واقع غزة في رسوم بألوان داكنة

04 فبراير 2015
تصويرعبد الحكيم أبو رياش
+ الخط -


وقفت الفنانة التشكيلية الفلسطينية آمنة السالمي أمام لوحتها التي رسمت فيها فتاة فلسطينية عابسة الملامح باللونين الأحمر والأسود، تنظر إلى السماء بغضب، بعد فشلها في إكمال عزفها على العود، نتيجة ارتفاع صوت الطائرات الحربية الذي طغى على صوت الموسيقى.

إلى جوار لوحة السالمي، اختصرت اثنتان وخمسون لوحة فنية حال الفلسطينيين في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي الأخير عليه، وعكست ألوانها الداكنة الحالة النفسية السيئة التي خلفتها تلك الحرب، بما حملته من آلام ودمار وويلات على الأطفال والنساء والشيوخ.

"افتراض"، هو اسم المعرض الذي ضمّ تلك اللوحات التي عُرضت في جمعية الشبان المسيحية في غزّة، والتي عبرت عن الحالة الصعبة التي مرّ وما زال يمرّ بها أهالي القطاع، ويعتبر المعرض باكورة عمل مجموعة "افتراض" التي تضم عشرات الفنانين التشكيليين.

واختلفت أشكال وألوان وأحجام اللوحات المعروضة، لكن جوهر تلك اللوحات وروحها لم يختلف، حيث عكست مشاهد البؤس والخوف والارتباك وعدم الطمأنينة والهلع الذي أصاب مختلف أعمار أهالي القطاع المحاصر، والتي ما زالت عالقة في ملامحهم حتى بعد انتهاء الحرب.

الألوان الترابية الداكنة، تجاورت إلى جانب الألوان الزاهية التي عُرضت على خجل، وكان إلى الجوار منها لوحات جسدت التراث الفلسطيني القديم، وأخرى رسمت الأصالة الفلسطينية العربية عبر الخيول وملامح الفتيات العربية.

وعن مشاركتها في المعرض تقول الفنانة التشكيلية هبة صلوحة لـ"العربي الجديد"، إن لوحتها جسدت الفتاة الفلسطينية التي ضجرت من الحصار الإسرائيلي، فتحوّلت إلى شجرة متشبثة في الأرض، لكنها لم تتخلَّ عن الأمل الذي أثمر "مفاتيح العودة"، لافتة إلى أهمية المعارض الفنية في إبراز المواهب الفلسطينية.

إلى الجوار منها، وقفت الفنانة التشكيلية أنوار أبو جميزة، وتناولت لوحتها فتاة فلسطينية عصفت بها هموم الحرب، وتقول لـ"العربي الجديد" إن تلك الفتاة ارتدت الثوب الفلسطيني المزين بالعلم، لكن باقي اللوحة اتشحت باللون الأسود والأحمر، في دلالة على العنف والأوضاع الصعبة التي مرّت وتمر بها المرأة الفلسطينية.

أما الفنانة التشكيلية داليا عبد الرحمن، فقد هربت عبر لوحتها من الواقع الصعب الذي يمر به قطاع غزة، وتقول: "مللت من رسم الدمار والركام والدم ومشاهد القتل، لذلك رسمت في لوحتي ملامح الحياة الطبيعية، واستخدمت الألوان الزاهية التي تعكس واقع الحياة خارج غزّة، وآمل أن تصبح تلك اللوحة هي واقع الحياة داخل القطاع".

مختلف الأشكال الانفعالية للإنسان جسدها الفنان التشكيلي أحمد اليعقوبي، الذي قال لـ"العربي الجديد" إن الحرب أثرت على كل الأشخاص بمختلف مراحل أعمارهم، وأنها غيرت ملامح الجميع، حتى الذين لم يصابوا في الحرب، نتيجة النفسية السيئة التي انعكست عليهم.

وعن تجمع "افتراض" تقول الفنانة التشكيلية رنا البطراوي، إنه جاء ليجمع عدداً من الفنانين التشكيليين، خاصة في ظل عدم وجود مكان يضم تلك المواهب الفنية، لافتة الى أن فكرته تأسست من مواقع التواصل الاجتماعي "الافتراضية" ليصبح واقعاً يكسر الحصار عبر الفن.

ويستكمل حديثها الفنان التشكيلي إياد صباح الذي يضيف لـ"العربي الجديد" أن الحاجة كانت ملحة لإيجاد إطار ناظم وجامع للفنانين التشكيليين، وخاصة الأكاديميين منهم، ليقوم على تلبية احتياجاتهم، وإظهارها على السطح، كما ينبغي أن يكون.

وعن رؤية التجمع الذي افتتح فعالياته بإقامة المعرض، يضيف: "التجمع يضم فنانين أحراراً متحدين ومتفقين، منتجين للفن، يؤمنون بالحوار، ولهم حضور محلي وعالمي"، مبيناً أن التجمع لا يقتصر على جنس أو لون أو دين، أو مساحة جغرافية.

ويبين أن التجمع يسعى إلى التواصل مع أكبر عدد من الفنانين والمبدعين العرب والعالميين في إطار التبادل المعرفي والثقافي الفني لإثراء المشهد التشكيلي الفلسطيني، لافتاً إلى أن الإقبال الكبير على باكورة أعمال التجمع تعتبر دلالة على النجاح، ومؤشراً على التوسع.

المساهمون