وزراء خارجية أوروبا يحددون اليوم "التأثير الدقيق للتهديدات الأميركية"

28 مايو 2018
يسعى الأوروبيون لحماية استثماراتهم في إيران (فرانس برس)
+ الخط -
يلتقي وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي اليوم الإثنين في بروكسل، في أول اجتماع دوري لهم بعد انسحاب الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي مع إيران. اجتماع يُنتظر أن تحضر على جدول أعماله العديد من الملفات، على رأسها الملف النووي الإيراني، بعد لقاء لجنة الخبراء في فيينا يوم الجمعة الماضي، إضافة إلى الوضع في قطاع غزة وفي القدس المحتلة بعد نقل السفارة الأميركية إلى المدينة على الرغم من التنديدات الدولية.

إيران دائماً
قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في 8 مايو/أيار، بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران، وضع الأوروبيين أمام أزمة حقيقية، إذ دفعهم الوضع منذ أيام إلى السعي من أجل إنقاذ الاتفاق من جهة، وإلى محاولة تفادي العقوبات الأميركية التي يُنتظر أن تطبّق على كل الشركات، ومنها الأوروبية، التي تتعامل مع طهران، من جهة أخرى.

وقد أعرب الاتحاد الأوروبي، منذ الإعلان الأميركي، عن التزامه الكامل وتشبثه بالاتفاق الذي يُسمى بـ"خطة العمل المشتركة الشاملة"، شرط أن تستمر إيران بالالتزام بالاتفاقيات التي تم التوصل إليها في إطاره. لذا "يُنتظر أن تتمحور النقاشات بين الوزراء حول مجموعة من المواضيع: كيف يمكن التعامل مع المخاوف الإضافية التي تشكّلها إيران لجهة الصواريخ البالستية أو دورها في المنطقة؟ كيفية التعامل مع العقوبات الأميركية وحماية الاستثمارات الأوروبية في المنطقة؟ وكيف يمكن استعادة الحوار مع واشنطن"؟ كما يقول الخبير في الشؤون الأوروبية فيليب رينييه لـ"العربي الجديد".

ويشير رينييه إلى أن "النقاشات الأولى المتعلقة برد الفعل الأوروبي انطلقت خلال القمة الأوروبية غير الرسمية التي عُقدت في صوفيا ببلغاريا في 16 مايو الحالي، كما أن الاتحاد الأوروبي قد بدأ البحث عن تدابير للتعامل مع عواقب القرار الأميركي، خصوصاً الاقتصادية منها، إضافة إلى المجالي المالي ومجال الطاقة، من خلال بدء المشاورات داخل المفوضية الأوروبية وإعداد حزمة من الإجراءات في الأيام المقبلة". ويشدد على أن الأمر الأهم حالياً هو "تحديد التأثير الدقيق للتهديدات الأميركية، وهو بالتالي الموضوع الرئيسي الذي سيتصدّر اجتماع رؤساء الدبلوماسية الأوروبية اليوم". فالعديد من الدول "تخشى الآن أن يعوق قرار الولايات المتحدة العلاقة عبر ضفتي الأطلسي"، في وقت تعتبر فيه معظم الدول الأوروبية هذه العلاقات والتعاون مع الولايات المتحدة مسألة رئيسية للسلام والأمن والازدهار للقارة، كما يقول الخبير الأوروبي لـ"العربي الجديد"، مضيفاً "ليس هناك شك في أنه يجب علينا التعامل مع الولايات المتحدة والتفكير معها بالحلول".

وسيتطرق الوزراء الأوروبيون إلى نتائج اجتماع لجنة الخبراء التي التقت في فيينا يوم الجمعة الماضي. وتضم اللجنة ثلاث دول أوروبية بالإضافة إلى ممثلة عن الاتحاد الأوروبي. وشددت في بيانها الختامي على أنها ستواصل الجهود المشتركة بهدف التوصل إلى حلول عملية بشأن مجموعة من القضايا في غضون الأسابيع القليلة المقبلة: الحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع إيران وتعميقها؛ استمرار بيع منتجات النفط والغاز البترولية الإيرانية والبتروكيماويات والتحويلات ذات الصلة؛ معاملات مصرفية فعالة مع إيران؛ استمرار علاقات النقل البحري والبري والجوي والسكك الحديدية مع إيران؛ زيادة توفير الائتمان التصديري وتطوير المنتجات ذات الأغراض الخاصة في مجالات الخدمات المصرفية والمالية والتأمين والتجارة، بهدف تيسير التعاون الاقتصادي والمالي، بما في ذلك عن طريق تقديم دعم عملي للتجارة والاستثمار؛ مواصلة تطوير وتنفيذ مذكرات التفاهم والعقود بين الشركات الأجنبية والنظراء الإيرانيين؛ مزيد من الاستثمارات في إيران؛ حماية الشركات الاقتصادية وضمان تطبيق الإجراءات القانونية؛ مواصلة تطوير بيئة أعمال شفافة قائمة على القواعد في إيران.


وتهدف هذه الجهود، بحسب اللجنة، إلى الحفاظ على مصالح الشركات والمستثمرين العاملين مع إيران. وأشار المشاركون في الاجتماع إلى أن الشركات التي تزاول أعمالاً مشروعة مع طهران تتصرف بحسن نيّة استناداً إلى الالتزامات الواردة في "خطة العمل المشتركة الشاملة". وشددت اللجنة على التزامها بالعمل لضمان استمرار تقديم هذه الفوائد وتحقيق هذه النقاط المتفق عليها. وكخطوة تالية، اقترحت إيران عقد اجتماع وزاري للجنة المشتركة.

وضع غزة والقدس
كان من المقرر التطرق إلى هذا الملف في بداية اجتماع رؤساء الدبلوماسية الأوروبية، ولكن تأجّلت مناقشته إلى مأدبة الغداء بين الوزراء، لخطورة الملف بعد أن وصل عدد الضحايا إلى 112 قتيلاً وأكثر من 6 آلاف جريح وفقاً للدبلوماسيين الأوروبيين.

ويُنتظر أن تذكر منسقة السياسة الخارجية والأمنية الأوروبية، فيديريكا موغيريني، أن العنف في غزة، ونقل السفارة الأميركية إلى القدس، هو مصدر قلق للأوروبيين. ولكن كما يفسر فيليب رينييه، لـ"العربي الجديد"، "إذا كان جميع الأوروبيين يدعمون الدعوات إلى ضبط النفس وتهدئة التصعيد الموجّهة إلى جميع الأطراف، فإن العدد المرتفع من الضحايا يثير مسألة ما إذا كانت الإجراءات الإسرائيلية متناسبة". ويضيف "لكن الأوروبيين يريدون الحفاظ على خطاب متوازن: يجب على حركة حماس وغيرها من المنظمات الفلسطينية ضمان الطبيعة السلمية للتظاهرات"، من دون اتخاذ أي إجراء أو ضغط في حق إسرائيل، مذكّراً بأن "كل الدول الأوروبية لم تصوّت في الاتجاه نفسه خلال الاجتماع الأخير لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة الماضي حول الوضع في غزة".

أما بالنسبة للقدس، فسيشكّل هذا الاجتماع تذكيراً بالموقف الرئيسي للاتحاد الأوروبي، بأن أي وضع مستقبلي تحدده المفاوضات بين الطرفين، ولا نقل لمقر السفارات إلى أن يتم التوصل إلى اتفاق سلام شامل. "مواقف مبدئية سيتم التأكيد عليها بصوت واحد حتى وإن كانت كل دولة تتعامل بخصوص هذا الملف وفق علاقاتها مع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية"، يقول رينييه، مشيراً إلى أن "رومانيا ما زالت تقول إنها تدرس نقل سفارتها إلى القدس".

وللتذكير فالاتحاد الأوروبي هو، قبل الولايات المتحدة، الشريك التجاري الأول لإسرائيل، إذ بلغت قيمة التبادل التجاري بين الطرفين 34.3 مليار يورو في عام 2016. وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن الصادرات الإسرائيلية إلى الاتحاد الأوروبي قد ارتفعت بنسبة 20 في المائة عام 2017، ليصل نصيب الاتحاد إلى نسبة 34 في المائة من صادرات إسرائيل. وهو ما يعني أن الاختلافات السياسية بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي لا تمنع استمرار العلاقات التجارية بل وتعزيزها.

المساهمون