هل يدفع ظريف ثمن الاتفاق النووي؟

26 نوفمبر 2018
يعاني ظريف مع بعض المحافظين (أوزان كوزه/فرانس برس)
+ الخط -
يلاحظ منذ فترة أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قد رفع من حدة انتقاداته للأطراف الأوروبية، وتحديداً تلك التي ظلّت تُشكّل جزءاً من الاتفاق النووي عقب الانسحاب الأميركي منه، فهذه الأطراف المصرّة على إبقاء الاتفاق حياً لضمان تقييد نشاط طهران النووي، لم تقدّم بعد الآليات التي من شأنها ردع عقوبات واشنطن ولو نسبياً، ولم تتفق حتى الآن على المكان الذي من المفترض أن يستضيف مؤسسة، سيجري عبرها التعامل مع طهران اقتصادياً وتجارياً.

استخدم ظريف، الذي كان في إيطاليا أخيراً، مصطلح "لا يمكنك أن تسبح من دون أن تبتلّ"، مخاطباً الاتحاد الأوروبي وداعياً إياه لاتخاذ قرار واضح يتعلق بقبول إملاءات أميركا المرتبطة بعلاقاته مع الآخرين أو رفضها. ورأى أنه يجب الاستثمار في القاعدة التي أرادها هذا الاتحاد أساساً من الاتفاق النووي ألا وهي أمن أوروبا. هذا أيضاً لا يناقض رغبة طهران بالحفاظ على اتفاقها، فحتى ولو لم تستفد منه اقتصادياً بالشكل الأمثل، خصوصاً بعد عقوبات أميركا، إلا أنه على الأقل حقق لها مكاسب سياسية أمام المجتمع الدولي. بالتالي، يحاول وزير الخارجية أن يحقق شرط بلاده للبقاء في الاتفاق، رغم كل الصعوبات والعراقيل التي تضعها العلاقات الأوروبية - الأميركية أمامه.

ظريف ذاته، وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، يحاول شطب اسم بلاده عن القائمة السوداء لمجموعة العمل المالي لمكافحة تمويل الإرهاب وغسيل الأموال، وهذا من شأنه تعزيز التعاملات المالية الدولية معها تلقائياً، لكن الداخل المحافظ ما زال يقف عقبةً بوجه صك اللوائح الأربع التي اشترطتها المجموعة ذاتها. وحين سُئل ظريف عن ذلك، لم يتردد بالقول إن "هناك مستفيدين من تبييض الأموال والفساد في الداخل الإيراني"، وهو ما فتح عليه النار. وطالب الادعاء العام الوزير بتقديم أدلته بعدما أثار عاصفة من الجدل، وردّ جواباً من 12 صفحة، وخرجت شائعات بأن الوزير سيستقيل أو ستتم إقالته، والمؤكد أن هناك نواباً في البرلمان الإيراني يحاولون جرّ ظريف لجلسةِ مساءلة لمحاسبته على تصريحاته. وسيقدّم هؤلاء طلبهم للجنة الرئاسية في البرلمان اليوم الثلاثاء، وهو ما يثير تساؤلاً عما إذا كان ظريف سيدفع في النهاية ثمن الاتفاق النووي الذي وافقت عليه السلطات العليا في إيران رغم كل الانتقادات والتحفظات الداخلية، التي تخص العلاقات مع الغرب أولاً، وتيارات الانفتاح في الداخل ثانياً.
المساهمون