تكشف مصادر قريبة من دوائر صناعة القرار الرسمي المصري عن اتصالات تجريها أطراف داخل مؤسسة الرئاسة المصرية مع وزير الاستثمار في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك في الفترة من 2004 وحتى 2010، محمود محيي الدين، لتكليفه بمنصب رئيس الحكومة.
ووفقاً للمصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن التفكير في تكليف محيي الدين، والذي يشغل منصب مدير في البنك الدولي، برئاسة الحكومة، ليس وليد اللحظة، وإنما تم عرض المنصب عليه خلال زيارته للقاهرة في سبتمبر/أيلول 2015، والتي كانت الزيارة الأولى له لمصر في أعقاب 4 سنوات من ثورة 25 يناير والتي قامت ضد نظام مبارك.
وحالف الحظ محيي الدين عندما قُبل ترشيحه لمنصب مدير في البنك الدولي، مقرراً ترك منصبه كوزير للاستثمار، في أكتوبر/تشرين الأول 2010، أي قبل ثورة يناير بنحو بشهرين فقط، إذ يعد من رموز نظام مبارك القلائل الذين لم تطاولهم أية ملاحقات قضائية.
وأوضحت المصادر أن تفكير مؤسسة الرئاسة في تكليف محيي الدين بمنصب رئيس الحكومة، يرجع إلى ثقة المؤسسات النقدية الدولية في اسمه وإلى خبرته الاقتصادية. وبحسب المصادر، فإن النظام المصري الحالي دأب، خلال الفترة الماضية، على استشارة محيي الدين في عدد من الخطوات، مثل قرض صندوق النقد الدولي، ومسألة طرح عدد من أصول الدولة وشركات القطاع العام للطرح في البورصة كنوع من الخصخصة غير المباشرة، لا سيما أنه كان قائد سياسة خصخصة القطاع العام في عهد مبارك، إذ تم خصخصة عدد من مصانع الإسمنت والأسمدة المملوكة للدولة خلال توليه الوزارة.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، جدد البنك الدولي تعيين محيي الدين، الحاصل على الدكتوراه في اقتصاديات التمويل وسياسات التحرر المالي في الدول النامية، كمدير تنفيذي لمدة 4 سنوات، تنتهي في 2020 إذا قرر الاستمرار في منصبه.
كما أشارت المصادر إلى أن مؤسسة الرئاسة المصرية تسعى لترشيح محيي الدين لقطع الطريق على طرح الداعمين الخليجيين لاسم المرشح الرئاسي الخاسر في انتخابات 2012 أحمد شفيق، المدعوم بقوة من دولة الإمارات، والتي يقيم فيها منذ هروبه من مصر في أعقاب هزيمته في الانتخابات الرئاسية. وأوضحت المصادر أن من بيان نقاط القوة التي يراها داعمو تعيين محيي الدين، هو تمتعه بسمعة جيدة لدى قادة الخليج، منذ أن كان وزيراً في عهد مبارك، وبسبب منصبه الحالي. يضاف إلى ذلك أنه تربطه علاقات قوية بعدد من وزراء المجموعات الاقتصادية في تلك الدول.
ويأتي طرح اسم محيي الدين لخلافة رئيس الوزراء الحالي شريف إسماعيل، الذي تواجه حكومته غضباً شعبياً، في ظل ارتفاع الأسعار بشكل جنوني، وتأثر الطبقات الفقيرة بالسياسات التي يصفها مراقبون بالكارثية، واتجاه القاهرة للمؤسسات النقدية الدولية للاقتراض، بعد تراجع المساعدات الخليجية وتوقف بعض دول الخليج عن تقديم إعانات جديدة للنظام الحالي، في ظل تراجع عوائد البترول، وفشل النظام الحالي في إدارة المساعدات المالية التي حصل عليها.