أغلقت الشرطة الإسرائيلية صباح اليوم السبت، السوق الرئيسي في مدينة الطيرة في المثلث، بعد اندلاع تظاهرات ومواجهات الليلة في المدينة، فيما أشارت مصادر محلية في أم الفحم إلى وجود حالة توتر شديدة بين الشرطة والسكان منذ ساعات الفجر بعد مواجهات وقعت عند مدخل المدينة الليلة أيضاً.
وجاءت هذه التطورات بعدما حاولت عناصر من عصابات "جباية الثمن" الليلة الاعتداء على الفلسطينيين في مناطق مختلفة من الداخل الفلسطيني، غير أنّ الأهالي تمكّنوا من صدّهم، مما صعّد من حدّة التظاهرات الليلة، التي شملت عدداً من البلدات العربية، بعدما شهدت بلدات في الجيل والمثلث تظاهرات سلمية خلال ساعات النهار وقبيل الإفطار، اقتصرت على رفع الشعارات المندّدة بالعدوان الإسرائيلي بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر.
وجرت تظاهرات سلمية في كل من مجد الكروم في الجليل، وفي كفر كنا، وفي قرية جسر الزرقاء وفي الفريديس. لكن ساعات ما بعد الإفطار شهدت تطوراً خطيراً بعد محاولات لعناصر من "جباية الثمن" للاعتداء على مصلّين بعد ساعات المغرب في بلدة كفر كنا في الجليل، لكن سكان البلدة تصدّوا لهم وطردوهم من البلدة.
وتكرّر المشهد في المثلث الجنوبي في بلدات الطيرة والطيبة وجلجولية وقلنسوة، حيث حاول مستوطنون وعناصر من "جباية الثمن" دخول هذه البلدات، فيما وقعت مواجهات عند مدخل مدينة أم الفحم، تخلّلتها حملة اعتقالات واسعة وإصابة أحد أعضاء المجلس البلدي.
وفي الطيبة، قال شهود عيان من سكان المدينة لـ"العربي الجديد"، إنّ المدينة تحوّلت إلى ما يشبه ثكنة عسكرية، بعدما نشرت الشرطة الإسرائيلية قوات كبيرة في المدينة، فيما قام شباب ملثمون برشق الشرطة الإسرائيلية بالحجارة. وقامت شرطة الاحتلال بإغلاق الطريق الرئيسي المعروف بشارع 444، الذي يربط بين جنوب فلسطين المحتلة وشمالها، في المقطع الواصل بين الطيبة والطيرة وقلنسوة.
وكانت تظاهرة سلمية ،شارك فيها العشرات، قد انطلقت في الشارع الرئيسي للمدينة، رفع خلالها المشاركون الأعلام الفلسطينية والشعارات المندّدة بالاحتلال، لكن الوحدات الإسرائيلية الخاصة استخدمت القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع ضدّ المتظاهرين، أدى إلى تطور الموقف إلى اشتباكات.
كما شهدت الطيرة وقلنسوة مواجهات مع الشرطة. وقال شهود عيان إنّ الشرطة استخدمت القنابل المسيلة للدموع، مما أوقع إصابات في صفوف المتظاهرين، كما شنّت حملة اعتقالات واسعة، ولم يعرف بعد عدد المعتقلين في التظاهرات التي اندلعت في قرى المثلث.
وكان شبان ملثمون قد قاموا الليلة بحرق إطارات في الشارع الرئيسي لمدينة باقة الغربية، كما قاموا بإحراق علم إسرائيل. وكتب الشاعر علي مواسي على صفحته على "فيسبوك" أنّ الأحداث في باقة الغربية انفجرت بشكل عفوي دون أي تنسيق مسبق أو دعوة للتظاهر، علماً بأنّ المدينة شهدت قبل ذلك بيومين تظاهرة سلمية بعد صلاة العشاء قرب مسجد أبو بكر في المدينة.
ووفقاً لتسلسل الأحداث وشهادات بعض الناشطين على "فيسبوك"، فإنّ محاولات جماعات "جباية الثمن" المتكررة في اليومين الماضيين رفعت من حالة الغليان بشكل خاص في صفوف الشباب الفلسطيني، الذي يتحرك بشكل فوري وعفوي من خلال الدعوة لتظاهرات محلية. علماً بأن الشرطة الإسرائيلية أقرت قبل أسبوعين بوجود معلومات استخبارية لديها حول نية "عناصر جباية الثمن" تنفيذ اعتداءات في البلدات العربية خلال شهر رمضان، بما في ذلك استهداف المساجد.
وكانت لجنة المتابعة العليا لشؤون الفلسطينيين في الداخل قد دعت إلى تشكيل لجان حماية محلية، وحذّرت في بيان "من حملات التحريض العنصري والإرهابي والدعوة لاستهداف الإنسان الفلسطيني وتخريب ممتلكاته على شبكات التواصل الاجتماعي، إذ تعكس هذه الحملات تجذر العقلية الفاشية والنزعة العدوانية لقطاعات واسعة في المجتمع الإسرائيلي. كما تؤكد لجنة المتابعة أن هذه الحملات سيكون لها عواقب وخيمة إذ استمرت السلطات في إرخاء العنان لهؤلاء المتطرفين".
في ظل هذه الأجواء، يتزايد احتمال اندلاع مثل هذه التظاهرات غير المنظمة، وفقدان السيطرة عليها، وسط خشية من تكرار أحداث هبّة القدس والأقصى (هبة أكتوبر عام 2000، بعد اقتحام أرييل شارون للأقصى)، التي قامت شرطة الاحتلال خلالها بقتل 13 شاباً فلسطينياً رمياً بالرصاص.