نقل الأصوات بين الدوائر... حيلة للتلاعب بجداول الناخبين الكويتيين

14 فبراير 2020
تعرضت الكتل السياسية لضربة عقب قانون "الصوت الواحد"(فرانس برس)
+ الخط -

مع فتح الحكومة الكويتية باب التقييد في الجداول الانتخابية خلال فبراير/ شباط من كل عام، وذلك استعداداً للانتخابات البرلمانية التي ستجرى أواخر عام 2020، دعا أعضاء في مجلس الأمة (البرلمان) الحكومة إلى إيقاف عمليات نقل الأصوات بين الدوائر الانتخابية، التي يقوم بها نواب حاليون ومرشحون قادمون ذوو نفوذ كبير.

وطالب النائب المنتمي إلى "الحركة الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لجماعة "الإخوان المسلمين"، محمد الدلال، بتشكيل لجنة تحقيق حكومية بشأن المخالفات والتجاوزات التي جرت في نقل القيود الانتخابية من دائرة إلى أخرى، ضمن صفقات سياسية، لترجيح كفّة مرشح مقابل آخر في الانتخابات. ودعا الدلال لجنة التحقيق إلى فحص كل القيود الانتخابية المسجلة في السنوات الخمس الأخيرة، التي جرت بكثافة عالية لحساب نواب معينين في البرلمان، اشتهروا بهذه العمليات والألعاب الانتخابية.

وأكد النائب يوسف صالح الفضالة، من جهته، أن هناك مباحثات لتقديم قانون ينظم عملية التقييد الانتخابي ويحد من عمليات نقل الأصوات، وذلك للقضاء على هذه الظاهرة، التي سببت تزايد معدلات شراء الأصوات والتلاعب فيها، وذلك عبر التقييد الفوري لكل كويتي بلغ 21 عاماً من عمره في سجلات الانتخابات بناءً على عنوان سكنه الأصلي. وقال الفضالة، لـ"العربي الجديد"، إن "عمليات نقل الأصوات تجري لمصلحة نواب محترفين في هذا الجانب، يبرعون فيه ويدمرون العملية الديمقراطية ويسلبون إرادة الناخبين في الدوائر الانتخابية".

في المقابل، قال أحد أبرز النواب المتهمين في عمليات نقل الأصوات، وهو سعدون حماد العتيبي، الذي اشتهر بنقله الأصوات من الدائرة الخامسة (دائرته الأصلية ومعقله الرئيسي) إلى الدائرة الثالثة حيث حصل على المركز الأول فيها في انتخابات عام 2016، عن التهمة الموجهة إليه: "منذ أكثر من 20 عاماً وأنا في العمل البرلماني. أؤكد حقيقة أنني أنقل القيود الانتخابية بين الدوائر، وأتنقل أنا بنفسي بين الدوائر الانتخابية وفقاً للظروف والمعطيات السياسية. فمرة أنزل في الدائرة الخامسة، ومرة في الثالثة، وهو أمر غير مجرَّم قانوناً". وأضاف، في تصريح لـ"العربي الجديد": "لا أستحي من القول إنني أعرف قواعد اللعبة الانتخابية وألعب وفقها، وكل عام أنقل عدداً كبيراً من الناخبين المؤمنين بي من مختلف الدوائر إلى دائرتي التي أترشح فيها، وهي الدائرة الثالثة حالياً، ومن لديه شكوى فليذهب للمحاكم".

ويلقي النشطاء السياسيون في الكويت بمسؤولية تصاعد عمليات نقل القيود الانتخابية على مرسوم قانون الصوت الواحد، الذي مُرِّر في عام 2012، والذي أدى إلى تصاعد عمليات شراء الأصوات ونقلها، لكون نسبة النجاح صارت تعتمد على نشاط المرشح الفردي مقارنة بقانون الأربعة أصوات الذي كان النجاح فيه يحتاج لدعم حزبي وسياسي. ونظمت جمعيات معنية بالشأن العام عدداً من الفعاليات للضغط على الحكومة والبرلمان لتبنّي قانون، أو قرار يوقف عمليات نقل الأصوات بين الدوائر الانتخابية. وأصدرت 7 جمعيات بياناً مشتركاً دعت فيه إلى "الحفاظ على سلامة القيود الانتخابية وشفافيتها، وسدّ كل احتمالات العبث بها، سواء من طريق تسجيل قيود وهمية أو نقل للأصوات من دون وجه حق، أو التهاون في تدقيقها ومراجعتها، وذلك لضمان تعبيرها عن الإرادة الحقيقية للأمة".

وقال النائب السابق والأكاديمي حسن جوهر، في ندوة نُظمت للمطالبة بوقف التلاعب بالقيود الانتخابية، إن "ظاهرة نقل الأصوات اليوم، والتلاعب بالقيود الانتخابية باتت معروفة للجميع، وتجري بإشراف مسؤولين متنفذين يخضعون للنواب وللمرشحين، حيث نُقل أكثر من 14 ألف صوت بين الدوائر خلال العامين الأخيرين، على الرغم من أن الأصوات المنقولة لا تسكن ولا تعيش في ذات الدائرة التي نُقلت أصواتها إليها". وأضاف جوهر، الذي خاض التجربة البرلمانية عدة مرات كمعارض للحكومة، أن "ما يحدث ببساطة هو ذهاب بعض المرشحين إلى هيئة المعلومات المدنية، التي تصدر البطاقة المدنية، حيث يغيرون عناوين السكن للدائرة الانتخابية المُراد نقل الصوت إليها، بمساعدة وإشراف من بعض مسؤولي الهيئة، ثم يذهبون بهذه البطاقات المدنية ذات العناوين الجديدة للتسجيل في الدوائر الانتخابية".

في المقابل، أعلنت وزارة الداخلية الكويتية، في بيان، أن "مسؤولية نقل القيود الانتخابية من دائرة إلى أخرى لا تختص بها، ولا تختص بإدارة شؤون الانتخابات التابعة لها، بل هي عائدة إلى الهيئة العامة للمعلومات المدنية التي تغيّر العناوين". وتعليقاً على هذا الملف، قال الخبير القانوني والمحامي محمد السبيعي، لـ"العربي الجديد"، إن هناك قصوراً تشريعياً في معالجة نقل القيود الانتخابية، وذلك بسبب تغيّر قوانين الانتخابات وعدد الدوائر والأصوات بين الفترة والأخرى، والحل هو صياغة قانون انتخابي جديد يقوم على الدائرة الواحدة والقوائم النسبية، لكن أمراً كهذا لن يعجب الحكومة، لأنه سيسبب سقوط النواب المستقلين الذين يدعمونها، ويعلي من شأن الأحزاب والكتل السياسية. وتعرضت الكتل السياسية في الكويت لضربة كبيرة عقب قانون "الصوت الواحد" الذي أقره الأمير في عام 2012 بمرسوم، لإنهاء تأثير المعارضة الكبير على البرلمان، وهو ما سبّب مقاطعة المعارضة للانتخابات البرلمانية وموجة احتجاجات شعبية كبيرة استمرت حتى 2016.

المساهمون