نعلم أنك بريء ولكن..

06 اغسطس 2015
ثم بدأت رحلة التعذيب.. (فرانس برس)
+ الخط -
فى يوم 28 ديسمبر 2013 أضرم مجهولون النيران في كليتي التجارة والزراعة بجامعة الأزهر، ووصلت الشرطة بعد ساعة من احتراق الكليتين إلى الجامعة، وبالطبع لم يتنظر من أحرق الكليتين الشرطة لتقبض عليه، لذا قررت الداخلية أن تعتقل كل من تقابله بشكل عشوائي لتتهمه بإحراق الكليتين، حتى أن الشرطة قبضت على 14 فتاة من جامعة الأزهر في حريق الكليتين، مع أن الحريق اندلع فى جامعة الأزهر بنين التي لا تدخلها الفتيات أصلاً.


من الوارد أن تخطئ الداخلية وتعتقل الفتيات بشكل عشوائي ولكن الغريب فى الأمر أن النيابة كانت تأمر بتجديد حبسهن مع أن دليل براءتهن واضح جداً، حتى أن 8 من الفتيات ظللن خلف القضبان 17 شهراً.

أما "مراد عبدالحميد مراد" البالغ من العمر 17 عاماً والده عميد سابق بالجيش، وكان مراد يسب الإخوان ويلعنهم فى وجوههم، ولكن انتسابه إلى أب عسكري وكراهيته للإخوان لم تشفعا له فلم ترحمه الداخلية حين نال النصيب الأكبر من التعذيب والإهانات بسبب ضخامة جسده، ولم ترحمه النيابة حين اتهمته بممارسة الإرهاب، ولم يرحمه القضاء حين قضى عليه بالسجن 3 أعوام ومثلها مراقبة أمنية.

وصلت العشوائية والتلفيق إلى أن الداخلية اعتقلت طالباً تركي الجنسية يدعى "محمد رجب يازار" يبلغ من العمر 15 عاماً، ولأنه تركي سخر منه الضباط وأجبروه على أن يلعن رجب طيب أردوغان رئيس وزراء تركيا آنذاك، وياللعجب وضعوا فى حوزته "مطواة" واتهموه بالاعتداء على الملازم أول معتز محمد محمود، والنقيب أحمد مدحت.

هناك أيضاً "مصطفى حواش" البالغ من العمر 18 عاماً والذي قرر أن يسحب أوراقه من جامعة الأزهر كي يتطوع بالبحرية أو الجوية أو الحربية -المهم أن يصير عسكرياً كبقية أفراد أسرته- وبعد أن سحب أوراقه من الكلية، وقع فى الفخ كمن وقعوا واعتقل بشكل عشوائي، ليس هذا فحسب، بل حكم عليه بالسجن 5 سنوات وبالمراقبة الأمنية 5 سنوات أخرى.

"أحمد شمس الدين" طالب بكلية التربية الرياضية كان ينعت الإخوان على صفحته الشخصية بـ"الخرفان"، وكان يثق أن السيسي يقصده عندما قال: "أعلم أن هناك مظلومين داخل السجون"، طبعت والدته مشاركاته من على موقع "فيسبوك" وقدمتها للمحكمة كدليل على براءته، نظر القاضي محمد ناجي شحاته إلى الأوراق وهو يدخن ويستمع إلى أغنية عمرو دياب "أديني رجعتلك" وقال للطالب: "إذاً أنت تكره الإخوان؟".. فرد أحمد بالإيجاب.
ظننا جميعاً أن القاضي سيخلي سبيله ولكنه أمر باستمرار حبسه 45 يوماً على ذمة التحقيق!

الغريب أن تحريات أمن الدولة ذكرت أن أحمد شمس عضو بجماعة الإخوان المسلمين دون أن يحاول ضابط أمن الدولة الذي كتب التقرير الرجوع إلى مشاركاته على مواقع التواصل الاجتماعي، حُكم على أحمد شمس بالسجن سبعة أعوام والمراقبة 5 سنوات بتهمة الانتماء لجماعة الإخوان المسلمين التى يكرهها أصلاً!

هناك أيضاً من كان يحاول أن يخمد النيران التي اندلعت فى كلية التجارة، وكان بحوزته سيجارة حشيش -لا داعي لذكر اسمه- عندما سأله الضابط عن السيجارة، اعترف أنها ملكه، ولكن الضابط لم يكن يريد إلا أن يكمل العدد المطلوب ليغلق القضية، فلم يوجه له تهمة التعاطي، ولكنه قرر أن يجعل فى حوزته شارة رابعة العدوية!

حاول الطالب أن يقنع الضابط بأنه كان يخمد النيران ولكن دون فائدة، توسل إليه بأن يوجه له تهمة التعاطي بدلاً من الانتماء لجماعة الإخوان، ولكن الضابط رفض، حكم على هذا الطالب بالسجن 5 سنوات والمراقبة 5 سنوات.

أما أنا فقد اعتقلت وبحوزتي كاميرا، ولكن ضابط المباحث محمد الصعيدي قرر أن يضيف إلى الكاميرا، فارغ قنبلة غاز مسيل للدموع، وزجاجة بيبسي، لأن شكلي لا يعجبه على حد قوله! ولأن الكاميرا وحدها لا تكفي لاتهامي بالإرهاب.. قال لي بالحرف: "أعلم أنك بريء ولكن لن أرحمك"!

ما زلت أذكر صراخه فى وجه الطلاب قائلاً: "اوعوا تفتكروا إنكم هتشوفوا بيوتكم تاني، انتوا أصلاً مش هتشوفوا الشمس، أنا عارف إن أغلبكم معملش حاجة، بس برضه مش هسيبكم عشان معملتوش حاجة للي حرق"!، وطبعاً كان يضيف بعد كل كلمة ينطقها "يا أولاد العاهرة".

رأيت 62 طالباً و14 طالبة لم يرتكبوا جرماً سوى أنهم حاولوا النجاح، ولكن الداخلية أبت أن يحاول أحدهم النجاح نظراً لعقدة الـ 50% التي تطاردها.

ثم بدأت رحلة التعذيب..

اقرأ أيضاً: اعتقال

(مصر)
المساهمون