يجلس الحاج سالم أبو جراد على كرسي العلاج في قسم غسيل الكلى بمجمع الشفاء الطبي بمدينة غزة، وهذا ما يفعله ثلاث مرات أسبوعياً لعلاج مرضه المزمن. لكنه يشعر بالقلق في كل لحظة من حدوث مضاعفات قد تُودي بحياته، نتيجة أزمة نقص العلاج والأدوية المتعلقة بمرضى زراعة الكلى في القطاع للشهر السابع على التوالي.
يقول أبو جراد لـ"العربي الجديد": "نحن منذ 7 أشهر نشكو من غياب الدعم الطبي، وعدم توفر العلاج والأدوية والعناية الطبية اللازمة. طوال هذه الفترة لم نأخذ الكالسيوم اللازم لمرضى الكلى، وبعض العلاجات مقطوعة أيضاً، مثل أدوية السكر والضغط وغيرها. نحن مرضى الكلى نعاني من خطر التعرض لتجلط الدم، وأخاف من نقص الأدوية لأنني معرض أيضاً لارتفاع في الضغط، وبالتالي قد يسبب لي ذلك تفجير شريان في الدماغ".
لا تزال أزمة نقص الأدوية واللوازم الطبية ملازمة للقطاع الصحي في غزة، ويزيد الخناق على رقاب مرضى القطاع المحاصر إسرائيلياً. وتلخص هذه المعاناة أقسام الكلية الصناعية، إذ ظلّ مرضى الكلى في غزة على مدار سنوات، يعانون الأمرين جراء نقص الأدوية، ويواجهون مصيراً مجهولاً.
ويؤكد رئيس قسم الكلى في مجمع الشفاء الطبي بغزة، عبد الله القيشاوي، أن "خطر الموت بات يطبق على أجساد مرضى الزراعة والفشل الكلوي"، مشيراً إلى أن هؤلاء يعانون من نقص الحقن الخاصة بعلاج فقر الدم، إذ إن عدم توفرها يعرض هؤلاء المرضى إلى حدوث مضاعفات خطيرة تؤدي للفشل الكلوي.
ويلفت القيشاوي، خلال مؤتمر صحافي دعت إليه وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، وعقدته في مجمع الشفاء الطبي في غزة، إلى أن عدد مرضى الفشل الكلوي في غزة بلغ 800 مريض يتناوبون على إجراء جلسات الغسيل الكلوي في خمسة أقسام للكلية الصناعية بمستشفيات وزارة الصحة.
ويشير إلى أن عدد المرضى الذي أجروا عمليات زراعة الكلى يبلغ 333 مريضاً، ممن قدر لهم التخلص من معاناة جلسات الغسيل الكلوي، لكنهم اليوم، باتوا معرضين للرجوع إلى أجهزة الغسيل الكلوي، جراء نفاد أصناف مثبطات المناعة، وأصناف أخرى تستخدم كمضاد للفيروسات، وهي الأصناف غير المتوفرة تماماً في وزارة الصحة في غزة.
وتدعو وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، "كافة المنظمات والمؤسسات الصحية والجهات المعنية، لسرعة التدخل لإعادة الأمل لمرضى الكلى في القطاع، وتعزيز أرصدة أدويتهم التخصصية قبل أن يكون الوضع أمام مشهد أكثر مأساوية وتتفاقم معه المعاناة".
وتعاني مستشفيات قطاع غزة من أزمات عدة، منها نقص الوقود اللازم لها والمستهلكات الطبية، كما سبق لوزارة الصحة الفلسطينية أن أطلقت مناشدات عدة طالبت فيها المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لحل مشكلة العجز في الأدوية والمستهلكات الطبية، الذي يتزامن مع حالة الطوارئ في مواردها للتعامل مع الأعداد الكبيرة من الإصابات الناجمة عن تصدي الاحتلال لـ"مسيرة العودة الكبرى".
ويزداد العجز بسبب الاستنزاف المستمر لأدوية الطوارئ، واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية بحق المواطنين في مسيرة العودة التي انطلقت منذ 30 مارس/آذار الماضي، واشتداد الحصار على غزة، ما اعتبره المسؤولون تهديداً مباشراً لمنظومة العمل الصحي. كما أثر سلباً على مجمل فئات المرضى في أقسام السرطان والمناعة والأوبئة والغسيل الكلوي والجراحة والعنايات الفائقة وحضانات الأطفال وغيرها.