هل جمّد ترامب مؤقتاً تحريض دول الحصار ضد قطر؟

06 يوليو 2017
رؤية تيلرسون حيال الأزمة تبدو أرجح الآن (Getty)
+ الخط -
ليس واضحاً بعدُ ما إذا كانت رجحت كفة وزيري الخارجية والدفاع الأميركيين، ريكس تيلرسون وجيمس ماتيس، لصالح وقف التصعيد ضد قطر، على حساب تبنّي الرئيس دونالد ترامب الرواية السعودية ــ الإماراتية؛ فيما بدا بمثابة ضوء أخضر غير مباشر أعطاه البيت الأبيض في البداية، خفت وهجه في اليومين الأخيرين.

ولعل مضمون البيان الصادر عن اجتماع وزراء خارجية المحور الرباعي في القاهرة، يوحي بذلك، كذلك الكلام الواضح لترامب، الموجّه للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حول رغبته بحصول مفاوضات مباشرة بين الطرفين لحل الأزمة. تغيير ربما تكون فرضته المستجدات وحسابات ترامب ومتاعبه الكثيرة الراهنة والمرشحة للتفاقم. ولربما يكون تضافرها قد لعب دوره في لجم التوجه التصعيدي حتى الآن ضد قطر.

ويبدو أن تزامن انفجار الأزمة من جديد مع كوريا الشمالية، مع اضطراب أجواء العلاقة مع الصين، إلى جانب تنامي الارتياب المتبادل مع موسكو؛ ساهم كله في تعديل موقف ترامب المعروف بانحيازه إلى المعسكر السعودي، وقد أدى ذلك إلى فرض تجميد المشكلة، إلى حين. وكان لـ"تجميد التصعيد" حسناته، إذ فضح مدى هشاشة حيثيات المزاعم وعدم مشروعية بنود قائمة المطالب الـ13، التي بدا وكأن المحور الرباعي عاد ليختصرها، في اجتماع الأربعاء، في القاهرة، إلى ستة.



منذ البداية، دفع الثنائي تيلرسون – ماتيس في اتجاه ضرورة التراجع عن شروط الرباعي "غير العقلانية"، غير أنهما واجها دفعاً معاكساً من جانب الرئيس ترامب، الذي تعمّد مع صهره، جاريد كوشنر، تقويض محاولات وزير خارجيته التوفيقية، والتي حظيت بدعم جهات وأوساط أميركية عديدة ومؤثرة، وصل بعضها إلى حد التحذير من عواقب "انجرار الرئيس وراء خدمة الأجندة السعودية والإسرائيلية".

ومع نهاية المهلة التي حددها الرباعي، جرى دعم فكرة التمديد مع تنشيط التحركات التي شارك فيها الرئيس، وتركيز الوزير تيلرسون على وجوب مساندة الوساطة الكويتية. المفاجأة الكورية الشمالية بتجاربها الصاروخية غير المسبوقة في مداها، يوم العيد الوطني الأميركي، وضعت الرئيس ترامب أمام نوع من التحدّي الاستراتيجي، ومعها صار شعاره "الربح الدائم"، على المحك.


لكن خياراته محدودة ومحفوفة بالمخاطر الكبيرة؛ فالرد العسكري يتحفظ عليه "البنتاغون" الذي يدعو إلى "ضبط النفس"؛ والضغط على الصين بعقوبات مالية، أو بحرب تجارية، له كلفته التي لا يبدو ترامب على استعداد لدفعها، خاصة الشق المحلي منها المتعلق بالآثار السلبية لمثل هذا الخيار على الاقتصاد الأميركي؛ كما أن المناورات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية، لم تحمل بيونغ يانغ في السابق على التزحزح؛ والحوار المباشر مع كوريا الشمالية، الذي تدعو إليه جهات أميركية لا تبدو الإدارة في وارد الدخول فيه، خصوصاً أن الكونغرس يدعو إلى المزيد من التشدد، على أساس أن كوريا الشمالية "تجاوزت الخط الأحمر" بتجربتها الصاروخية التي من شأنها تهديد الأراضي الأميركة، ولو أنه تقدير مبالغ فيه حالياً، إذ "تحتاج كوريا إلى مدة تتراوح بين سنة ونصف وسنتين"، بحسب الخبراء، لاستكمال مواصفات وشروط الصاروخ العابر للقارات. لكن التهديد قائم ولو كان مؤجلًا، وعلى ترامب مواجهته قريباً.

ترك هذا التطور الخطير الرئيس الأميركي بحاجة ماسة إلى مساعدة الصين. كما تركه في سورية وأوكرانيا، بحاجة إلى مساعدة موسكو. والثمن الكبير في الحالتين؛ رفع العقوبات عن روسيا والتسليم بالدور القيادي الصيني في شرق جنوب آسيا، وهو ما لا يقوى على دفعه صاحب شعار "استعادة عظمة أميركا"، تحديداً، لأن أوروبا ليست إلى جانبه، لارتيابها من توجهاته وسياساته تجاه الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي.

في ظلّ هذه التحديات الكبيرة، والتعثر الذي تعاني منه الإدارة، جاءت الأزمة الخليجية التي زادت من انكشاف التخبط في سياسة ترامب الخارجية. كان الخطأ الأول في "تشجيع" الرئيس خطوة الرباعي ضد قطر. الآن تحاول الإدارة تقليل الخسائر بموقف ملتبس ساعد في وقف التصعيد، بقدر ما ترك عوامله قائمة، خلافاً لما أراد كثيرون في واشنطن، ومنهم وزراء في إدارته طالبوا من الأساس "بحلّ" المشكلة وليس تجميدها فقط.