أحلام كبيرة لدى الشباب الجزائري، وخاصة الكوادر المتخرجة من الجامعات، "تاهت" بين المكاتب والمؤسسات والشركات من أجل الحصول على عمل، بحسب نورالدين دفوس (29 سنة)، الذي لم يجد مخرجاً سوى أن يدشن مشروعه الخاص في التكنولوجيات والمواقع الإلكترونية.
تحدث نور الدين لـ"العربي الجديد" عن بدايات المشروع الذي كان حبراً على ورق قبل أن يتحول إلى واقع ملموس، بعد استفادته من قرض مالي من الوكالة، على الرغم طول المدة التي استغرقها الملف "أخذت الإجراءات الإدارية وقتاً طويلاً، أكثر من ثمانية أشهر، إلا أن الحلم لم يجهض، وبعد أربع سنوات كاملة تمكنت من إنشاء الشركة الصغيرة وبدأت أطور البرمجيات والمواقع الإلكترونية".
وأضاف "رأى المشروع النور سنة 2015، غير أنه لم يأخذ المسار التسويقي الذي توقعته له، فواقع الحال يؤكد أن المؤسسات الكبرى تعتمد على المنتوج الأجنبي في مجال البرمجيات، على الرغم من وجود الكفاءات المحلية ".
شباب بطموحات كبيرة في الجزائر يبحثون عن أرضية لتحقيق مشاريعهم، فبالرغم من الصيغ التي أتاحتها الحكومة لمساعدتهم على تحقيق أحلامهم وطموحاتهم وإنجاز مشروعات خدمية، إلا أن كثيرين اصطدموا بالواقع "المرير"، وفقاً لزهرة زيتوني، التي قالت لـ"العربي الجديد"، إنّها منذ صغرها مولعة بالخياطة وخاصة طرز الملابس التقليدية الجزائرية، وحلمت كثيراً أن تكون لديها ورشة خياطة لتنمية هذا الموروث التقليدي، موضحة "حاولت الحصول على قرض من الوكالة الجزائرية للتشغيل لشراء آلات خياطة واستئجار محل وسط منطقة برج البحري شرق العاصمة، لكن الطريق لم يكن سهلاً".
وتابعت "لم أستسلم على الرغم من كثرة الإجراءات والوثائق المطلوبة من أجل إتمام الملف للحصول على القرض، وحصلت في النهاية على المبلغ المالي الذي يمكنني من رؤية حلمي يتحقق على الأرض، بعد 10 أشهر"، لكنها أيضاً تشتكي من ضعف وتسويق المنتوج في السوق الداخلية.
ودعت المتحدثة إلى ضرورة متابعة مشاريع الشباب وفتح المجال أمامهم، ومساعدتهم على تسويق منتجاتهم داخل الجزائر وخارجها، لافتة إلى أن الأهم ليس في إيجاد المال والدعم في إطلاق أي مشروع، ولكن كيفية إنجازه والاعتناء به ليكبر وتكبر معه الكوادر التي يضمها.
من جهته، أكد المسؤول في وكالة التشغيل ودعم الشباب على مستوى مدينة المدية غرب العاصمة الجزائرية، محمد لبتر، أن صعوبات الاستمرارية ومواصلة إنجاز المشاريع يظل أكبر سؤال يطرح اليوم في الجزائر، "فمشاريع الشباب الموجهة للاستثمار في المجال الفلاحي مثلاً، أثبتت فشلها لأن هذا القطاع يحتاج إلى العارفين لخباياه والمحبين له"، مشيراً إلى أن الآلاف من المستفيدين من الدعم توقفوا عن العمل وتحولوا إلى قطاعات أخرى، بل كثيرون أعلنوا إفلاسهم. وعزا المتحدث هذا الفشل إلى أن " الأرض لمن يخدمها" والشباب يبحثون عن الربح السريع.
يذكر أن الجزائر أنشأت أكثر من 320 ألف مؤسسة صغيرة في إطار دعم وتشغيل الشباب، مكنت من إيجاد ما يربو عن 800 ألف منصب عمل، وهي أرقام تكشف عن مدى نجاعة مثل هذه العمليات في امتصاص البطالة، وخصوصاً بالنسبة لخريجي الجامعات ومراكز التكوين المهني.