هل تسلم القاهرة التهامي خالد إلى الولايات المتحدة؟

09 مايو 2020
يتهم خالد بمحاولة قمع الثورة الليبية (عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -


كشف مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد" أن القاهرة تدرس مسألة تسليم رئيس جهاز الأمن الداخلي السابق في نظام معمر القذافي، التهامي خالد، إلى المحكمة الجنائية الدولية، بعد مطالبة واشنطن بتسليمه. وأوضح المصدر أن التهامي خالد، وهو من الرجال الذي كانوا مقربين من الزعيم الليبي الراحل، كما كان أساسياً في غرفة عمليات 2011 التي كانت تشرف على قمع الثورة ضد القذافي، انتقل إلى الإقامة في القاهرة بعد سقوط القذافي، وتحديداً في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، وأصبح تحت الحماية المصرية. وكشف أن للتهامي ممتلكات في مصر، وهي عبارة عن مزرعة ومساحات من الأراضي وعقارات يعيش من ريعها، إضافة إلى الأموال التي حصل عليها من ليبيا.

وذكر المصدر أن الأميركيين يطالبون الآن بتسليم خالد بحجة ارتكابه جرائم حرب، لكن الواضح أن الرجل يحتفظ بمعلومات يريدها الأميركيون، ولذلك يطالبون مصر بتسليمه، موضحاً أن "مسألة تسليمه من عدمها ترجع إلى أهمية المعلومات التي لديه، فإذا كان صيداً ثميناً للأميركيين، فسيحاولون الضغط بكل قوة من أجل تسليمه".

والجدير بالذكر أن خالد كان يمثل مركز قوة كبيراً في نظام القذافي وشبّهه البعض بوزير إعلام نظام الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، صفوت الشريف، لكن بشكل أكثر دموية. وتعرض التهامي خالد إلى اعتداء من ليبيين في القاهرة بعد نزوحه إلى مصر والإقامة فيها بعد الثورة الليبية التي اندلعت في فبراير/ شباط 2011.


وكان المندوب الأميركي لدى الأمم المتحدة، مارك سيمونوف، قد طالب السلطات المصرية برفع الحماية التي توفرها لرئيس جهاز الأمن الداخلي الليبي بنظام القذافي. وأكد ضرورة "مساءلة مهندسي الأيام الأكثر ظلمة في ليبيا، لأنها تحقق العدالة لضحايا هذه الفظائع وأسرهم وتساعد على ضمان عدم نسيانهم".

وجاءت تصريحات سيمونوف حول التهامي، في كلمته خلال جلسة إحاطة قدمتها المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا إلى مجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء الماضي، والتي استعرضت خلالها تقريرها حول الوضع في ليبيا عبر الفيديو.

وقال سيمونوف إنه "من المخجل أن العديد من أشهر مرتكبي الجرائم ضد الشعب الليبي في العقد الماضي لا يزالون يتمتعون بالإفلات من العقاب"، مشيراً إلى أن كلاً من سيف الإسلام القذافي، ومحمود الورفلي (قائد "إعدامات" في مليشيات حفتر ومطلوب لـ"الجنائية")، والتهامي خالد، وعبد الله السنوسي، "يجب أن يواجهوا العدالة على جرائمهم". ودعا سيمونوف "من يؤوي الرئيس السابق لجهاز الأمن الداخلي الليبي سيئ السمعة، التهامي خالد، إلى إنهاء حمايته لهذا الجاني".

وفي الوقت ذاته، أكد الدبلوماسي الأميركي "اعتراض الولايات المتحدة الراسخ والمبدئي على أي تأكيد على اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على رعايا الدول التي ليست طرفاً في نظام روما الأساسي، في غياب إحالة من مجلس الأمن أو موافقة هذه الدول".

من جهتها، قالت بنسودا إن "مصر التي يوجد فيها التهامي، لم تقم بالقبض عليه وتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية، كما أن اللواء خليفة حفتر لم يقم هو الآخر بالقبض على محمود الورفلي أو تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية". وحثت أعضاء مجلس الأمن على ضرورة "إنهاء حصانة المتهمين بارتكاب جرائم حرب في ليبيا وتقديمهم للعدالة".

وفي إبريل/ نيسان 2017، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمراً باعتقال خالد، للاشتباه في أنه ارتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وقالت المحكمة، في بيان صادر عنها، إن هذا القرار صدر بناء على طلب من بنسودا، باعتقال التهامي، مضيفة أنها وجهت له، في 18 إبريل/ نيسان 2013، تهماً عن أربع جرائم ضد الإنسانية، وهي السجن والتعذيب والاضطهاد، وأفعال لا إنسانية أخرى، يشتبه في أنه ارتكبها في ليبيا ما بين 15 فبراير/ شباط و24 أغسطس/ آب 2011، فضلاً عن ثلاث جرائم حرب، وهي التعذيب، والمعاملة القاسية، والاعتداء على الكرامة الشخصية، يشتبه في أنه ارتكبها في ليبيا ما بين أوائل مارس/ آذار و24 أغسطس/ آب 2011.

وعمل خالد (77 عاماً) رئيساً لجهاز الأمن الداخلي الليبي في عهد القذافي، بعدما شغل مناصب كبيرة عدة داخل هذا نظام، كان أبرزها سكرتير معمر القذافي الخاص عام 2007. وتولى، عند اندلاع ثورة فبراير/ شباط 2011، إدارة الأمن الداخلي، قبل أن يباشر مهام إضافية، منها منصب رئيس غرفة عمليات عسكرية بالمنطقة الغربية، وأمين بلدية غريان، التي كانت تشكل خطا دفاعيا أمام عمليات الثوار بالجبل الغربي. وإثر سقوط نظام القذافي، لجأ التهامي، برفقة عدد من رموز النظام، كأحمد قذاف الدم، وعلي ماريا، سفير ليبيا السابق في القاهرة، ومحمد إبراهيم القذافي، أحد أبرز أبناء عمومة القذافي، إلى مصر للإقامة فيها.

وعرف عن التهامي، في ظل حكم عبد الفتاح السيسي، نشاطه السياسي ضمن مجموعة سياسية ناشطة بالقاهرة، تعرف باسم "الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا"، تضم قيادات بارزة في نظام حكم القذافي مقيمة في مصر.

المساهمون