وجوه في التضامن

29 يوليو 2018
راشيل كوري دهستها جرافة إسرائيلية برفح 2003 (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -
عندما قررت الناشطة الأميركية الراحلة راشيل كوري المجيء إلى قطاع غزة، عام 2003، كان راسخاً في ذهنها بعض المشاهد عن احتلال يمارس كل أشكال الظلم ضد الفلسطينيين، وهو ما أرادت رؤيته واقعاً، كي تنقل رسالة المكلومين إلى العالم، غير أن مشهد قتلها فيما بعد من قبل جرافةٍ إسرائيلية، عندما حاولت منعها عن هدم منزلٍ سكني في مدينة رفح جنوبي القطاع، أضافها إلى ضحايا هذا الواقع المأساوي.
تضامن الشابة الأميركية الراحلة مع غزة، عندما جاءت إلى القطاع ضمن وفدٍ من حركة التضامن العالمية آنذاك، أصبح مشهداً راسخاً عند كثير من المتضامنين الدوليين مع غزة والذين جاؤوا إليها، سواء كانوا أفراداً أو جماعات على مدار السنوات الماضية، ولا سيما من عبروا إليها كـ"متضامنين" تحت وقع القصف الإسرائيلي خلال الحروب الثلاث على القطاع.
ولأن التاريخ يسجل كثيراً من أوجه التضامن مع غزة، فلا يمكن للفلسطينيين أن ينسوا الناشط الإيطالي فيتوريو أريغوني والذي أكمل مسيرة التضامن العالمية بعد راشيل كوري، ووثق مجازر الاحتلال بحق الغزّيين كما عايشها هو خلال حرب عام 2008، ثم نقلها إلى العالم، وساهم في فضح الاحتلال أمام العالم.
هؤلاء المتضامنون وإن ماتوا، فإن رسائل ظلم الاحتلال وغطرسته قد أوصلوها بدمائهم إلى بلدانهم قبل دول أخرى باتت تعلم الشيء الكثير عن الانتهاكات الإسرائيلية ضد سكان غزة، وضد الفلسطينيين عموماً.
ومع السنوات، يذكر الفلسطينيون قوافل كسر الحصار عن غزة والتي حملت في سفنها العشرات من المتضامنين من مختلف الدول العربية والأجنبية، وفي الوقت الذي حاول الاحتلال اعتراضها، كان بممارساته تلك يفضح نفسه أمام العالم.
ويظهر رئيس الهيئة الشعبية العالمية لدعم غزة ومنسق قوافل "أميال من الابتسامات"، عصام يوسف، والذي جاء إلى غزة أكثر من 20 مرة متضامناً وداعماً، وخلالها نقل العديد من رسائل الغطرسة الصهيونية إلى العالم، وما زال حتى اللحظة، يُذكّر العالم بـ"نهج العدوان والغطرسة التي تحكم العقلية الإسرائيلية".
وتسجل حالة التضامن العربي والدولي مع غزة، على مدار عدة سنوات، حضوراً واسعاً من السياسيين والإعلاميين والناشطين والحقوقيين ونواب برلمانيين من دول مختلفة حول العالم، ومن هؤلاء الإعلامية في قناة الجزيرة خديجة بن قنة، والبرلمانية النيوزليندية مراما ديفدسون، والناشطة علا عابد من الأردن، والبرلمانية لطيفة الحباشي من تونس، وهؤلاء جاؤوا مع قافلتي كسر الحصار "أمل" و"زيتونة" في سبتمبر/أيلول 2016.
وخلال فترة حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، شهدت غزة أثناء عدوان 2012 عبور العديد من الوفود التضامنية إلى القطاع، وفي العام نفسه، وصل وفد تضامني من مصر إلى غزة، ضم 52 فرداً من سياسيين ونواب وأحزاب سياسية وقيادات من القوى الوطنية من مختلف التوجهات بالإضافة إلى إعلاميين.
لكن معظم المتضامنين اليوم من العالم العربي، يخشون إعلان تضامنهم مع فلسطين، في ظل موجة التطبيع العاتية التي تجتاح المنطقة، وفي ظل سطوة عرابي التطبيع، وقادة الثورات المضادة.
المساهمون