وجبة الإفطار في سورية ترتفع 300%

08 يوليو 2015
غياب العديد من السلع الغذائية عن المائدة (الأناضول)
+ الخط -
السوريون لا يعيشون أجواء شهر رمضان. استنتاج طبيعي في بلد تمزّقه الحرب من سنوات، خصوصاً مع غياب التنوّع الغذائي والموائد الرمضانية السخية، حيث لا يتيح ارتفاع الأسعار الكبير بفعل الحرب أي إمكانية لممارسة ما كان يعتبر أحد أشهر طقوس شهر الصوم لدى المواطنين. لا بل إن بعض الأسر افتقد الغذاء بحد ذاته. فمن المفارقات الحزينة أن يترافق حلول شهر رمضان على السوريين مع تحذيرات الأمم المتحدة بإيقاف المساعدات الغذائية المقدمة لملايين اللاجئين والنازحين، بسبب نقص التمويل... فكم تبلغ قيمة المائدة الرمضانية في سورية اليوم؟


تقول سهى، التي تقيم في دمشق، لـ"العربي الجديد": "ارتفعت أسعار الخضار والفواكه والمواد الغذائية مع بداية شهر رمضان، وعادت للاعتدال بعد مرور بضعة أيام، لكنها بقيت مرتفعة قياساً بدخلنا"، وتشير إلى أن عائلتها اعتادت أن تدفع نحو 15 ألف ليرة سورية تكاليف المواد الغذائية في شهر رمضان قبل موجة ارتفاع الأسعار في الأعوام الماضية، لكنها اليوم تدفع نحو 60 ألف ليرة سورية.

أما شادي، الموظف في القطاع الخاص في دمشق، فيقول: "أسعار كل المنتجات والخدمات باتت كالنار، ولا نستطيع أن نفعل شيئاً، وهذا يحرمنا أجواء رمضان المعتادة". ويضيف لـ"العربي الجديد": "بات سعر كعكة المعروك، وهي كعكة مصنوعة من الطحين والحليب ويضاف إليها اليانسون والمطيبات، وتعد من الأكلات الشهيرة في رمضان، بات سعرها بين 100 إلى 150 ليرة سورية، ولا أصدق أننا كنا نشتريها بـ15 ليرة فقط قبل ثلاث سنوات، ارتفع سعرها نحو عشرة أضعاف فيما ارتفع دخلي أقل من الضعف!".

إلى ذلك، ارتفعت أسعار وجبات الإفطار في المطاعم في دمشق القديمة، ففي حين كان سعر الوجبة للشخص الواحد يراوح بين 300 ـ 1000 ليرة حسب المطعم، فهي تسجل اليوم بين 1200 ـ 4000 ليرة سورية للشخص.

وتشير دراسة حديثة صادرة عن مركز "تشاتام هاوس" البريطاني عن الاقتصاد السوري، إلى أن معدل التضخم السنوي قد سجل ارتفاعات متتالية بدءاً من 4.2% عام 2011، مروراً بـ37% عام 2012، و88% عام 2013، ونحو 37% عام 2014. فيما انخفضت قيمة العملة المحلية بنسبة 80% منذ اندلاع الثورة، بحسب المركز. لكن تقارير أخرى سجلت انخفاضاً أكبر في قيمة العملة المحلية، إذ يشير أحد تقارير منظمة الإسكوا إلى أن العملة السورية انخفضت بما يعادل 240% مقارنة بقيمتها في العام 2011. كما يشير تقرير المركز السوري لبحوث السياسات إلى ارتفاع أسعار المستهلك بمعدل 178% منذ 2011 وحتى مطلع 2014، وخصوصاً أسعار السلع الأساسية، كالألبان والأجبان والبيض، التي ارتفعت بمعدل 360%، كما ارتفعت أسعار مجمل السلع الغذائية بمعدل 275 %. ورغم حاجة السوريين الماسة لهذه النوعية من المنتجات في شهر رمضان، لكن ارتفاعها بالمعدلات المذكورة يجعلهم عاجزين تماماً عن متابعة نمط حياتهم السابق.

اقرأ أيضاسورية: الأزمات والحروب تنعش المبادرات المجتمعية

وفي هذا السياق، يلاحظ الباحث الاقتصادي، رياض سرحان، "تقلّص الاستهلاك الخاص للأسرة السورية، وذلك بسبب تراجع القوة الشرائية للعملة المحلة بصورة كبيرة مقابل زيادة طفيفة على الدخول وفقدان مئات الآلاف لوظائفهم، فضلاً عن قلة المعروض من السلع والخدمات في الأسواق". ويضيف، في حديث لـ"العربي الجديد": "زاد إنفاق الأسرة على الاستهلاك الغذائي بالقيمة الإسمية بشكل كبير، لكن قيمته الحقيقية تراجعت وبات الحصول على كميات كافية من الغذاء تحدياً كبيراً لملايين السوريين". وهو ما يؤكده عادل، المقيم في مدينة حلب، والذي يقول لـ"العربي الجديد": "في شهر رمضان جرت العادة أن أنفق مع أسرتي المكوّنة من ثلاثة أشخاص أكثر من المعتاد على الغذاء واللباس لسد حاجاتنا في هذا الشهر الاستثنائي، لكن مع ارتفاع الأسعار، وجدنا أنفسنا ننفق ثلاثة أو أربعة أضعاف ما كنا ننفقه في العام 2011 ونحصل على كميات أقل من الغذاء".

معاناة الغوطة
ترتفع درجة المعاناة في الغوطة الشرقية المحاصرة من قبل قوات النظام السوري. في هذه المنطقة يجلس المواطنون على مائدة الإفطار ورؤوسهم تحدق في السماء تحسباً من برميل متفجر أو قذيفة مدمرة. يقول الناشط زاهر السكري لـ "العربي الجديد": "هنا تصل أسعار بعض المنتجات إلى عشرة أضعاف ما هي عليه في العاصمة دمشق". وعلى سبيل المثال، يذكر السكري أن سعر صحن البيض يبلغ نحو 600 ليرة في دمشق مقابل 3500 ليرة في الغوطة، والبرغل 160 ليرة في دمشق و1000 ليرة في الغوطة، الأرز 300 ليرة مقابل 800 ليرة في الغوطة، السكر 150 ليرة مقابل 2000 ليرة، البطاطا 75 ليرة مقابل 1100 ليرة، أما ربطة الخبز التي يبلغ سعرها 65 ليرة في دمشق فتباع بأكثر من 500 ليرة في الغوطة
المساهمون