نورما أبو الربيع... فتاة المواهب الوظيفية المتناقضة

05 يناير 2015
نورما أبو الربيع داخل الورشة (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يخطر ببالها أن تكون اول فتاة فلسطينية تقتحم مهنة لطالما كانت ‏حكراً على الرجل. في الورشة، تحاصرها الماكينات اليدوية الثقيلة كالمنشار والمقادح. تعمل على هذه الماكينات باحتراف تام، منافسة زملاءها في العمل. اسمها نورما ابو ربيع، وتعمل داخل شركة تصميم وصناعة قوالب التغليف، في حي رفيديا في مدينة نابلس. حيث تنتج السكاكين التي تستخدم في قوالب الاحذية والشنط والنايلون‎... وحياة نورما لا تقتصر على المغامرة في عملها في الورشة، فهي كذلك مدربة رقص وسباحة، إضافة إلى اتقانها الإسعافات الأولية وإطفاء الحرائق بعد خضوعها لدورات تدريبية. وكذلك، تعلّمت نورما مهنة الماكياج وتصفيف الشعر... هي باختصار، امرأة متعددة المواهب، وتمتلك طاقة استثنائية. 

‏من العمل اليدوي إلى الإلكتروني
اقتحمت نورما مهنة صناعة قوالب التغليف، عندما كانت في الـ 17 من عمرها. وتقول لـ "العربي الجديد": "كنت طالبة في المدرسة عندما ذهبت الى احد مكاتب الهندسة في المدينة ‏بحثاً عن عمل اساعد بمدخوله عائلتي. كنت حينها لا املك إلا مهارة الرسم بالألوان الزيتية. جاء احد اصحاب الورش اثناء مقابلة العمل وقال لصاحب المكتب "هذه الفتاة لها عمل في الورشة لدي". ذهبت مباشرة، وبدأت اعمل على احد مناشير الورق والصاج والخشب والحفر".
تقول نورما: "‏حينها كان العمل شاقاً ومتعباً بسبب استخدام ماكينات ثقيلة وخطيرة، ولكنني في الوقت نفسه أحببت هذه المهنة كثيراً"، وتضيف: "اعمل منذ أكثر من ‏عشرين عاماً. لم اشعر يوماً بالملل أو الخوف أو الحرج من عملي، رغم استغراب البعض من مهنتي بسبب احتكار الرجال لهذا النوع من الأعمال. كما أن بعض ‏الزبائن عندما يأتي الى الشركة، يطرح أسئلة تتعلق بسبب اختياري لهذا العمل، مستهجنين دقتي وحرفيتي".
وتقول نورما "اتقنت العمل على جميع الماكينات، ‏الى ان تم ربطها بالكمبيوتر. حالياً، أصبح العمل أكثر سهولة، وأكثر دقة وسرعة. فقد اصبحت القوالب ‏تقدّم عبر أحدث البرامج المتخصصة، حيث نقوم بتصميمها وحفرها على ماكينة‎ خاصة، ‎ونثني السكاكين اوتوماتيكياً. وبرغم سهولة العمل فهو يتطلب كذلك تركيزاً ودقة".
تحضر نورما إلى العمل في الصباح الباكر، ومنذ سنوات طويلة، وهذا لم يمنعها من ممارسة حياتها الطبيعية والمجتمعية "اشارك اصدقائي وصديقاتي ‏واهلي وعائلتي المناسبات والرحلات واخرج معهم‎، بعد انتهاء دوامي".

مدربة الزومبا
و‎الى جانب عمل نورما الشّاق والخطير، تعمل كذلك مدربة للفتيات على رقصة الزومبا في احد النوادي الرياضية في مدينة ‏نابلس. اضافة للتدريب على السباحة. وتقول "أعمل في مهن متناقضة، ما بين المهن الصعبة وتلك ‏الناعمة. لدي مهارات عديدة جسّدتها على ارض الواقع. ورغم تناقضها فإنني أشعر بسعادة كبيرة ولن استغني عن أي عمل أقوم به".
وتضيف نورما "اعمل في ورشة تحاصرني الماكينات والسكاكين والشفرات ‏اضافة الى المقادح والماكينات التي يصدر عنها شرارات كهربائية قد ينتج منها حوادث مثل الإصابة او الحرائق، وهذا يحتاج مني ان اكون حريصة ‏على مكان عملي. لذلك، خضعت لدورة في الاسعاف الاولي اضافة الى دورة في الدفاع المدني لاستخدام اطفائيات الحرائق كذلك حصلت على رخصة للقيادة ‏ايضاً اضافة الى دورات في التجميل والكوافير‎".
‎ثماني مهن تحترفها نورما، بجبروت المرأة الفلسطينية، وبفضل تشجيع والدها واخوتها الستة، الذين ‏كما تقول دعموها كثيراً ووقفوا إلى جانبها طيلة الاعوام ‏الماضية. أما طموحات نورما المستقبلية فهي: " اكتساب مهارات جديدة، اضافة الى افتتاح مشروع مستقل، اضافة الى العمل في الورشة والنادي الرياضي‎".
ويقول مدير شركة "ماستركت" التي تعمل فيها نورما، مأمون عرفات، لـ "العربي الجديد": "لم أعرف يوماً فتاة تتحمل ضغوط العمل وصعوبته مثل نورما، ‏فهي تحضر للعمل بشكل يومي، حتى في الأعياد والإجازات الرسمية ولا تمل من العمل رغم انه متعب وصعب وبحاجة الى دقة. هي اول فتاة ‏فلسطينية تقتحم هذا العمل وتتقنه اكثر من الرجال".
المساهمون