كثفت الأمم المتحدة من جهودها لاستئناف مشاورات السلام بين طرفي الأزمة اليمنية في الكويت، بعد وصول المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى العاصمة السعودية الرياض، أمس الإثنين، وعقد لقاءين مع كل من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والأمين العام لدول مجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، وسط أنباء عن نقاشات في مجلس الأمن لتبنّي بيان جديد حول اليمن، فيما أعلنت جماعة أنصار الله (الحوثيين) التزامها بموعد استئناف المفاوضات وبانتقال لجنة التهدئة إلى السعودية.
في سياق حراك المبعوث الأممي، توضح مصادر سياسية يمنية مقرّبة من الرئاسة لـ"العربي الجديد"، أن "ولد الشيخ يقود جهوداً لاستئناف مشاورات السلام في الكويت، بموعدها المحدد، عقب الموقف الحكومي الذي أعلنه هادي من مأرب، مهدداً فيه بعدم العودة للمشاركة في المحادثات، في حال حاولت الأمم المتحدة فرض خطتها، التي تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الانقلابيون".
ووفقاً للمصادر، فقد جاءت الزيارة بعد ضغوط وتحرّكات غير معلنة من قبل الأمم المتحدة على الجانب الحكومي، تضمّنت التلويح بموقف عبر مجلس الأمن. وهو ما دفع هادي إلى إطلاق تهديده بعدم العودة للمشاورات، فيما يحاول ولد الشيخ، ومن خلال لقاءاته في الرياض، التفاهم مع الجانب الحكومي على أبرز نقاط الخلاف، بما من شأنه الخروج بقرار استئناف المفاوضات في موعدها من عدمه.
وقد التقى ولد الشيخ، بالزياني، وذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس" في هذا الصدد، أنه "جرى خلال الاجتماع بحث تطورات الأوضاع في اليمن، والسبل الكفيلة بتعزيز جهود الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لاستكمال مشاورات السلام اليمنية في دولة الكويت". كما نقلت عن الزياني تأكيده دعم دول مجلس التعاون للجهود التي يقوم بها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لإنجاح مفاوضات السلام اليمنية وفق المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن 2216.
وبالتزامن مع وصول المبعوث الأممي إلى الرياض، أصدر المتحدث الرسمي للحوثيين، رئيس وفد الجماعة، إلى المشاورات، محمد عبد السلام، بياناً أكد فيه التزام جماعته بالموعد المتفق عليه لاستئناف المشاورات وبنقل لجنة التهدئة إلى السعودية، في خطوة استباقية تلقي بمسؤولية احتمال التأجيل على الجانب الحكومي، الذي أعلن اعتراضه أكثر من مرة على مقترح ولد الشيخ بتشكيل حكومة. وجدّد عبد السلام التأكيد "بما التزمنا به في جولة المشاورات الأولى مع المبعوث الدولي وبالموعد المحدد لعقد الجولة المقبلة في الكويت من دون شروط مسبقة". وذكر أن "العودة المشاورات في الكويت في تاريخها المحدد مهم للوصول إلى حلول شاملة وفقاً للمرجعيات المتفق عليها، بما فيها القرارات الدولية ذات الصِّلة بالشأن اليمني بما لا ينتهك السيادة الوطنية (مع التحفظ على بند العقوبات)، وكذلك مخرجات مؤتمر الحوار الوطني المتوافق عليها واتفاق السلم والشراكة".
من جهة أخرى، أكد عبد السلام التزام جماعته باستمرار وقف إطلاق النار، ونقل لجنة التهدئة والتنسيق التي تتألف من ممثلين عن الطرفين ومشرفين أممين، إلى مكان قريب من مسرح العمليات، في إشارة إلى الاتفاق على نقلها إلى مدينة ظهران الجنوب بالسعودية، بعد أن ساد التصعيد في العديد من جبهات المواجهات خلال الأيام الأخيرة، وتلويح الجانب الحكومي أكثر من مرة باللجوء إلى الحلّ العسكري، إذا ما استمر تعنت الانقلابيين.
يشار إلى أنه، وحسب الاتفاق المسبق مع اختتام الجولة الأولى من محادثات الكويت في 30 يونيو/حزيران الماضي، أعلن المبعوث الأممي، أن المفاوضات ستستأنف في 15 يوليو/تموز الحالي، بما يعني أن استئنافها في الموعد المحدد يخضع لأيام حاسمة حالياً، ستحدد مصير نجاح الجهود من عدمه. ويعترض الجانب الحكومي على خطة أعلن ولد الشيخ أبرز ملامحها من شقين، الأول ترتيبات أمنية وعسكرية لتنفيذ مقتضيات قرار مجلس الأمن 2216، والشق الآخر سياسي يتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وأثار الأخير رفضاً حكومياً أعلنه الوفد الحكومي في بيان، أعقب تصريحات المبعوث بيوم، وتحديداً في الأول من يوليو الحالي، بما يؤكد استمرار الخلاف الجوهري.