أعلنت الولايات المتحدة أنها "ستستخدم حق النقض (الفيتو) ضد مشروع القرار الكويتي المتعلق بتقديم الحماية الدولية للشعب الفلسطيني". وجاء ذلك في بيان صدر عن السفارة الأميركية للأمم المتحدة في نيويورك، ووصل "العربي الجديد" نسخة منه.
ونص البيان الصادر باسم السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، نيكي هيلي، على أن "الولايات المتحدة سوف تصوت ضد مشروع القرار الكويتي. إنه مشروع قرار منحاز أحادي الجانب ومفلس أخلاقياً. ولن يؤدي إلا إلى خدمة وتقويض الجهود الجارية من أجل التوصل إلى سلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين".
ويتهم بيان السفيرة الأميركية مشروع القرار بالانحياز وعدم ذكره مسؤولية حماس عن "العنف الأخير في غزة" وإطلاق الصواريخ. وتتغاضى السفيرة الأميركية في اتهامها عن جميع الفقرات الواردة في المسودة والتي تتحدث عن الوقف الفوري لإطلاق النار واستهداف المدنيين وغيرها. وفي نهاية بيانها، الذي يبتعد كل البعد عن أعراف الدبلوماسية، توجه السفيرة نوعاً من التوبيخ للذين يريدون التصويت لصالح القرار، قائلة "أولئك الذين يختارون التصويت لصالح هذا القرار سيوضحون افتقارهم إلى مؤهلات المشاركة في أي مفاوضات ذات مصداقية بين الطرفين".
وجاء البيان الأميركي بعد ساعات قليلة من إرجاء مجلس الأمن الدولي التصويت على مشروع قرار كويتي يتعلق بآليات الحماية الدولية للشعب الفلسطيني إلى يوم غد الجمعة (اليوم). ورجح دبلوماسيون في مجلس الأمن أن يجتمع المجلس الليلة (أمس) للتصويت وليس يوم غد بعد البيان الأميركي شديد اللهجة والهجومي.
وكانت مصادر دبلوماسية في مجلس الأمن، قد عزت في حديث مع "العربي الجديد" التأجيل الأول إلى يوم غد إلى طلب ورغبة من الولايات المتحدة "للتشاور واقتراح تعديلات على المشروع" في محاولة من الجانب الأميركي تفادي استخدام حق النقض الفيتو ضد القرار.
وكان من المفترض أن يتم التصويت على القرار مساء الخميس بتوقيت نيويورك (فجر الجمعة بتوقيت القدس). ومن المثير أن البيان الأميركي جاء خلال أقل من ساعتين على إعلان تأجيل التصويت للجمعة لمشاورات إضافية. كما أن البيان الأميركي من قبل السفيرة الأميركية يتسم بخرق جميع الأعراف الدبلوماسية المتداولة في مجلس الأمن والأمم المتحدة، ويشير إلى نهج عدائي مستمر من قبل الإدارة الأميركية ونيكي هيلي تحديداً، ومحاولة لإسكات وتخويف أي صوت معارض، وهي سياسة لم تنجح حتى اللحظة بردع الدول عن اتخاذ خطوات مختلفة في وجه السياسات الأميركية المنحازة.
ووضعت الكويت، الدولة العربية العضو في مجلس الأمن، القرار للتصويت عليه مساء الخميس بتوقيت نيويورك باللون الأزرق، أي بصياغته النهائية. وقبل التصويت بأقل من ساعتين أعلن عن تأجيله لمزيد من المباحثات. وكان من المتوقع أن تُفشل الولايات المتحدة القرار الكويتي باستخدام الفيتو. كما رجحت مصادر دبلوماسية لمكتبنا في نيويورك، أن تمتنع كل من بولندا وبريطانيا وهولندا عن التصويت. ويحتاج أي قرار لتبنيه من قبل مجلس الأمن تأييد تسع دول من أصل 15 دولة عضو شريطة أن لا تستخدم أي من الدول دائمة العضوية الفيتو.
واطلع مكتب "العربي الجديد" في نيويورك على نسخة غير رسمية للقرار المكون من سبع عشرة فقرة. ومن أهم ما جاء فيه: دعوته لاتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة التي "تضمن الحماية والأمن للمدنيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها قطاع غزة". ومطالبة الأمين العام للأمم المتحدة "ببحث الحالة الراهنة وتقدم تقرير خطي بأسرع ما يمكن، وفي موعد لا يتجاوز ستين يوما من تبني القرار، يتضمن مقترحات تتعلق بسبل ووسائل تضمن سلامة وحماية السكان المدنيين الفلسطينيين تحت الاحتلال الإسرائيلي". وتنص هذه الفقرة على الطلب من الأمين العام تقديم اقتراحات متعلقة "بآليات حماية دولية". ومن المهم التنويه هنا أن هذه الآلية لا تعني بالضرورة استخدام قوات حفظ للسلام والأمن الدوليين التابعة للأمم المتحدة. بل من المستبعد أن تذهب اقتراحات الأمين العام، لو تم تبن القرار، في هذا الاتجاه.
وفي الفقرة العاشرة يدعو مشروع القرار إلى "اتخاذ خطوات فورية من أجل انهاء الإغلاق والقيود التي تفرضها إسرائيل على الحركة من وإلى القطاع، بما فيها فتح المعابر بشكل مستمر والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والسلع التجارية وفقا للقانون الدولي وبما يتماشى مع الإجراءات الأمنية اللازمة". ويطالب القرار جميع الأطراف بالالتزام والتعاون مع الفرق الطبية والإنسانية بما فيها السماح وتسهيل الدخول غير المشروط للمدنيين. كما يطالب بالوقف الفوري لكل أشكال العنف ضد الطواقم الطبية والإنسانية.
ويحث مشروع القرار، بصيغته الحالية، على توفير المساعدات الإنسانية بشكل فوري وبدون عائق للمدنيين الفلسطينيين مع الأخذ بعين الاعتبار الاحتياجات الملحة للسكان، بما فيها الماء والكهرباء والغذاء. كما يحث على زيادة التبرعات لوكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)وبقية منظمات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية التي تقدم المساعدات الطارئة وخاصة للقطاع. ويشجع مشروع القرار الجانب الفلسطيني على اتخاذ خطوات ملموسة من أجل اتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية. كما يؤكد دعمه "لجهود الوساطة المصرية، واتخاذ خطوات ملموسة لإعادة توحيد قطاع غزة والضفة الغربية تحت سيطرة الحكومة الفلسطينية الشرعية وضمان عملها الفعال في القطاع".
كما يدعو مشروع القرار إلى ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة المتعلقة بالمساءلة عن ارتكاب الانتهاكات. ويشجب القرار الاستخدام "المفرط والعشوائي وغير المتناسب للقوة ضد المدنيين الفلسطينيين من قبل القوات الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وخاصة في قطاع غزة". ويشجب المشروع كذلك "استخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين المدنيين، بمن فيهم الأطفال، والكوادر الطبية والصحافيون" كما يعرب عن قلقه العميق لفقدان أرواح الأبرياء. ويطالب مشروع القرار "إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بوقف تلك الإجراءات والاحترام الكامل لمسؤوليتها القانونية بحسب اتفاقيات جنيف الرابعة والمتعلقة بحماية المدنيين في مناطق النزاع والتي اعتمدت في الثاني عشر من آب/ أغسطس عام 1949".
ويدعو مشروع القرار إلى العمل على تهيئة الظروف اللازمة للعودة لطاولة المفاوضات وبدء "مفاوضات ذات مصداقية تناقش جميع قضايا الوضع النهائي من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، وإقامة سلام شامل وعادل على أساس حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب بسلام مع حدود آمنة ومعترف بها، على أساس قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ومرجعية مدريد، بما فيها مبدأ الأرض مقابل السلام، مبادرة السلام العربية وخارطة طريق للجنة لرباعية، كما نص عليه القرار رقم 2334 (2016) وقراراته ذات الصلة".