29 مايو 2019
هل نغفر لعلي عبد الله صالح؟
محمد الصهباني (اليمن)
لم يكن الدكتاتور اليمني، علي عبد الله صالح، "داهية" كما يتوهم كثيرون، بل كان سفاحاً، لم يرتق باليمن، أو يعلي من قيمة شعبه ألبتة. ولا يمكن لأي شخصية سياسية، أو عسكرية يمنية، كانت، أو لا تزال، تدين بالولاء للنظام السابق، أن تخلص لليمن. ولو كان المخلوع صالح، وفياً لشعبه، لخدمه واعتنى به قبل أنصار أسطوانة "بالروح بالدم نفديك يا علي". فكانت نهاية مصرعه، إذا ما سلَّمنا بها، فعلاً، كفيلة بتفنيد مزاعم إخلاصه للوطن، وللإنسان اليمني، وكرامته.
لا شيء سوى الخطابات والحروب، أهدر مئات من فرص النهوض بالبلد، وتحالف مع القبيلة والفوضى، والشيطان أيضاً. ما من حشد شعبي مناوئ لسياساته التدميرية، إلا وكان يقابله باتهامات، ليس لها أول ولا آخر، وإذا ما طاوله نقد سياسي، نظر إليه نظرة استعلائية، ناصحاً ناقديه بالتخلي عن "النظرات السوداء".
كان في كل صولة وجولة يهاجم مناوئيه، إذا ما احتشدوا سلمياً في الساحات رفضاً لاستبداديته، ليقابلهم بادعاء الأكثرية، في حشد مقابل، وكأن الحقيقة تتجلّى بتفكيره الضيق، في الأكثر احتشاداً، وهو يغفل أن الحقيقة تتجلى في الطرف المنتمي للوطن "أرضاً وإنساناً"، حتى وإن كان أقل جماهيريةً.
احتشادات وعنتريات عفاشية، لم تكن انتصاراً لتراب اليمن، بل كانت من أجل الحفاظ على رمزية استبداد قوى الهضبة الزيدية، بشعار "إن هي حجنا"، أي أن الثروة، والسلطة، ملك حصري لهم.
لا تزال مأساتنا، نحن اليمنيين، في كتابات كثيرة، وفي الأصوات النشاز، والتي كلما ضاقت بها الظروف المعيشية، نتيجة طبيعية لتداعيات الحرب الظالمة، طالبت بالعودة إلى الماضي، سبيلاً لإنهاء هذه الحروب، وكأن الماضي كان أكثر رفاهية.
ليس من المنطق أن تطالب أصواتٌ كهذه بعودة عقود المخلوع. والأحرى بها أن تطالب بحاكم يدير البلد بمسؤولية وطنية، خالية من مآسي الاستبداد، ووفقاً لنصوص دستور وقانون صارمين.
صار واجباً أن نُذَكِّر اليوم بأن لدى أجنحة علي عبد الله صالح من الإمكانات العسكرية والمليشياوية والقبلية ما يشكل خطراً كبيراً على البلد، في استحالة الخروج به إلى بر الأمان، طالما أن هذه الأجنحة تعمل على ترتيب أوضاعها، على نحو استبدادي، أسوأ من السابق، بهدف فرض سلطتها، وإعادة تموضعها على الثروة والسلطة، بعيداً عن مخرجات الحوار الوطني.
وفي سياق متصل، لا يزال المؤتمر الشعبي العام يحافظ على بقاء سطوته حزبياً، وجماهيرياً، من خلال شرائه أقلاماً مأجورة كثيرة، لتلميعه إعلامياً وسياسياً، إذ يرى الدفاع عنه، من وسط صفوفه "شهادة مجروحة"، فلجأ إلى الأقلام الشهيرة، والأقل شهرة، لتصديره حزباً وطنياً. وهناك الذباب الإلكتروني في المؤتمر الشعبي العام، المنتشر على صفحات التواصل الاجتماعي، الناقل لتدليساته السياسية القذرة في امتداح عهد صالح، والمثير للاشمئزاز في هذا الذباب دعواته أفراد الشعب اليمني، والعالم، إلى أن يترحموا على صالح!
يقال إنه مهما كان السياسي سيئاً، ومهما اختلفنا معه، فلا بد أن نترحم عليه بعد موته، ولا ينبغي أن نظل نكن له العداء. وهنا قد نتفق مع هذا الطرح، ولكن، إذا لم يكن هذا السياسي، أو ذلك، متورّطاً بسفك دماء الناس، ظلماً واستبداداً، ولم يتآمر على البلد، ولم يهدر كل فرص الحياة الكريمة للشعب، فكيف بالعقل السوي أن يقبل على نفسه أن يترحم على المخلوع؟
يمكننا أن نترحم مثلاً على الشيخ سلطان السامعي، عضو ما يسمّى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، لعدم تورطه بسفك دماء الآخرين، أو السياسي اليمني الراحل، عبد العزيز عبد الغني.
إجمالاً، يستحيل أن نتقبل فكرة التسامح مع ماضي السفاح صالح، وإذا ما أجبرتنا الظروف السياسية، والمتغيرات الدولية، على السلام مع بقايا أجنحته، فلا يمكن أن ننسى جرائمه بحق الشعب، وإن صافحنا هذه البقايا مستقبلاً، فلن نغفر له ما حيينا.
لا شيء سوى الخطابات والحروب، أهدر مئات من فرص النهوض بالبلد، وتحالف مع القبيلة والفوضى، والشيطان أيضاً. ما من حشد شعبي مناوئ لسياساته التدميرية، إلا وكان يقابله باتهامات، ليس لها أول ولا آخر، وإذا ما طاوله نقد سياسي، نظر إليه نظرة استعلائية، ناصحاً ناقديه بالتخلي عن "النظرات السوداء".
كان في كل صولة وجولة يهاجم مناوئيه، إذا ما احتشدوا سلمياً في الساحات رفضاً لاستبداديته، ليقابلهم بادعاء الأكثرية، في حشد مقابل، وكأن الحقيقة تتجلّى بتفكيره الضيق، في الأكثر احتشاداً، وهو يغفل أن الحقيقة تتجلى في الطرف المنتمي للوطن "أرضاً وإنساناً"، حتى وإن كان أقل جماهيريةً.
احتشادات وعنتريات عفاشية، لم تكن انتصاراً لتراب اليمن، بل كانت من أجل الحفاظ على رمزية استبداد قوى الهضبة الزيدية، بشعار "إن هي حجنا"، أي أن الثروة، والسلطة، ملك حصري لهم.
لا تزال مأساتنا، نحن اليمنيين، في كتابات كثيرة، وفي الأصوات النشاز، والتي كلما ضاقت بها الظروف المعيشية، نتيجة طبيعية لتداعيات الحرب الظالمة، طالبت بالعودة إلى الماضي، سبيلاً لإنهاء هذه الحروب، وكأن الماضي كان أكثر رفاهية.
ليس من المنطق أن تطالب أصواتٌ كهذه بعودة عقود المخلوع. والأحرى بها أن تطالب بحاكم يدير البلد بمسؤولية وطنية، خالية من مآسي الاستبداد، ووفقاً لنصوص دستور وقانون صارمين.
صار واجباً أن نُذَكِّر اليوم بأن لدى أجنحة علي عبد الله صالح من الإمكانات العسكرية والمليشياوية والقبلية ما يشكل خطراً كبيراً على البلد، في استحالة الخروج به إلى بر الأمان، طالما أن هذه الأجنحة تعمل على ترتيب أوضاعها، على نحو استبدادي، أسوأ من السابق، بهدف فرض سلطتها، وإعادة تموضعها على الثروة والسلطة، بعيداً عن مخرجات الحوار الوطني.
وفي سياق متصل، لا يزال المؤتمر الشعبي العام يحافظ على بقاء سطوته حزبياً، وجماهيرياً، من خلال شرائه أقلاماً مأجورة كثيرة، لتلميعه إعلامياً وسياسياً، إذ يرى الدفاع عنه، من وسط صفوفه "شهادة مجروحة"، فلجأ إلى الأقلام الشهيرة، والأقل شهرة، لتصديره حزباً وطنياً. وهناك الذباب الإلكتروني في المؤتمر الشعبي العام، المنتشر على صفحات التواصل الاجتماعي، الناقل لتدليساته السياسية القذرة في امتداح عهد صالح، والمثير للاشمئزاز في هذا الذباب دعواته أفراد الشعب اليمني، والعالم، إلى أن يترحموا على صالح!
يقال إنه مهما كان السياسي سيئاً، ومهما اختلفنا معه، فلا بد أن نترحم عليه بعد موته، ولا ينبغي أن نظل نكن له العداء. وهنا قد نتفق مع هذا الطرح، ولكن، إذا لم يكن هذا السياسي، أو ذلك، متورّطاً بسفك دماء الناس، ظلماً واستبداداً، ولم يتآمر على البلد، ولم يهدر كل فرص الحياة الكريمة للشعب، فكيف بالعقل السوي أن يقبل على نفسه أن يترحم على المخلوع؟
يمكننا أن نترحم مثلاً على الشيخ سلطان السامعي، عضو ما يسمّى المجلس السياسي الأعلى للحوثيين، لعدم تورطه بسفك دماء الآخرين، أو السياسي اليمني الراحل، عبد العزيز عبد الغني.
إجمالاً، يستحيل أن نتقبل فكرة التسامح مع ماضي السفاح صالح، وإذا ما أجبرتنا الظروف السياسية، والمتغيرات الدولية، على السلام مع بقايا أجنحته، فلا يمكن أن ننسى جرائمه بحق الشعب، وإن صافحنا هذه البقايا مستقبلاً، فلن نغفر له ما حيينا.
مقالات أخرى
04 مايو 2019
22 مارس 2019
27 فبراير 2019