هوياتٌ مهشّمة

23 نوفمبر 2016
شعر مستعار، لورنا سيمبسون
+ الخط -

مع أن الكثيرين يتحدثون عن الهوية كمعنى متغير في سياق، ويتحدث آخرون عنها كحجرٍ مقدس يغيّر ولا يتغير، أشعـرُ بالمفهومين وجهين لواقعة واحدة. ويدهشني، مثلما أدهشتني آنذاك، أطروحة أمين معلوف السطحية عن "الهويات القاتلة"، ما إن تكشفَ له تغاير السياقات التي نشأ ونما فيها، فأصبح تعدد الهوية أو اختراع هويـة جديدة خلاصاً من مذبحـة الهويات. هل الهويات قاتلة بالفعل؟

ميراث البشر يشبه الى حد ما ميراث الكلمة في أذهاننا، ولكن مع استثناء: أن الكلمـة لا تحمل أوهاماً عن نفسها مثلما يحمل البشر. وهكذا، في الوقت الذي يمكن أن تتبدل فيه الكلمة، يستعصي التبدّل على البشر، أعني أن تعلّقهم بسياقهم المتخيّل (الموروث والمرغوب فيه) هو أبرز وجوه سلوكهم وفكرهم، للحفاظ على الجماعة بالطبع ولكن لحفاظ الفرد على ذاته أساساً. انهم لا يلاحظون تحت هذا الثبات، وهو نتاج مخيلة تصوغ السلوك والفكر معاً، شبكة العلاقات الخفيّة.

العلاقات هي الأساس الباطن بغض النظر عن نوع هذه الهوية أو تلك، وهي الوجه الآخر لما يبدو أحفورات دينية أو طائفية أو قومية بل وعرقية أيضاً. إلا أنه وجه ملازم وليس مفارقاً، مثلما هو التناقض بين وجهين لبنيةٍ واحدة (أياً كانت)؛ علاقاتٌ وثبات، أو تجسّد وممكن.


المساهمون