هبة اللبدي مضربة عن الطعام

09 أكتوبر 2019
أكبر ظلم للإنسانية (عن فيسبوك)
+ الخط -
كان يفترض بالعشرين من أغسطس/ آب الماضي أن يكون يوماً عاديّاً بالنسبة للشابة الأردنيّة هبة اللبدي (32 عاماً)، هي التي حزمت حقائبها برفقة والدتها وخالتها لحضور حفل زفاف أحد أقاربها في مدينة نابلس شمال الضفة الغربية. لم تتوقّع أن تعتقل من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وأن تتحول إلى التحقيق، لتعيش تجربة قاسية من جراء التعذيب الذي تعرضت له.

كانت هبة تفكّر في ما سترتديه خلال حفل الزفاف، إضافة إلى السهرة برفقة قريباتها اللواتي اعتدن رؤيتها في كل مرة تزور فيها الضفة الغربية. لكن الرياح سارت بما لا تشتهيه السفن، إذ طال التدقيق في هويتها وجواز سفرها من قبل موظّف جوازات السفر الإسرائيلي عند معبر الكرامة الفاصل بين الأردن وفلسطين. مرّ الوقت ثقيلاً في قاعة الانتظار، ثم طلبت مجندة إسرائيلية من هبة أن تتبعها إلى الداخل، أي إلى غرفة الاستخبارات الإسرائيلية، وقيل لوالدتها وخالتها إن عليهما المغادرة. حاولت هبة طمأنتهما قائلة: "مش مطولة".




خضعت هبة للتحقيق لأكثر من شهر، وتعرّضت لتعذيب جسدي ونفسي متواصل وبشكل قاس وسط ظروف اعتقال صعبة، في محاولة لانتزاع اعتراف منها. ولم يُسمح للمحامي أو أي من أقاربها زيارتها، وصدر بعدها قرار بتحويلها للاعتقال الإداري من دون توجيه أي تهمة لها. يوضح خال هبة، يوسف الطاهر، وهو من محافظة جنين، لـ "العربي الجديد": "اعتقال هبة كان مفاجئاً وصادماً. ليس لهبة أي نشاط سياسي، بل تركّز اهتمامها في قطاع المصارف في دبي، وكثيراً ما تزور الأردن، كما أنها تسكن مع عائلتها". يضيف: "تزور فلسطين للمشاركة في المناسبات الاجتماعية".

تجربة اعتقال هبة والتحقيق معها كانت قاسية جداً. لم يكد خالها يعرفها عندما رآها لأول مرة في المحكمة بعد انتهاء التحقيق معها، فقد خسرت الكثير من وزنها. يقول: "ما إن رأتني هبة حتى رفعت يدها وابتسمت". أما والدة هبة، فبكت كثيراً وكاد أن يغمى عليها حين رأت ابنتها في هذه الحالة.

خلال الجلسة التي عقدت في السادس والعشرين من سبتمبر/ أيلول الماضي، صدر قرار باعتقال هبة خمسة أشهر إدارياً، بعد فشل المحققين الإسرائيليين في إثبات أية تهمة بحقها. لكنّ على الرغم من ظروفها الصحية الصعبة، أبلغت المحامية دخولها في إضراب مفتوح عن الطعام تواصله منذ 15 يوماً.

ويطالب خال هبة اللبدي الحكومة الأردنية، وتحديداً وزارة الخارجية، بالتدخل الجاد لإنهاء معاناة هبة، مشيراً إلى أن ممثلاً عن الخارجية الأردنية التقى بهبة في السجن، من دون الكشف عن المزيد من التفاصيل. وتؤكد وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية في بيان أنها "تتابع بشكل يومي حادثة الاعتقال بحق المواطنة الأردنية هبة عبد الباقي (اللبدي)"، مشيرة إلى أن القنصل الأردني في تل أبيب زار هبة في مركز احتجازها ثلاث مرات منذ اعتقالها، بهدف دعمها والاطلاع على ظروف احتجازها والعمل على إطلاق سراحها.

ونقلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية عن هبة، المضربة عن الطعام منذ 15 يوماً ضد اعتقالها الإداري، والموجودة حالياً في عزل "جلمة" وسط ظروف صعبة، تعرضها للكثير من الانتهاكات على مدار الساعة من قبل المحققين الإسرائيليين، خلال التحقيق معها الذي استمر 35 يوماً.




ومنذ اعتقالها، تعرضت هبة للتنكيل ومحاولة تفتيشها شبه عارية وحرمانها من النوم خلال التحقيق معها. وكان يُجرى التحقيق معها وهي مقيدة على كرسي مثبّت بالأرض، ما سبب لها آلاماً شديدة في الظهر واليدين والرقبة. وعمد المحققون إلى الصراخ في وجهها وشتمها وتهديدها باعتقال عائلتها وحرمانها من السفر، علاوة على انتهاك خصوصيتها حتى في المرحاض.

وعقاباً على إعلانها الإضراب عن الطعام، نقلت الأسيرة الأردنية هبة اللبدي إلى زنازين الجلمة، حيث تقبع في زنزانة فيها أربع كاميرات مراقبة. أما المرحاض فهو قبالة الكاميرا وزجاجي، ما يدفعها إلى وضع غطاء على الزجاج. وتقول: "كنت أسمع عن معاملتهم، لكن ليس بالحجم الذي عشته وجربته، فهو أكبر ظلم للإنسانية".
المساهمون