في فلسطين، كان الرزق واسعاً لدى أبيها تاجر الزيت، والعيشة هنية، كاسمها. كلّ شيء تغير عندما هجم الصهاينة
قبل النكبة الفلسطينية، عام 1948، كان والدها تاجر زيت، ومن زيتونه الذي في حقله، كان يعصر الزيت، بعد قطاف الموسم، ويبيعه وتعتاش العائلة منه. كانت أيام خير. هكذا تتذكرها هنية رشيد موسى، من بلدة سحماتا بفلسطين، بعدما تجاوزت الثمانين، في عمر أمضت معظمه لاجئة في لبنان. كانت في العاشرة عندما هجمت العصابات الصهيونية على بلدها واحتلته وهجّرتهم.
تقول: "عندما بدأ العدوان الصهيوني، كنت مع أخوتي في البيت، وكنا ثلاث بنات، وثلاثة أولاد. في ذلك الوقت كان الرجال في المعركة، فأخرجنا أبي جميعاً إلى حقل الزيتون. هناك بقينا تحت الأشجار، فيما حمل بندقيته وذهب لمواجهة الصهاينة، وفي اليوم نفسه، عاد وأخبرنا أنّنا سنغادر إلى لبنان. وبينما كنا نمضي على أقدامنا، جاء الصهاينة بسيارة يحملون كيساً كبيراً، رموه في أرض البلدة، فإذ هو رجل مربوط فيه، كان قد مات. بعدها أحرقوا بلدتنا فيما فرّ جميع أهاليها إلى رميش، في جنوب لبنان".
ومن رميش، انتقلت مع أهلها وغيرهم من الفلسطينيين، نحو بنت جبيل، فبقينا أسبوعاً فيها، وجرى إحصاء المهجرين، ومن بعدها نحو صور، تحديداً البص، التي جرى تلقيح الجميع فيها. ومن البص، غادروا الجنوب، إلى بعلبك (شرق) فوصلوا ليلاً، وسكنوا في ثكنة "غورو" العسكرية الفرنسية السابقة. كلّ عائلة سكنت في غرفة، ولم يكن معهم المال، فيما تمكن من كان معه من شراء بعض الطعام والأغطية.
تتابع: "بقينا في بعلبك خمسة عشر عاماً، لم يكن والدي خلالها قادراً على العمل بسبب سنّه المتقدمة، فكنا نعيش على ما تقدمه وكالة الأونروا لنا. تزوجت في بعلبك، وأنجبت بنتاً وولداً، وكان زوجي وهو لاجئ فلسطيني أيضاً، يعمل في ورش البناء، وتساعدنا الإعانة الغذائية التي كانت تقدمها "أونروا". ومن بعلبك انتقلنا مجدداً إلى الجنوب، للعيش في مخيم الرشيدية، في صور، وباتت لكلّ عائلة غرفة، بنتها "أونروا"، وكانت الحمامات مشتركة. أما المياه العذبة فكنا نملأها بالجرار، إذ لم تكن قد وصلت المياه إلى البيوت بعد".
اقــرأ أيضاً
في الرشيدية كان النشاط الأبرز لدى أهل المخيم العمل في قطاف الليمون في البساتين المجاورة، بالإضافة إلى الزراعة والبناء. وفي الثمانينيات عندما بدأت حرب المخيمات، بين فصائل لبنانية وفلسطينية، انتقلت هنية مع زوجها وأبنائها إلى بلدة الخرايب، فعاشوا هناك مستأجرين حتى كبر أولادها، واشتروا قطعة أرض بنوا فيها بيوتاً. ومع أنّ بيتها ما زال قائماً في تلك البلدة الجنوبية، فقد اضطرت للانتقال للعيش مع بناتها اللواتي يرعينها في مخيم عين الحلوة، في صيدا (جنوب) بعد وفاة زوجها.
حُرمت هنية من التعليم، وهو أحد آلام حياتها، لكنّ ألمها الأكبر كان تهجيرها مع أهلها من وطنها، وما زالت حتى اليوم تحلم بساعة تعود فيها إلى فلسطين.
قبل النكبة الفلسطينية، عام 1948، كان والدها تاجر زيت، ومن زيتونه الذي في حقله، كان يعصر الزيت، بعد قطاف الموسم، ويبيعه وتعتاش العائلة منه. كانت أيام خير. هكذا تتذكرها هنية رشيد موسى، من بلدة سحماتا بفلسطين، بعدما تجاوزت الثمانين، في عمر أمضت معظمه لاجئة في لبنان. كانت في العاشرة عندما هجمت العصابات الصهيونية على بلدها واحتلته وهجّرتهم.
تقول: "عندما بدأ العدوان الصهيوني، كنت مع أخوتي في البيت، وكنا ثلاث بنات، وثلاثة أولاد. في ذلك الوقت كان الرجال في المعركة، فأخرجنا أبي جميعاً إلى حقل الزيتون. هناك بقينا تحت الأشجار، فيما حمل بندقيته وذهب لمواجهة الصهاينة، وفي اليوم نفسه، عاد وأخبرنا أنّنا سنغادر إلى لبنان. وبينما كنا نمضي على أقدامنا، جاء الصهاينة بسيارة يحملون كيساً كبيراً، رموه في أرض البلدة، فإذ هو رجل مربوط فيه، كان قد مات. بعدها أحرقوا بلدتنا فيما فرّ جميع أهاليها إلى رميش، في جنوب لبنان".
ومن رميش، انتقلت مع أهلها وغيرهم من الفلسطينيين، نحو بنت جبيل، فبقينا أسبوعاً فيها، وجرى إحصاء المهجرين، ومن بعدها نحو صور، تحديداً البص، التي جرى تلقيح الجميع فيها. ومن البص، غادروا الجنوب، إلى بعلبك (شرق) فوصلوا ليلاً، وسكنوا في ثكنة "غورو" العسكرية الفرنسية السابقة. كلّ عائلة سكنت في غرفة، ولم يكن معهم المال، فيما تمكن من كان معه من شراء بعض الطعام والأغطية.
تتابع: "بقينا في بعلبك خمسة عشر عاماً، لم يكن والدي خلالها قادراً على العمل بسبب سنّه المتقدمة، فكنا نعيش على ما تقدمه وكالة الأونروا لنا. تزوجت في بعلبك، وأنجبت بنتاً وولداً، وكان زوجي وهو لاجئ فلسطيني أيضاً، يعمل في ورش البناء، وتساعدنا الإعانة الغذائية التي كانت تقدمها "أونروا". ومن بعلبك انتقلنا مجدداً إلى الجنوب، للعيش في مخيم الرشيدية، في صور، وباتت لكلّ عائلة غرفة، بنتها "أونروا"، وكانت الحمامات مشتركة. أما المياه العذبة فكنا نملأها بالجرار، إذ لم تكن قد وصلت المياه إلى البيوت بعد".
في الرشيدية كان النشاط الأبرز لدى أهل المخيم العمل في قطاف الليمون في البساتين المجاورة، بالإضافة إلى الزراعة والبناء. وفي الثمانينيات عندما بدأت حرب المخيمات، بين فصائل لبنانية وفلسطينية، انتقلت هنية مع زوجها وأبنائها إلى بلدة الخرايب، فعاشوا هناك مستأجرين حتى كبر أولادها، واشتروا قطعة أرض بنوا فيها بيوتاً. ومع أنّ بيتها ما زال قائماً في تلك البلدة الجنوبية، فقد اضطرت للانتقال للعيش مع بناتها اللواتي يرعينها في مخيم عين الحلوة، في صيدا (جنوب) بعد وفاة زوجها.
حُرمت هنية من التعليم، وهو أحد آلام حياتها، لكنّ ألمها الأكبر كان تهجيرها مع أهلها من وطنها، وما زالت حتى اليوم تحلم بساعة تعود فيها إلى فلسطين.