تثير مسألة تأشيرات الدخول إلى بريطانيا جدلاً في البلاد، بين مسؤولين سياسيين وأصحاب العمل وعامة الشعب، وذلك عقب تصويت الشعب البريطاني على الخروج من الاتحاد الأوروبي في 23 يونيو/حزيران الماضي، الذي يعني توقّف التنقل بحرية بين دول الاتحاد.
وأمام مخاوف كثيرة من نقص في الأيدي العاملة والمهارات المطلوبة، رفضت الحكومة البريطانية الخطط المطروحة بشأن تأشيرات عمل إقليمية، من شأنها أن تعطي العاصمة لندن واسكتلندا تصاريح دخول خاصّة إليهما، بعد خروج بلادها المرتقب من الاتحاد الأوروبي أواخر مارس/آذار 2017.
ويبدو أنّ سياسة الهجرة الحالية، قد تصب في مصلحة بعض المهن ومنها التمريض والهندسة ورقص الباليه، التي قد يسهل دخول ممتهنيها إلى البلاد. ذلك لأنّ تلك السياسة، مصمّمة على نحو يلبي احتياجات أصحاب العمل عن طريق استخدام قائمة المهن الناقصة، وتستند إلى المهارات التي يرى أرباب العمل أنّهم بحاجة إليها.
وتستخدم حالياً سياسة نقص المهن في بريطانيا عن طريق منح تصاريح عمل مستوى 2، تشمل العاملين في الرّعاية الصحية والمهندسين ومطوّري البرمجيات والبنّائين وراقصي الباليه وغيرها.
وجاءت تلك السياسة نتيجة، دعوات نيكولا ستيرجون، رئيسة وزراء اسكتلندا وصديق خان عمدة لندن اللذين طالبا بتغيير سياسات الهجرة.
وطالبت ستيرجون، عقب نتيجة الاستفتاء، بصلاحيات جديدة حول الهجرة، في حين ضغط خان على "تأشيرة لندن" التي من شأنها أن تسمح بالاستمرار بالتوظيف من الخارج بعد انتهاء حرية التنقل داخل الاتحاد الأوروبي.
بدوره كتب موقع "ميل أونلاين"، عن أنّ مصدراً حكومياً قال إنّ سياسة الهجرة الإقليمية، قيد النظر وتسعى لملء الشواغر بالاعتماد، على تقديرات أرباب العمل للمهارات التي يحتاجونها.
وأعطى مثالاً على ذلك بالقول إنّه قد تكون هناك حالة نقص في عمّال صناعة البناء والتشييد، وعليه، يوظّف أصحاب العمل عمّالاً من الخارج عوضاً عن التوظيف على أساس الهجرة الإقليمي، كما هو الحال في دول أخرى مثل أستراليا وكندا.
ولم تقتصر مقترحات سياسة الهجرة على ذلك، بل قال اقتراح آخر، بمنح تأشيرات دخول إلى ما يسمّى بـ"العمّال الموسميين"، الذين يسمح لهم بالبقاء في البلاد لمدّة تقل عن تسعة أشهر مقابل قيامهم بأعمال مهمّة أو حسّاسة خلال هذه الفترة.
وتشير بيانات رسمية، إلى تراجع عدد العاملين المحليين في قطاعات عديدة في بريطانيا، على الرّغم من انخفاض معدّل البطالة في البلاد إلى أدنى مستوياته منذ عشر سنوات، خلال الأسبوع الماضي حتى بلغ 1.6 مليون.
أمّا تيريزا ماي، رئيسة وزراء بريطانيا، فقالت في خطابها يوم الثلاثاء الماضي، إنّها تتعهّد بتقديم نظام هجرة يخدم المصلحة الوطنية. ولفتت إلى إنهاء حرية التنقل داخل الاتحاد الأووربي ستكون على رأس أولوياتها في مفاوضات بروكسل المقبلة.
ويبدو أن ماي، تبرّر أزمة خدمات الصحة الوطنية أو الخدمات العامة بشكل عام في البلاد، إلى الحجم الهائل للهجرة خلال العشر سنوات الماضية، وتقول إنّه يوجد ضغط كبير على هذه الخدمات، بيد أنّها تردف أنّ الشركات البريطانية قادرة على الاستمرار في ملء النقص في المهارات عن طريق توظيف العمّال غير البريطانيين.
كذلك، أعلنت ماي عن الخط الأحمر للهجرة في خطابها الرئيسي اليوم، وقدّمت خطّة جريئة لقطع العلاقات مع بروكسل.
وقال متحدّث باسم وزارة الداخلية، لموقع "ميل أونلاين" إنّ إقبال الناخبين خلال الاستفتاء كان واضحاً أنّهم أرادوا أن تستعيد بلادهم السيطرة على الهجرة".
وأضاف أنّ هذه الحكومة ستعمل على تقديم نظام هجرة يخدم الجميع، وما أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي حتى تضع الحكومة قوانين هجرة جديدة.
من جانبه، قال ألكسندر داونر الأسترالي، مفوض سام في لندن، إنّه من أجل التوصل إلى اتفاق للتجارة الحرّة ينبغي على بريطانيا أن تبدي مرونة في قوانين الهجرة لديها.