هل تساهم التكنولوجيا في جرائم الشرف؟

30 يوليو 2016
قتلت قنديل بلوش على يد شقيقها (فيسبوك)
+ الخط -
تناقلت وسائل الإعلام يوم 15 يوليو/تموز خبر وفاة العارضة الباكستانية، قنديل بلوش، تحت مسمى "مقتل كيم كارداشيان الباكستانية"، استنادا ً للقب الذي لقبها إياه متابعوها على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أن الصيغة التعريفية التي استخدمتها وسائل الإعلام من البداية، حصرت بلوش بمفهوم الجمال والمظهر الخارجي، لتبدو جريمة قتلها مرتبطة بالبيئة المتعصبة، التي تنتمي إليها فقط، وتذهب الجريمة بمنحى الدفاع عن الشرف.
فبعيدًا عن عملها كموديل وممثلة، كانت بلوش ناشطة متمردة على وسائل التواصل الاجتماعي، فانتقدت النظام القائم في باكستان، وانتقدت الرئيس الباكستاني، مأمون حسين، الذي منع شعبه من الاحتفال بعيد الحب. فغردت على تويتر حينها: "لا تستطيع منع الناس من محبة بعضهم البعض، ولا تصدر هذه التصريحات إلا عن سياسي حقير، أكرهك". واجهت حينها بلوش موجة من الإساءة الإلكترونية، وتهديدات صريحة بالقتل بسبب آرائها، فغردت من جديد: "أن تحبني، أو أن تكرهني، فذلك في صالحي دائماً. إذا كنت تحبني فسأكون في قلبك، وأما إذا كرهتني فسأكون في عقلك، وباكستان دولة حرة".
وكون بلوش نجمة مواقع التواصل الاجتماعي الأولى في باكستان، راح الجميع يتابعونها، وانقسمت الآراء حولها بين الشباب الباكستاني، الذي يراها رمزاً ثقافياً مهماً بأفكارها، التي تدين النظام القمعي والمجتمع الذكوري في باكستان، وأما الفئة المتبقية، فاعتبرت صورها على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للفساد والانحلال الأخلاقي والخروج عن قيم المجتمع الباكستاني، وهاجمت هذه الفئة بلوش على مواقع التواصل الاجتماعي، وردت بلوش عليهم بعدة تغريدات، منها: "على الأقل، ترى وسائل الإعلام الدولية كم أسعى إلى تغيير العقلية التقليدية النمطية للناس، الذين لا يريدون أن يخرجوا من إطار المعتقدات الخاطئة والممارسات القديمة".
إلا أن حملة الانتقادات الإلكترونية تحولت إلى تهديد فعلي بالقتل، وشعرت بلوش بخطورة التهديدات فغيرت مكان سكنها، وتقدمت بالكثير من الإبلاغات والنداءات إلى وزير الداخلية وكبار المسؤولين.
وأسوأ ما في الأمر، أن هذه ليست أول مرة تشكل فيها وسائل التواصل الاجتماعي خطراً حقيقيّاً على النساء في باكستان، ففي عام 2012 كتبت ملالا يوسف تدوينة لـ "BBC" عن واقع تعليم الفتيات في باكستان، فتعرضت لموجة من الإساءة على الإنترنت، وتعرضت لمحاولة اغتيال على يد طالبان. كما تعاني الصحافيات الباكستانيات بشكل مستمر من حملات السب والقدح والتهديد عبر الشبكات، بسبب التعبير عن آرائهن، حيث صرحت أمبير شمسي، وهي صحافية لصالح BBC، أنها تخشى أن يصبح الكره على الإنترنت واقعاً ملموساً.


المساهمون