وفاة الإعلامية أمال فهمي.. صوت الإذاعة

09 ابريل 2018
رحلت عن 92 عاماً (تويتر)
+ الخط -


بعد صراع سنوات قضتها مع المرض، غيّب الموت، اليوم الأحد، الإذاعية المصرية، آمال فهمي، عن عمر 92 عاماً أثناء تلقيها العلاج في مستشفى المعادي العسكري. وسيتم تشييع جثمانها غدًا الاثنين من مسجد عمر مكرم.

وقضت الإذاعية ما يقرب من ستين عاماً في تقديم فوازير رمضان، إذ كانت أول من أدخل فكرة الفوازير نفسها إلى العالم العربي. وظلت تقدمها كل عام منذ 1955 حتى 2014 وتوقفت بسبب ظروفها المرضية. كما اشتهرت بتقديم برنامج "على الناصية" الذي طالما ساهم في حلول لمشكلات عديدة.


وعانت الإعلامية من تجاهل الوسط الإعلامي لها. فبعد سقوطها من أعلى السلالم في مبنى ماسبيرو جلست في منزلها، وأعلنت اعتزالها الإعلام، لكن أقنعتها وزيرة الإعلام وقتها درية شرف الدين بالعودة، فعادت، ولما شعرت بالإرهاق تحدثت مع مجدي سليمان، رئيس شبكة البرنامج العام حينذاك، وطلبت منه الاستعانة بمعد للبرنامج ليعد الفقرات ويجري الاتصالات، ولكنها فوجئت بصمته وهو ما أشعرها بالتجاهل الشديد، حتى أنها قررت أن تذهب إلى بيتها ولا تعود. ولما فعلت ذلك فوجئت بعد أيام باستبدال برنامجها "على الناصية" بآخر لإذاعة الأغنيات، حتى أن الإذاعة لم تعتذر ولم تقدم تنويهاً للجمهور.

ولم يكن لأمال فهمي أي أولاد أو زوج وأشقاء، لذا فرغم شعورها في الكثير من الأحيان بتحسن حالتها الصحية، إلا أنها لم تكن تغادر المستشفى، وكانت تفضل الإقامة بها لتجد من يهتم بها، خاصة وأنها عانت الكثير من الخادمات في بيتها سواء في سرقتها أو المغالاة في أجورهن، وأنها لم تكن تملك سوى معاشها الذي يبلغ أربعة آلاف جنيه.


ولدت آمال فهمي سنة 1926، وحصلت على ليسانس الآداب في اللغة العربية في جامعة القاهرة، ثم بدأت العمل بالإذاعة المصرية سنة 1951. 

وتعد آمال فهمي أول امرأة ترأس إذاعة الشرق الأوسط، وكان ذلك سنة 1964، كما شغلت العديد من المناصب، مثل منصبها وكيلاً لوزارة الإعلام، ومستشارًا لوزير الإعلام.

واشتغلت أمال في العمل الإذاعي لما يزيد عن ستين عاماً، وكانت أول امرأة تشغل منصب رئيس إذاعة الشرق الأوسط، وكانت الوحيدة التي تستطيع الوصول إلى لقاءات الكثيرين من المشاهير، مثل جميع أعضاء مجلس قيادة الثورة، ومصطفى أمين وعلي أمين والملك حسين، وشكري القواتلي، والمناضلة جميلة بوحريد، وأحمد بن بيلا أول رئيس للجزائر بعد الاستقلال، وجاجارين رائد الفضاء.

حققت أمال فهمي نجاحات عظيمة حتى بعد ظهور التليفزيون وكمّ القنوات الفضائية، وكانت محتفظة بمكانتها في آذان جمهورها في شهر رمضان، حيث استطاعت أن تضع بصْمتها بقوة على الفوازير التي بدأت باستضافتها للمشاهير، وقراءتهم لبعض الجمل من أحد الكتب، وكانت الفزورة المطلوب حلها من الجمهور هو معرفة صاحب الصوت، وكانت الجائزة التي تمنح للمستمعين عبارة عن جنيهين وثلاثة وخمسة جنيهات.

وبمرور السنوات تعاونت أمال فهمي مع الشاعر بيرم التونسي، حيث كان يكتب الفوازير، وهي تلقيها بصوتها المميز، وكانت كل الفوازير التي تلقيها متعلقة بشهر رمضان وبعض الطقوس فيه، ثم تعاونت مع الشاعر صلاح جاهين حتى وفاته، ثم عملت مع الشاعر بخيت بيومي الذي استمر معها لمدة 17 عاما، وأنهت رحلة فوازيرها مع الشاعر بهاء جاهين.

كانت أمال فهمي لديها لدغة في بعض الحروف، وكانت تريد أن تُجري عملية جراحية للتخلص منها، ولكنها وجدت أن مستمعيها اعتادوا عليها في هذه اللدغة وأحبوها بها، فكان قرارها بوقف التفكير في إجراء العملية.

على الرغم من ظهور القنوات الفضائية بهذا الكمّ الكبير إلا أنها كانت مؤمنة حتى وفاتها أن أهل الإذاعة ازدادوا ثقة وكانوا سعداء بجمال المنافسة، وأصبح الاهتمام أكبر بالمحتوى الإذاعي، وأوضحت أن مذيعي التليفزيون المتميزين تربّوا في مدرسة الإذاعة.

وقد سبق لأمال أن عملت بالتلفزيون المصري، حيث قدمت أربع حلقات من برنامج "لقاء الجماهير"، وتوقفت لأنها لم تشعر بنفسها وشعرت أنها شخصية مصطنعة، ومنذ هذا الوقت ورفضت أمال العمل بالشاشة الصغيرة.

وللإذاعية الراحلة بصمات واضحة في مسيرتها الإعلامية، فقد ربطت برنامجها الجماهيري "على الناصية" بالأعمال الخيرية والتنسيق مع الجهات المعنية. 


وكانت دوما تؤكد أن الإذاعة تعتمد على الخيال وهو ما يعطي للمستمع الإحساس بما يستمع، فمن الممكن إضحاكه وإبكائه من دون صورة، وكانت على حد قولها تجمع تبرعات عديدة اعتمادا منها على الوصف، وهو ما سبق وحدث ذلك حينما استطاعت جمع ثمانية ملايين جنيه من أجل علاج طفل مريض بالسرطان حينما وصفته أنه من دون شعر.

كما كانت صاحبة فكرة برنامج "الشعب يسأل والرئيس يجيب" مع الرئيس المعزول، محمد مرسي على البرنامج العام.

وقد تعدد تكريم الراحلة آمال فهمي في مناسبات عديدة، كما حصلت على جائزة مصطفى وعلي أمين للصحافة؛ لما أنجزته من تحويل التحقيقات الصحافية إلى تحقيقات إذاعية.

وفي لقاء لها قارنت أمال بين مذيعتي الراديو والتليفزيون، قائلة إن مذيعات الشاشة الصغيرة تعتمد كل منهن على تسريحة شعرها وفستانها وعوامل خارجية عديدة، أما مذيعات الراديو فاعتمادهن على العقل وصوتها ولسانها، وأشارت إلى أن مذيعات التليفزيون يحتجن إلى الكثير من التدريبات والإلمام بكل الموضوعات والصدق، كما كان لأمال وصف شهير للتليفزيون أنه جهاز "كسيح" لا يتحرك. 

المساهمون