19 سبتمبر 2022
هجمات باريس تطفئ أنوار "الكريسمس"
منذ الهجمات التي تعرضت لها باريس، والصحف الغربية بشكل عام تشن حملات كاسحة، ليس على الإرهاب، وعلى العمليات التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، بل تشن حملاتها الواسعة على الإسلام والعالم الإسلامي وشعوبه، وقد وصف الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند هجمات 13 نوفمبر/تشرين ثاني في باريس بأنها تقع ضمن "أعمال الحرب" التي ارتكبها التنظيم، وأعطت "هيرالد تربيون" له كل الحق بوصفها له أنه كان محقاً في الاعتراف، وتعقب قائلة: لكن، مع بعض التأخير، والجهاديون يشنون عدة سنوات الحرب ضد الغرب.
سببت الهجمات الجديدة موجة من الاستياء واسع النطاق، حتى على مستوى الشارع، بل وينقل الإعلام الغربي أن ثمة هجمات تتوعد بها "الدولة الإسلامية" في أوروبا، وهي تنقل تصريحات زعيم تلك "الدولة"، ويطالب الرأي العام الحكومات الأوروبية كلها بوجوب وضع كل إمكاناتها قيد الاستعداد للحرب، وحشد كل القوة العسكرية اللازمة لتدمير "الدولة الإسلامية" التي تدّعي نظام الخلافة في سورية والعراق، سواء من خلال "الاحتواء" أو "الإضعاف"، بحيث يؤدي كل منهما إلى تدميرها تدميراً نهائياً.
ويجيب مراقبون أوربيون: لكن، حتى إذا تم تدمير "الدولة الإسلامية" تماماً، فإن التطرف الإسلامي لن يختفي أبداً، وأن تدمير تلك "الدولة" سوف يزيد من التشدد والتعصّب والتطرف، وسيزيد التشديد على الحماس الديني، ليس من قوى في دواخل العالم الإسلامي، بل من المسلمين الذين يقطنون في أوروبا، بحيث تقوى إرادتهم بإعادة إقامة الخلافة. وعليه، يقترح بعض المحللين على القادة الأوروبيين الاستجابة لاتخاذ قرارات مهمة، وأن تتولى فرنسا القيادة، فهي أولى من غيرها في أن تقود الآخرين إلى الطريق.
هناك من اقترح العمل على تغيير النظرة السائدة في التعامل، وهناك من قال بضرورة تغيير العقلية المضادة الكامنة والمختفية في المجتمعات الأوروبية، وقال آخرون بالإسراع لمنع حدوث هجمات جديدة على نطاق أكبر. وحذّر بعض الأكاديميين من حدوث صراعاتٍ داخليةٍ، من شأنها أن تؤدي إلى شل قدرات القوى الاقتصادية. زادت القناعة، اليوم، بعد هجمات باريس لدى الرأي العام الأوروبي بأن المتطرفين الإسلاميين يخططون لتحويل أوروبا إلى قارة إسلامية، بحيث قال أحد المحللين إن مثل هذا "التفكير المتصادم" قد يثير حرباً أهلية قوية بعد ذلك في مناطق أوروبية عديدة، توقّع أن تشبه، في نهاية المطاف، البلقان في أوائل التسعينيات!
صاغت صحيفة لوموند ثلاثة مقترحات، للقضاء على ما وصفته بـ "السرطان الإسلامي"، يمكن اعتمادها للقضاء عليه:
أولاً، أن يتكيف المدى الأوروبي كله على حد سواء في الوعي بخطورة واقع الحال. والعمل
على استئصال كل من يقف ضد وسائل حياتنا وأساليب قيمنا ومناهج ثقافاتنا ووحدة حضارتنا الغربية. ثانياً، أن جوهر الحرب مفروض علينا من عدو لنا يعلن ذلك، فينبغي أن تتحول وسائل دفاعاتنا إلى خطط هجوم. ليس من الضروري أن نسأل ما إذا كان ينبغي لنا أن نفعل ذلك، إن قرر المهاجم أن يهاجم بالفعل. يعود فقط إلى تنفيذ وسائل للدفاع عن أنفسهم. ثالثاً: لا مخاوف مشروعة بعد اليوم من استخدام الحرب، وما تسببه في الواقع، إذ يبدو الأمر، من وجهة نظر مختلفة، حالة شاذة، أو حتى غير مناسبة تماماً، مقارنة لما عشناه من حروب. غير أن التاريخ الأوروبي قد يرسم، في النهاية، على مر القرون، واقعاً آخر من الحرب، عندما كان هناك حديث عن جيوش نظامية، تمثل دولاً، علينا أن نعلن أن حربنا هي التي تمثلها مجتمعاتٌ قد عانت، بوضوح، من هذه الأشباح السوداء.
ويعلق أحدهم على سؤال: لماذا لم تهبّوا بوجه الإرهاب الذي ذبح العراق وسورية وليبيا وغيرها على مدى سنوات، بأنه لو كان الرأي العام العربي معنا لاستجبنا للتحديات الصعبة في منطقتكم، لكن السواد الأعظم في مجتمعاتكم يكرهنا ويكره تاريخنا مع العرب. وكتب أحد القراء في تعليقاته: علينا ألا نتخوّف من الإرهابيين، فهم موجة سوداء كبقية الموجات التي اجتاحت حياتنا في القرن العشرين، فأجابه قارئ آخر: لا تستخف بهم، "إنهم يؤمنون بخطط لما بعد مأساة باريس. لانتزاع حضارتنا، وإعلانهم انتصار الظلامية على التنوير، وهزيمة التحرر على يد العبودية، كونهم مجرمين ينتمون إلى عقيدة تبيح النساء والأطفال منهج حياة في العبودية". وتجيب قارئة أخرى: كلا، مارسوا إخضاع كل الإسلام، وفرض وجهة نظرهم المشوهة له والنظر إلى الوراء، لا إلى الأمام، والإسلام الحقيقي براء منهم. ويجيب ساخط على الخط الآخر: أميركا هي السبب في زرع الإرهاب في العالم، فيسكته بقية المشاركين.
انشغلت الصحف ووسائل الإعلام، في غرب أوروبا عموماً، بمناشدة التحالف ضرب هذه الدولة الشريرة التي تريد أن تطفئ أنوار العالم، وأن عليهم أن يغلقوا كل منافذ الإرهاب وقطع شرايين تواصله. قالوا: حان الوقت للتضامن، كي لا تتهدم الحضارة البشرية بأيدي القتلة، وهم يضربون القلب باستهداف باريس، كونها الرمز الثقافي للعالم بامتياز، وهي العاصمة التي تأبى أن يدمرها انتحاريون أشرار، ونحن نمدّهم بكل الوسائل، ونمنحهم كل الحريات في فعل ما يريدون .. بدءاً برياض الأطفال، وحتى كبارهم وشيوخهم العاجزين، ولا يعلم ما الذي يخبئه المستقبل.
يشكل الغضب، اليوم، موجات متوالية، تمتد في عموم أوروبا أكثر بكثير من قارة أميركا الشمالية التي يعاتبها الأوربيون كثيراً، وخصوصا عن لا مبالاتها، بالقدر الذي كانت عليه قارة أوروبا إزاء المأساة.. "إن موسيقانا واحدة، تلك التي لا يمكن للأشرار من سفاكي الدماء الرقص عليها فوق جثث الأبرياء"، قالها أحدهم. وقالت أخرى: دعونا نتحلى بالشجاعة في القضاء على هذه الآفة التي تهددنا، والحفاظ على شغف الحياة فينا. وقال آخر: على حكوماتنا الغربية أن تغيّر سياساتها الداخلية إزاء المتطرفين الإسلاميين، وأن تحد من الظواهر البائسة التي طرأت علي مجتمعاتنا، وتمنع هذه الثقافة السلبية المنكمشة على ذاتها، وغير المتفاعلة مع مجتمعاتنا، وهي مجتمعات كافرة وسيئة وغير نظيفة في نظرهم واعتقادهم.
مثل هذه الحملات الإرهابية التي تضرب مدن الغرب باسم الإسلام، ستكون لها تداعيات خطيرة جداً، ليس فقط على جاليات العرب والمسلمين في الغرب نفسه، بل على مجتمعاتنا قاطبة، وعلى أوطاننا كلها. ينتشر الغضب مما سببته هجمة باريس ليس على الإرهاب، بل على الإسلام والمسلمين، إذ حدثت عشرات الحوادث ضد نسوة محجبات مسلمات، وضد تلاميذ مسلمين في المدارس، وضد موظفين وعمال، وحتى ضد شباب في الأماكن العامة. ثمة إجراءات ساخنة ستتخذ ضد العرب والمسلمين وتقاليدهم وطقوسهم في المجتمعات والدول الغربية.
عرضت وجهات نظر أخرى، في الصحافة الأوروبية، تنبه إلى أن هجمات 13 نوفمبر/تشرين الثاني الإرهابية ستخيّم بظلالها على انحسار الموسم السياحي، وستصيب التجارة ببعض الركود . وأوردت صحيفة الموندو الإسبانية أن متاجر كبرى في باريس، مثل "لافاييت مول"، انحسر الزبائن فيها إلى قرابة النصف، بعد أن كانت مكتظة بالسائحين. وتؤكد ذلك أيضا "لوفيغارو" الفرنسية التي كتبت عن شلل اقتصادي أصاب باريس ومتاجرها من جرّاء ما حدث، وذلك على الرغم من التطمينات التي أذاعتها الحكومة لتهدئة مخاوف التجار، وإشعار الناس بأن الحياة طبيعية. وعلى الرغم من ذلك كله، فإن تداعيات الهجمات ستنعكس سلباً من دون شك على اقتصاد البلاد، إذ حذّر رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، من أن زيادة ميزانية الأمن ستؤثر على التزام حكومته بخفض العجز التجاري، ووفقًا لوزير المالية تم توفير 8.500 وظيفة جديدة في قطاع الأمن والشرطة والقضاء ستكلف فرنسا 600 مليون يورو مع مطلع 2016. كما حذرت وكالة "ستاندرد أند بورز" الأميركية من أن الهجمات ستؤثر ليس على فرنسا وحدها، بل على أوروبا.
سببت الهجمات الجديدة موجة من الاستياء واسع النطاق، حتى على مستوى الشارع، بل وينقل الإعلام الغربي أن ثمة هجمات تتوعد بها "الدولة الإسلامية" في أوروبا، وهي تنقل تصريحات زعيم تلك "الدولة"، ويطالب الرأي العام الحكومات الأوروبية كلها بوجوب وضع كل إمكاناتها قيد الاستعداد للحرب، وحشد كل القوة العسكرية اللازمة لتدمير "الدولة الإسلامية" التي تدّعي نظام الخلافة في سورية والعراق، سواء من خلال "الاحتواء" أو "الإضعاف"، بحيث يؤدي كل منهما إلى تدميرها تدميراً نهائياً.
ويجيب مراقبون أوربيون: لكن، حتى إذا تم تدمير "الدولة الإسلامية" تماماً، فإن التطرف الإسلامي لن يختفي أبداً، وأن تدمير تلك "الدولة" سوف يزيد من التشدد والتعصّب والتطرف، وسيزيد التشديد على الحماس الديني، ليس من قوى في دواخل العالم الإسلامي، بل من المسلمين الذين يقطنون في أوروبا، بحيث تقوى إرادتهم بإعادة إقامة الخلافة. وعليه، يقترح بعض المحللين على القادة الأوروبيين الاستجابة لاتخاذ قرارات مهمة، وأن تتولى فرنسا القيادة، فهي أولى من غيرها في أن تقود الآخرين إلى الطريق.
هناك من اقترح العمل على تغيير النظرة السائدة في التعامل، وهناك من قال بضرورة تغيير العقلية المضادة الكامنة والمختفية في المجتمعات الأوروبية، وقال آخرون بالإسراع لمنع حدوث هجمات جديدة على نطاق أكبر. وحذّر بعض الأكاديميين من حدوث صراعاتٍ داخليةٍ، من شأنها أن تؤدي إلى شل قدرات القوى الاقتصادية. زادت القناعة، اليوم، بعد هجمات باريس لدى الرأي العام الأوروبي بأن المتطرفين الإسلاميين يخططون لتحويل أوروبا إلى قارة إسلامية، بحيث قال أحد المحللين إن مثل هذا "التفكير المتصادم" قد يثير حرباً أهلية قوية بعد ذلك في مناطق أوروبية عديدة، توقّع أن تشبه، في نهاية المطاف، البلقان في أوائل التسعينيات!
صاغت صحيفة لوموند ثلاثة مقترحات، للقضاء على ما وصفته بـ "السرطان الإسلامي"، يمكن اعتمادها للقضاء عليه:
أولاً، أن يتكيف المدى الأوروبي كله على حد سواء في الوعي بخطورة واقع الحال. والعمل
ويعلق أحدهم على سؤال: لماذا لم تهبّوا بوجه الإرهاب الذي ذبح العراق وسورية وليبيا وغيرها على مدى سنوات، بأنه لو كان الرأي العام العربي معنا لاستجبنا للتحديات الصعبة في منطقتكم، لكن السواد الأعظم في مجتمعاتكم يكرهنا ويكره تاريخنا مع العرب. وكتب أحد القراء في تعليقاته: علينا ألا نتخوّف من الإرهابيين، فهم موجة سوداء كبقية الموجات التي اجتاحت حياتنا في القرن العشرين، فأجابه قارئ آخر: لا تستخف بهم، "إنهم يؤمنون بخطط لما بعد مأساة باريس. لانتزاع حضارتنا، وإعلانهم انتصار الظلامية على التنوير، وهزيمة التحرر على يد العبودية، كونهم مجرمين ينتمون إلى عقيدة تبيح النساء والأطفال منهج حياة في العبودية". وتجيب قارئة أخرى: كلا، مارسوا إخضاع كل الإسلام، وفرض وجهة نظرهم المشوهة له والنظر إلى الوراء، لا إلى الأمام، والإسلام الحقيقي براء منهم. ويجيب ساخط على الخط الآخر: أميركا هي السبب في زرع الإرهاب في العالم، فيسكته بقية المشاركين.
انشغلت الصحف ووسائل الإعلام، في غرب أوروبا عموماً، بمناشدة التحالف ضرب هذه الدولة الشريرة التي تريد أن تطفئ أنوار العالم، وأن عليهم أن يغلقوا كل منافذ الإرهاب وقطع شرايين تواصله. قالوا: حان الوقت للتضامن، كي لا تتهدم الحضارة البشرية بأيدي القتلة، وهم يضربون القلب باستهداف باريس، كونها الرمز الثقافي للعالم بامتياز، وهي العاصمة التي تأبى أن يدمرها انتحاريون أشرار، ونحن نمدّهم بكل الوسائل، ونمنحهم كل الحريات في فعل ما يريدون .. بدءاً برياض الأطفال، وحتى كبارهم وشيوخهم العاجزين، ولا يعلم ما الذي يخبئه المستقبل.
يشكل الغضب، اليوم، موجات متوالية، تمتد في عموم أوروبا أكثر بكثير من قارة أميركا الشمالية التي يعاتبها الأوربيون كثيراً، وخصوصا عن لا مبالاتها، بالقدر الذي كانت عليه قارة أوروبا إزاء المأساة.. "إن موسيقانا واحدة، تلك التي لا يمكن للأشرار من سفاكي الدماء الرقص عليها فوق جثث الأبرياء"، قالها أحدهم. وقالت أخرى: دعونا نتحلى بالشجاعة في القضاء على هذه الآفة التي تهددنا، والحفاظ على شغف الحياة فينا. وقال آخر: على حكوماتنا الغربية أن تغيّر سياساتها الداخلية إزاء المتطرفين الإسلاميين، وأن تحد من الظواهر البائسة التي طرأت علي مجتمعاتنا، وتمنع هذه الثقافة السلبية المنكمشة على ذاتها، وغير المتفاعلة مع مجتمعاتنا، وهي مجتمعات كافرة وسيئة وغير نظيفة في نظرهم واعتقادهم.
مثل هذه الحملات الإرهابية التي تضرب مدن الغرب باسم الإسلام، ستكون لها تداعيات خطيرة جداً، ليس فقط على جاليات العرب والمسلمين في الغرب نفسه، بل على مجتمعاتنا قاطبة، وعلى أوطاننا كلها. ينتشر الغضب مما سببته هجمة باريس ليس على الإرهاب، بل على الإسلام والمسلمين، إذ حدثت عشرات الحوادث ضد نسوة محجبات مسلمات، وضد تلاميذ مسلمين في المدارس، وضد موظفين وعمال، وحتى ضد شباب في الأماكن العامة. ثمة إجراءات ساخنة ستتخذ ضد العرب والمسلمين وتقاليدهم وطقوسهم في المجتمعات والدول الغربية.
عرضت وجهات نظر أخرى، في الصحافة الأوروبية، تنبه إلى أن هجمات 13 نوفمبر/تشرين الثاني الإرهابية ستخيّم بظلالها على انحسار الموسم السياحي، وستصيب التجارة ببعض الركود . وأوردت صحيفة الموندو الإسبانية أن متاجر كبرى في باريس، مثل "لافاييت مول"، انحسر الزبائن فيها إلى قرابة النصف، بعد أن كانت مكتظة بالسائحين. وتؤكد ذلك أيضا "لوفيغارو" الفرنسية التي كتبت عن شلل اقتصادي أصاب باريس ومتاجرها من جرّاء ما حدث، وذلك على الرغم من التطمينات التي أذاعتها الحكومة لتهدئة مخاوف التجار، وإشعار الناس بأن الحياة طبيعية. وعلى الرغم من ذلك كله، فإن تداعيات الهجمات ستنعكس سلباً من دون شك على اقتصاد البلاد، إذ حذّر رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، من أن زيادة ميزانية الأمن ستؤثر على التزام حكومته بخفض العجز التجاري، ووفقًا لوزير المالية تم توفير 8.500 وظيفة جديدة في قطاع الأمن والشرطة والقضاء ستكلف فرنسا 600 مليون يورو مع مطلع 2016. كما حذرت وكالة "ستاندرد أند بورز" الأميركية من أن الهجمات ستؤثر ليس على فرنسا وحدها، بل على أوروبا.