نموّ الاستثمار الزراعي في قطر لتحقيق الاكتفاء الذاتي

29 ابريل 2015
اهتمام عالمي بالمزارع القطرية (كريم جعفر/فرنس برس)
+ الخط -
وضعت قطر خطة زراعية تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من المنتجات والخضروات للسوق المحلية بحلول العام 2030، وتقليل الاعتماد على المنتجات المستوردة من الدول المجاروة والبعيدة. وتهدف السلطات المسؤولة في الدولة من خلال هذه الاستراتيجية، إلى زيادة عدد المزارع المنتشرة في أطراف الدولة من 1400، توفر نحو 30% من الحاجات المحلية، توزع منتجاتها على نحو 600 محل و"شبرة" أو "حسبة" (أماكن مخصصة لبيع المنتجات الزراعية بالجملة)، منتشرة في جميع المناطق، إلى نحو 2000 مزرعة في السنوات القليلة المقبلة.


وأكد عدد من العاملين في القطاع أن الدولة القطرية رفعت اهتمامها بالقطاع الزراعي في السنوات الأخيرة، في سبيل تحقيق الأمن الغذائي للمقيمين على أراضيها، لافتين إلى وضع خطط لزيادة عدد المزارع في السنوات المقبلة ورفع القدرة الإنتاجية وزيادة الدعم لأصحاب المزارع القائمة في الدولة.

استثمارات بمستقبل مضمون
وينفق أصحاب المزارع مئات الآلاف من الدولارات على زيادة إنتاجهم وتعزيز مرافقهم، ويتعاقدون مع الشركات العالمية لشراء الآلات المتطورة في جني المحاصيل. وفي هذا الإطار، بيّن الخبير حمد بن سعد أن القطاع الزراعي في قطر يستفيد من القدرة المالية الكبيرة التي يملكها أصحاب المزارع، وهم من القطريين، لافتاً إلى أن أصحاب المزارع ينفقون نحو 300 ألف دولار شهرياً على تطوير العمل في مزراعهم وزيادة عدد الخيم البلاستيكية والبيوت المحمية الموجودة فيها، منوهاً بأن عدد الخيم الموجودة حالياً يصل إلى 25 ألف خيمة توفر جميع أنواع الخضار والحبوب، وتؤمن 20 إلى 30% من حاجة السوق المحلية، وكاشفاً أن الشركات العاملة في السوق تستورد يومياً نحو 200 شحنة من المزروعات والخضار من الدول الخليجية المجاورة ومن لبنان والأردن وبعض الدول الأوروبية، من أجل سد العجز في السوق.

وذكر أن الشركات الزراعية العاملة في السوق القطرية تعمل على التعاقد مع الجهات المعنية في وزارتي البيئة والداخلية من أجل تأمين بعض الأشجار للمرافق والحدائق العامة، مقدّراً الدعم الحكومي للقطاع بنحو 30 مليون دولار سنوياً.

ورجح بن سعد، في تصريح له لـ"العربي الجديد"، أن يرتفع عدد المزارع إلى 2000 مزرعة في السنوات العشر المقبلة، مشيراً إلى أن السلطات المعنية في وزارات الدولة تعمد إلى تخصيص مساحات واسعة في أطراف الدولة من أجل إنشاء المزارع، ولافتاً إلى إقبال رجال الأعمال والقطريين المتقاعدين من أعمالهم للدخول في مشاريع زراعية من أجل توفير الإيرادات الدائمة لهم، مبيّناً أن أرباح الشركات الزراعية التي يصل عددها إلى 12 شركة تقريباً تراوح بين 300 ألف دولار و2.5 مليون دولار سنوياً، وكاشفاً أن بعض المصارف تؤمّن التسهيلات لإقامة المشاريع لمدة 10 سنوات، ما يشجع القطاع الخاص على الدخول في هذا القطاع، وخصوصاً أنه بات يشهد اهتماماً كبيراً في السنوات القليلة الماضية. وأكد بن سعد أن أسعار المنتجات المحلية تقل عن المستوردة من 10 إلى 30% لبعض الأنواع، فيما ترتفع بنحو 10% لبعض الأصناف، كاشفاً أن بعض الخضروات توفر 30% من الحاجة اليومية للسوق.


إلى ذلك، لفت الخبير الاقتصادي يوسف المري، إلى أن القطاع الزراعي في قطر يعد من الأكثر نمواً في المنطقة في الفترة الأخيرة، لافتاً إلى أن عدد المزارع نما بنسبة 15% تقريباً في السنوات الثلاث الماضية، فيما يشهد الإنتاج نمواً لا يقل عن 12% سنوياً، وبيّن أن القطاع الزراعي الذي يحظى بدعم كبير من الدولة، يشكل ضمانة كبيرة في تحقيق نسبة من الأمن الغذائي، ومتوقعاً أن تستفيد الدولة من الإيرادات العالية في تطوير القطاع واعتماد التقنيات والمعدات الحديثة التي تساعد على تقليل وقت حصاد المحصول الزراعي والتي تراوح بين شهر و3 أشهر لكل مزرعة تقريباً.

اهتمام حكومي
وأوضح الخبير الزراعي، حسن البنعلي، أن القطاع الزراعي في السوق القطرية يعد من القطاعات التي تشهد اهتماماً متواصلاً من قبل المسؤولين في الدولة، ويستفيد من الدعم الذي تقدمه وزارة البيئة والهيئات المعنية في غرفة التجارة للمزارعين بغية تعزيز الإنتاج في مزراعهم، لافتاً إلى وضع خطة تهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الزراعي والخضروات بحلول العام 2030، في سعي لزيادة الإيرادات غير النفطية للدولة، وتعزيز مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي السنوي إلى أكثر من 4% سنوياً.

وقال البنعلي، لـ"العربي الجديد"، إن عدد المزارع المنتشرة في السوق القطري يصل اليوم إلى نحو 1400 مزرعة تؤمّن جميع أنواع الخضار والمزروعات والأشجار، وتحصل على دعم من الدولة عن طريق توفير الأعلاف والأدوية والأسمدة والمياه، لافتاً إلى أن تطوير آليات مد المزارع بالمياه لري المزروعات، ورفع حجم المياه المستخدمة إلى أكثر من 5 ملايين متر مكعب شهرياً، يأتي في إطار سياسة مكافحة قلّة المياه والطقس الحار الذي يسيطر على الدولة على مدى 7 إلى 8 أشهر في كل عام. ولفت إلى أن المساحة الصالحة للزراعة في قطر تصل إلى 65 ألف هكتار تنتج نحو 250 طناً من الخضروات يومياً وتوزع في السوق وتوفر 30% من الحاجة المحلية، منوهاً بأن المبيعات السنوية للقطاع الزراعي تصل إلى 220 مليون دولار تقريباً تساهم بنحو 4% من الناتج المحلي السنوي في الدولة.

وأوضح البنعلي أن الحكومة القطرية، وعبر الهيئة العامة للاستثمار، تقوم بتنفيذ مشاريع والاستحواذ على مزارع في بعض البلدان الأفريقية والدول المجاورة، في إطار سياسة الأمن الغذائي التي تعتمدها، والتي تهدف إلى توفير متطلبات السكان من الخضار والإنتاج الزراعي في السنوات المقبلة. وتتعاقد هذه الجهات مع المسؤولين في بعض الدول القريبة من أجل استغلال الساحات غير المستخدمة فيها، ضمن إطار سياسة تقليل الاستيراد من الخارج.

إقرأ أيضا: الابتكار الإماراتي في الاستثمار الزراعي
المساهمون