وبدأت المشكلة مع الـ"فلاش باك"، والذي يصور طفولة منير في النوبة، جنوب مصر بالقرب من السودان، وصولاً إلى مرحلة تهجير الأهالي من قراهم في عصر الرئيس جمال عبد الناصر، من أجل مشروع بناء السد العالي، حيث أغرقت المياه ما يزيد عن 44 قرية نوبية، مما أدى لتهجير قرابة 15 ألف أسرة إلى مكان آخر يسمى "هضبة كوم أمبو".
حيث جاءت مشاهد التهجير، ضمن أحداث الحلقة الخامسة، تفيض بالبهجة والسعادة، وكأن أهالي النوبة يرغبون في الرحيل فعلاً من أجل المشروع و"الحلم القومي"، المتمثل في بناء السد العالي، وكانت من أكثر اللقطات المثيرة للانتباه، لقطة لطفل نوبي يحمل صورة لعبد الناصر، إلى جانب السفن التي تم نقل النوبيين بها إلى المنطقة الجديدة، وظهرت كبيرة وثرية للغاية.
وجاءت ردود الفعل سريعاً، حيث أعلنت صفحة "النوبة" على "فيسبوك"، وهي أكبر صفحة وتجمع للنوبيين على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ يشارك فيها عشرات الآلاف، عن مقاطعة كل أخبار وتفاصيل العمل على الصفحة، وإطلاق وسم "#المغنى_لا_يمثل_النوبة"، للتعبير عن آراء النوبيين تجاه العمل، وتأكيد رفضهم لأحداثه.
Facebook Post |
ومباشرة انتشر الوسم رفقة مئات الآراء النوبية الرافضة والغاضبة من "منير" ومسلسله، مع بعض الاتهامات بأنه اختار تزييف التاريخ عوضاً عن الانحياز لأهله، وأبدى الأغلبية استياءهم من تصدير سعادة النوبيين من التهجير واحتفائهم به، لأن هذا الأمر منافٍ للحقيقة، "فقد شعروا بالغضب والظلم لإبعادهم عن أراضي جدودهم" كما يقول موسى عبد الرحمن النوبي، معلقاً على الصفحة، ومضيفاً أن "تصوير الباخرة المريحة التي نقلت النوبيين أيضاً به تزييف لأن الأمر تم بإهانة وفي مراكب للمواشي وتم تكسير المنقولات أثناء الترحيل".
أما الناشط النوبي حمدي سليمان، فقد أبدى غضبه من صورة "عبد الناصر" في يد الطفل، حيث قال: "الحقيقة المريرة التي تناولها الأجداد ومن عاصروا التهجير هي تلقيهم أوامر وتهديدات من ضباط الجيش من أجل الابتسام والغناء أمام الكاميرات وإلا سينالهم جزاء وتنكيل"، مشيراً إلى أن المكان الذي تم نقل النوبيين إليه "لم يكن على النيل كما روج المغني"، موضحاً أنه "كان في صحراء وادي الجن، بكوم امبو، والتي أطلق عليها النوبيون وادي جهنم".
Facebook Post |
أما النقطة الأخيرة التي أثارت غضب الأهالي في المسلسل، فهو تصديره أن أهالي النوبة كانوا يتحدثون اللغة العربية بلهجة أقرب لأهالي الصعيد، فعلق إسلام محمد: "اللغة وقتها كانت اللغة النوبية بنسبة 100%، وقليلون من كانوا يعرفون العربية".
يذكر أن غضب أهالي النوبة هو استمرار لحالة الانتقادات الواسعة التي ينالها مسلسل "المغني" منذ بداية عرضه، سواء بسبب ضعف مستواه الفني، واعتباره عملاً كل الهدف منه هو الدعاية لمحمد منير والحديث الفج عن عبقريته، قبل أن يتحول الأمر الآن إلى حملة أكبر من المنطقة التي ينتمي لها منير، وتعامل طويلاً باعتباره "أحد أبنائها وأصواتها"، لتكون النتيجة النهائية من المسلسل عكسية، ودعاية سلبية ضد "المغني"، لا تحتفي به.