هكذا ردّت تونس على الإرهاب... بالفنّ

24 اغسطس 2015
محمد عساف في مهرجان قرطاج (يوتيوب)
+ الخط -
الاعتداء الإرهابي على متحف باردو في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، ثم الاعتداء على المنتجع السياحي القنطاوي بمحافظة سوسة في شهر يونيو/حزيران، أربكا صورة تونس في الخارج، فباتت تصنّف من قبل الدول الغربية كبلد "لا ينصح بالسفر إليه".

ما كان له تأثير سلبي على السياحة التونسية، إذ تراجع عدد السيّاح الأجانب الوافدين إلى تونس بنسبة تصل إلى 70 في المائة، وفقاً لما صرّحت به "الجامعة التونسية لوكالات الأسفار".
 
اقرأ أيضاً: جميلات فرنسا لإنعاش السياحة في منتجعات الجنوب التونسي

في ظلّ هذا الوضع المتأزّم والصورة السلبية التي باتت تعرف بها تونس، مهد ثورات الربيع العربي، كان لا بدّ من إعادة تركيب هذه الصورة وتقديم رسالة إيجابية إلى العالم عن تونس، فكان الفنّ هو أحسن طريقة لتقديم رسائل طمأنة عن الوضع التونسي، وإغراء وكالات الأسفار العالمية بإعادة تسيير رحلات إليها.

المهرجانات التونسية الصيفية، خصوصاً مهرجان قرطاج الدولي، ومهرجان حمامات الدولي، تكفّلا بالقيام بهذا الدور باستضافة نجوم عالميين من أمثال الفنان الأميركي "إيكون" والفنانة الأميركية "لوريل هيل" والفنان اللبناني وائل كفوري والمصرية آمال ماهر، والكثير من الفرق الموسيقية السيمفونية من فرنسا وبلجيكيا وبولونيا، وسيرك ألماني وآخر من جنوب أفريقيا...

هذه الفسيفساء من الفنانين، الذين أثّثوا السهرات التونسية، كانت رسالة إلى العالم بأنّ تونس بلد فيه ما يستحقّ الحياة رغم ما شهده من أحداث، خصوصاً أنّ عديد الفنانين العالميين تحظى تحركاتهم بتغطية إعلامية كبرى، من شأنها كسر حاجز الخوف من زيارة تونس. وهو هدف أعلنته مديرة مهرجان قرطاج الدولي، الفنانة سنية مبارك، قبل انطلاقة المهرجان، الذي تواصل لمدّة شهر ونصف الشهر في المسرح الأثري بقرطاج.

اقرأ أيضاً: لطفي بوشناق يختتم عروض قرطاج

رسالة إيجابية دعمتها تصريحات الفنانين الغربيين والعرب الذين زاروا تونس وأكدوا أنهم متمسكون بإحياء حفلاتهم، رغم أنّ بعض زملائهم من الفنانين الغربيين تراجعوا عن المشاركة في مهرجان قرطاج الدولي بعد الحادثتين الإرهابيتين، ومنهم الفنانة الاسترالية نتالي أمبروليا.

المهرجانات التونسية عملت على إعادة رسم صورة جديدة لتونس، وسعت بالفنّ إلى التصدي للإرهاب، على ما أعلن نائب رئيس بلدية قرطاج الإعلامي زياد الهاني. مهرجانات أضيف إليها مهرجان جديد يقام للمرّة الأولى هو مهرجان "ليالي قرطاج الموسيقية". وهي تظاهرة أكد الهاني أنّها تأتي في إطار "توسيع دائرة الفرح، خصوصاً أنّ التحديات التي يواجهها التونسي متعددة على غرار التحدي المعيشي والإرهاب".

وأضاف زياد الهاني: "هذه التظاهرة ليست مجرّد تنظيم حفلات وحسب، بل هي في الأساس رسالة ضدّ الإرهاب، وتأكيد على أنّ المبدعين في تونس يواصلون الفرح ويرفعون الثقافة كأفضل سلاح لمواجهة الإرهاب".

المهرجان سيشهد مشاركة فنانين عالميين وعرب، من أمثال مغنى الراب الفرنسي "بلاك أم Black M" والفنان اللبناني راغب علامة والفنان التونسي ريان يوسف والفنانين حسين الديك ورامي خليل وأميمة الطالب والفنان التونسي لطفي بوشناق واللبناني نور مهنّا والفنان العربي صابر الرباعي والكوميدي التونسي الأمين النهدي.

هذا الكمّ من الحفلات الغاية منه إبراز الجانب المضيء في الواقع التونسي، رغم العمليات الإرهابية والوضعية الاقتصادية الصعبة والحالة السياسية الهشّة التي تعرفها تونس ما بعد الثورة. وهي رسالة إلى كلّ العالم بأنّ الإرهاب لن يغيّر في الواقع التونسي شيئاً، رغم ما يخلّفه من آلام يقاومها التونسيون بسياسة الفرح والأمل والتطلع إلى المستقبل بعين حالمة.

المهرجانات التونسية نجحت إلى الآن في شدّ الجمهور التونسي والعربي والعالمي من خلال الحفلات التي قدّمتها، وقد تنجح، ولو بعد حين، في كسر الصورة النمطية التي كانت بدأت تتشكّل عن تونس، كـ"بلد غير آمن".

اقرأ أيضاً: قرطاج: المهرجان هزم النقّاد... سبعة آلاف رقصوا "هيب هوب"
المساهمون