نظرة تكتيكية في لعبة تحولات الكرة الألمانية

02 نوفمبر 2014
+ الخط -

 

انتهت القمة الألمانية بفوز بايرن على دورتموند، بعد أداء راقٍ من الفريقين، وضغط مستمر من الدقيقة الأولى حتى صافرة الحكم، ورغم فارق النقاط الشاسع بين الجانبين في جدول الترتيب، إلا أن المواجهة جاءت مشتعلة ومتكافئة، لتعكس التنافس الرهيب بين الثنائي التدريبي، بيب جوارديولا ويورجن كلوب، لتصبح الكفة متساوية بنتيجة ثلاثة انتصارات لكل مدرب، في رحلة ابتكار طرق كروية جديدة، وإضافة أفكار تكتيكية مختلفة.

كلمة السر في التحولات
لعب بايرن ميونخ في البداية بتكتيك قريب جداً من ليلة السباعية أمام روما، البدء بطريقة لعب مزيج بين 3-4-1-2 و 3-4-2-1، بتواجد ثلاثي صريح بالخلف بقيادة بن عطية رفقة كل من ألابا وبواتينج، مع وجود ألونسو، لام، بيرنات، روبين بالمنتصف، أما هجومياً فجوتزه لعب في المركز 10 كصانع لعب رفقة الثنائي المتقدم بالتبادل، توماس موللر وروبرتو ليفاندوفيسكي.

أما دورتموند فاختار أسود الفيستفالين اللعب بدون مهاجم صريح، ودخل كلوب بأفضل تشكيلة ممكنة، بيتشيك مع سوكراتيس، هامليز، دورم بالخلف، مع استمرار الدفع بثنائية المحور عن طريق بيندر وكيل، وتقدم الرباعي أوباميانج ورويس على الأطراف، وكاجاوا ومخيتاريان بعمق الثلث الهجومي الأخير.

المرتدات تحكم
ملخص الشوط الأول يكمن باختصار في أهمية المرتدات القاتلة لدورتموند، وفيروس إضاعة الفرص السهلة الذي يضرب بايرن منذ بداية الموسم. ومع ضغط بايرن وهجومه الكاسح، تفوق أوباميانج بسرعته على الجميع، انطلق خلف ألابا على اليسار، ولم ينجح ألونسو في اللحاق به والتغطية على هفوة الظهير، لذلك حصل أوبا على الكرة ولعب العرضية القاتلة على رأس القادم من الطرف إلى العمق، ماركو رويس يضع بصمته ويسجل هدف التقدم.

كرة بايرن تحسنت كثيراً خلال الموسم الحالي، وصنع لاعبوه تركيبات هجومية مميزة، لكن استمرت المعاناة داخل منطقة الجزاء، سواء للفريق أو للخصم. تقدم الدفاع يجعل المساحة أمام نوير كبيرة، وتسرع المهاجمين يضرب الفريق في مقتل، وكرة روبين خلال النصف الأخير من الشوط الأول خير مثال، لذلك تقدم دورتموند خلال أول 45 دقيقة بالهدف الوحيد.

ديناميكية البايرن
واجه بايرن ضغط دورتموند بتحركات ذكية ومؤثرة خلال الشوط الثاني، ولعب الفريق بطريقة أقرب إلى 4-4-2 الحديثة، أي تمركز رباعي دفاعي بالخلف، وفي الوسط كل من ألونسو وجوتزه بالعمق، مع بيرنات وروبين على الأطراف، وصعود موللر بجوار ليفاندوفيسكي أمام منطقة الجزاء، لذلك وجد دفاع بروسيا نفسه أمام طوفان بافاري لا يتوقف.

لذلك لعب فريق جوارديولا بثنائي في الأمام، وثنائي على الأطراف، مع صعود لام إلى الوسط وخلق كثافة عددية بمنطقة الارتكاز، مع عودة موللر إلى الخلف كثيراً، وتشكيل رباعية الجوهرة على طريقة ألونسو بالخلف، موللر بالأمام، مع جوتزه وموللر على الأطراف، مما جعل الفريق يصل إلى المرمى كثيراً، ويضيع عدة أهداف، قبل أن يتعادل ليفاندوفيسكي، ويضيف أرين روبين هدف الفوز المستحق قبل دقائق قليلة من النهاية.

بيب وكلوب
يستحق صراع "بيب-كلوب" مكانة خاصة جداً خلال السنوات الأخيرة في كرة القدم، وذلك لأن الثنائي يقدمان تكتيكا ذكيا وأفكارا جديدة في الكرة الأوروبية. وحينما نجح دورتموند في هزيمة بايرن خلال الموسم الماضي بالأليانز أرينا بثلاثية، بعد الضغط العالي على الدفاع والارتكاز، مستغلاً ضعف خاصية التمرير عند لاعبي بايرن، وحصل على الفوز بالنهاية. ورد بيب في نهائي الكأس، باللعب كثيراً في الخلف وترك الكرة لبايرن لحماية مرماه من المرتدات، فخطف البطولة بثنائية في الوقت الإضافي.

وخلال الموسم الحالي، أخذ كلوب الأفضلية بالسوبر وفاز على بيب، بالضغط العالي عن طريق أربعة لاعبين في الثلث الأخير، ورد جوارديولا خلال المباراة الأخيرة، بعد وضع ثلاثي دفاعي صريح يعاونه ظهيران، بالإضافة إلى تشابي ألونسو الرائع في التمرير، لذلك كلما حاول بروسيا الضغط، قام الإسباني ألونسو بحل المعضلة، ونقل الكرة من الدفاع إلى الهجوم، عن طريق محطة الوسط المميزة في اللعب تحت الضغط.

ومن مدرسة الضغط من المنتصف واستخدام المرتدات القاتلة على طريقة يورجن كلوب، إلى التمرير والهجوم السريع وتبادل المراكز على خطى جوارديولا، تأتي دائماً مواجهات دورتموند وبايرن خلال السنوات الأخيرة، ورغم الجرعة الكروية الرائعة طوال التسعين دقيقة، إلا أن الجميع ينتظر مباراة الإياب بين الفريقين، ليس فقط من أجل الناديين، ولكن أيضاً لمشاهدة العقول الكروية المبتكرة المتمثلة في الفيلسوف الكتالوني والمجنون الألماني.

المساهمون