هل تقدم مصر تنازلات للسودان في "حلايب"؟​

29 اغسطس 2020
سعى مدبولي لاستمالة الجانب السوداني في ملف سد النهضة (فرانس برس)
+ الخط -

تسيطر حالة من القلق على صانع القرار المصري، في ضوء تحركات إثيوبية لدى السودان من شأنها قلب المشهد الخاص بأزمة سد النهضة رأساً على عقب، خصوصاً بعد أن قطعت مصر شوطاً كبيراً نحو توحيد الموقف المصري السوداني في مواجهة إثيوبيا. في السياق، كشفت مصادر مصرية وأخرى سودانية لـ"العربي الجديد"، عن محاولات إثيوبية، لإقناع السودان بتوقيع اتفاق ثنائي بينهما متعلق بإدارة مياه نهر النيل الأزرق، موضحة أن العرض المقدم من جانب أديس أبابا للخرطوم، يشمل تعاوناً بين الدولتين على صعيد عدد من المحاور الاقتصادية الأخرى بشكل يحقق مكاسب كبيرة للسودان. وعدّت المصادر الخطوة الإثيوبية محاولة إغراء السودان بشكل يساهم في النهاية في إضعاف الموقف المصري. وأضافت المصادر أن التحرك المصري الأخير، عبر زيارة رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على رأس وفد وزاري رفيع المستوى، ضم وزراء الكهرباء، والتجارة، والري والصحة، في هذا التوقيت، كان استباقاً للتحركات الإثيوبية التي تُوجت أخيراً بزيارة رئيس الوزراء أبي أحمد للعاصمة السودانية الخرطوم. وأوضحت المصادر أن القاهرة سعت لانتزاع ضمانات من حكومة عبد الله حمدوك، بعدم التخلي عن مصر في أزمة سد النهضة، واستمرار التنسيق بين البلدين في الأزمة لضمان تحقيق الضغط اللازم على أديس أبابا. وكان رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، ونظيره الإثيوبي أبي أحمد، أكدا خلال زيارة الأخير للخرطوم، يوم الثلاثاء الماضي، دعم جهود الاتحاد الأفريقي لحل قضية سد النهضة عبر الحوار الثلاثي بين الخرطوم وأديس أبابا والقاهرة. من جانبه، أبدى أحمد تفاؤله، حول إمكانية التوصل إلى حل ودي بين بلاده ومصر والسودان حول سد النهضة، مشدداً على أن ذلك الحل الودي لن يتحقق إلا بالمناقشات المستمرة بـ"حسن نية".

من غير المستبعد التوافق على إجراءات لصالح الخرطوم
 

في هذه الأثناء، تحدثت المصادر عن مشاورات جرت بين الجانبين المصري والسوداني أخيراً، حول ملف مثلث منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها بين البلدين، قائلة إن الخرطوم حصلت على وعد مصري، بفتح نقاش جاد بين البلدين حول هذا الملف في الفترة القريبة المقبلة، بما قد يسفر عن اتفاق يحمل مكاسب كبيرة للخرطوم. وذكر مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد"، أن القاهرة باتت تحارب في هذا الملف على أكثر من جبهة، فبدلاً من توحيد الجهود نحو أديس أبابا، فإنها تقاتل على جبهة أخرى لضمان بقاء السودان معها في نفس الخندق، مضيفاً: "رئيس الوزراء الإثيوبي يتمتع بذكاء كبير، فهو يحاول تضييق الخناق على القاهرة من ناحية، ومن ناحية أخرى يسعى لتشتيت جهود صانع القرار المصري، لإطالة أمد الأزمة لأطول فترة ممكنة حتى يكون تشغيل السد بنسبة 100 في المائة أمراً واقعاً". من جهته، توقع مصدر دبلوماسي سوداني بارز، أن تشهد الفترة المقبلة تطوراً هو الأول من نوعه في ما يخص مسألة النزاع حول منطقة حلايب وشلاتين، مؤكداً أن فتح الملف أخيراً بين جهات عليا مصرية وسودانية، شمل رؤى قد تُسفر عن إجراءات على الأرض لصالح الخرطوم، في ظل تجاوب مصري، أرجعه المصدر إلى المحاولات المصرية للإبقاء على الموقف السوداني إلى جوارها في أزمة السد. وأوضح المصدر أن هناك صراعاً كبيراً داخل المشهد السوداني بين المكونات العسكرية والمدنية لمنظومة الحكم الحالية، ويسعى كلا الطرفين للبحث عن أوراق ضغط تمكنه من الحصول على الدعم المطلق للشارع في مواجهة الطرف الآخر، لذلك برزت مجموعة من الملفات في الوقت الحالي، يرى فيها كلا الطرفين طوق نجاة بالنسبة له، وفي مقدمة هذه الملفات ملف حلايب. وأعلن رئيس المجلس الانتقالي الحاكم في السودان وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان، يوم الاثنين الماضي، أن القوات المسلحة "لن تفرط في شبر من أرض السودان"، مشيراً إلى منطقة حلايب وشلاتين المتنازع عليها مع مصر والخاضعة للسيادة المصرية. وقال البرهان في كلمة بمناسبة العيد الـ66 للجيش في منطقة وادي سيدنا العسكرية بولاية الخرطوم، "لن نتخلى عن حقنا ولن نتراجع عنه ولن ننساه حتى يتم رفع علم السودان في حلايب وشلاتين وفي كل مكان من السودان". ووجه البرهان حديثه للقوات المسلحة المرابطة حول حلايب وشلاتين وأرقين قائلاً: "نحن معكم"، مضيفاً أن السودان "يتعرض لاستهداف كبير في وحدته وحدوده"، وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السودانية "سونا". وتعهّد البرهان بأن يدافع الجيش عن "الثورة السودانية" ويدعمها، مشدّداً على أن "القوات المسلحة ستقف شوكة لكل من يريد محاولة سرقة ثورة ديسمبر (كانون الأول 2018) المجيدة ولن تفرط فيها".