وحصل جبري على إجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام 1962، إلا أن هذا لم يمنعه من اللحاق بشغفه الفني، إذ درس أيضًا في المعهد العالي للفنون الدرامية، وفي مركز التدريب التابع لجامعة الدول العربية، ونال من ألمانيا شهادة تدريب على الإخراج عام 1966.
شغل منصب "رئيس دائرة التمثيليات"، وكان عضوًا مؤسسًا في "ندوة الفكر والفن" عام 1958، التي أدارها الكاتب رفيق الصبان، بعضوية مجموعة من المثقفين الكبار مثل صلحي الوادي، يوسف حنا، زكريا تامر وجورج طرابيشي، وعمل مع الصبان مخرجًا مساعدًا في العديد من المسرحيات المهمة، مثل "ليلة الملوك" و"يوليوس قيصر"، قبل أن يتجه للإخراج التلفزيوني من خلال تمثيلية "موقف محرج"، بعد عامين من تأسيس التلفزيون السوري عام 1960.
وترك جبري بصمة لا تنسى في عالم الدراما السورية، من خلال أعماله التي قاربت خمسين مسلسلًا، من بينها "صور ضائعة"، "أعيدوا صباحي" و"حكايا الليل" للكاتب محمد الماغوط، بالإضافة إلى 30 فيلمًا دراميًا ووثائقيًا، وعدد من المسرحيات التي شكلت بدايات كثير من ممثلي الدراما، مثل "أغلى جوهرة في العالم" للكاتبة السورية كوليت خوري، و"حكيم بالزور" لموليير.
ونعى المخرج الراحل عدد من الممثلين والمخرجين السوريين، وقدموا تعازيهم لعائلته ولزوجته الفنانة التشكيلية أسماء الفيومي، ومن بينهم الفنانة السورية يارا صبري، والمخرج مأمون البني، الذي قال: "نعم، موت المخرج غسان جبري آلمني، وخاصة أننا عشنا في ديار التلفزيون مع الأصدقاء صناع الدراما سنوات كثيرة، كانت كافية لتمكين الدراما السورية وتقريبها للذائقة لدى المشاهد العربي، كان أحد فرسانها غسان جبري وأحد مؤسسيها، كان نبيلًا في تصرفاته، مثقفًا في محادثاته، مستمعًا في حواراته، فنانًا في إنجازاته. غسان لن ننسى أعمالك التلفزيونية والمسرحية".
Facebook Post |
كما عبر الفنان جمال سليمان عن حزنه البالغ لوفاة غسان جبري، الذي وصفه بـ "الإنسان صاحب الأثر الكبير" فيما هو عليه اليوم، وقال: "كان لي شرف البداية تحت إدارته كمخرج عام 1983، وكنت خريجًا جديدًا من المعهد العالي للفنون المسرحية في بلد لا ينتج أكثر من بضع ساعات درامية في العام، فكانت فرص العمل عزيزة وغالية. بالفعل غامر غسان جبري وأسند لي، وأنا ممثل فتي ومغمور، شخصية (طرفة بن العبد) في مسلسل يحمل اسم الشاعر العظيم صاحب المعلقة، وكان من تأليف د. رياض نعسان آغا. كان رهانًا استهجنه كثيرون، فبالإضافة لكون الدور بطولة مطلقة وشخصية صعبة بلغتها وتركيبة عبقريتها، ففي ذاك الزمن كان هناك اهتمام بتجسيد شخصيات الشعراء من خلال مسلسلات تلفزيونية، وكان كبار نجوم التمثيل في العالم العربي يتصدّون لهذه الأدوار".
كما روى سليمان بعضًا من ذكريات عمله مع المخرج الراحل، موضحًا أن "ثقافة غسان جبري، ودقة إدارته وجدّيته التي لا ترحم"، كانت بالنسبة له "مدرسته الأولى في عالم الاحتراف، وخطوته الكبيرة على طريق طويل"، وأضاف: "كان مخرجًا كبيرًا وقاسيًا على من يعمل معه، له ولقسوته أدين بفضل كبير".
Facebook Post |
وكتب المخرج هيثم حقي على "فيسبوك": "وداعاً غسان جبري، وداعاً لأحد مؤسسي الدراما التلفزيونية السورية، تحاورنا كثيرًا، واختلفنا كثيرًا، لكننا لم نفقد الودّ الإنساني، ومنذ سنوات المنفى لم نلتق، لكنه وزوجته الفنانة التشكيلية السورية الكبيرة أسماء فيومي دائماً في البال، لغسان جبري المخرج والإنسان الذكر الطيب، ولأسماء وأبنائه والعائلة ولصنّاع الدراما السورية خالص العزاء".
Facebook Post |