عن تحقيق أمانينا وتطلعاتنا وأحلامنا وطموحاتنا، مهما كان صعباً.
دلالات
المساهمون