بعد توقفه لثلاثة أشهر، سمح المصرف المركزي في دمشق بمنح القروض والتسهيلات الائتمانية للمواطنين، بهدف دعم التمويل الزراعي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة والقروض العقارية.
وأعلن مدير عام مصرف التسليف الشعبي، نضال العربيد، أن منح قروض الدخل المحدود سيبدأ الأسبوع المقبل، والأولوية في المنح للطلبات المجمدة خلال الأشهر الماضية التي تم التريث في البت بها، مؤكداً، في تصريحات صحافية، اليوم الخميس، أن لدى المصرف السيولة الكافية للإقراض.
وكان مصرف سورية المركزي، قد سمح، أمس الأربعاء، للمصارف العاملة في سورية باستئناف منح القروض والتسهيلات الائتمانية وذلك استناداً إلى موافقة رئيس مجلس الوزراء على توصية اللجنة الاقتصادية، بعد إيقاف القروض منذ يونيو/ حزيران الماضي.
وبيّن المصرف المركزي، في تعميم اطلع عليه "العربي الجديد"، أنّ معاودة القروض تشمل التسهيلات الائتمانية غير المباشرة والمباشرة، ولكن حصراً للتمويل الزراعي والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وأصحاب الدخل المحدود بالإضافة إلى القروض العقارية.
وحدد المصرف المركزي للمصارف العاملة ضوابط وشروطاً لاستئناف القروض، على ألا يتجاوز سقف التمويل الائتماني مبلغ 500 مليون ليرة سورية و400 مليون ليرة في حال كان التسهيل الممنوح قرضا عقاريا (الدولار 2200 ليرة).
ودعا المركزي إلى التقيد بالتعليمات الناظمة بخصوص عدم منح أي شكل من أشكال التسهيلات الائتمانية للعملاء المتعثرين، واتخاذ الاجراءات القانونية لتحصيل الديون المتعثرة لدى المصرف وفق القوانين والأنظمة والتقيد بالأسس والمعايير الصادرة عن مجلس النقد والتسليف والضوابط والإجراءات الاحترازية لعملية المنح ومتابعتها على النحو الأمثل.
ويصف المصرفي السوري، ياسر عبد الجليل خطوة المصرف المركزي بـ "المتخبطة" لأنها جاءت بعد سعي المركزي ووزارة المال، لسحب جزء من فائض السيولة من السوق، عبر طرح سندات خزينة لمرتين متتاليتين.
ويقدر المصرفي السوري، في حديث لـ"العربي الجديد"، السيولة بأكثر من 750 مليار ليرة سورية، مطروحة بالأسواق عن طريق التمويل بالعجز و"لا توجد أي معادلات نقدية أجنبية أو إنتاج وخدمات لها، ليزيد منح القروض اليوم، من التضخم النقدي من دون أن يساعد بأي تنمية أو تشغيل للمنشآت المتعطلة"، بحسب قوله.
ويعتبر عبد الجليل أنّ "القروض لن تحل مشاكل القطاع الصناعي ولا العقاري، كما أن تحديد سقف قروض أصحاب الدخل المحدودة بمليون ليرة (455 دولارا) بالكاد يسد أعباء المعيشة أو يسدد الديون بعد زيادة تكاليف المعيشة وتثبيت الأجور".
وحول حجم القروض المتعثرة يتابع المصرف السوري: "بلغت لدى المصارف الحكومية فقط، نحو 280 مليار ليرة سورية، ولم تستطع إجراءات الجدولة التي تتم منذ عام 2015، باسترداد معظم تلك الكتل النقدية، وإن تم استرداد بعضها، فالتضخم أوقع المصارف والمودعين بخسائر كبيرة، فالدولار كان عند 50 ليرة قبل الثورة واليوم تعدى 2200 ليرة".
وكانت بعض المصارف العاملة بسورية، قد أعلنت عن زيادة الموجودات والأرباح خلال الربع الأول من العام الجاري، إذ قفز صافي أرباح "بنك الشام" خلال الربع الأول من العام 2020 ليبلغ نحو 11 مليار ليرة، وذلك وفقا للبيانات المالية التي نشرتها سوق دمشق للأوراق المالية.
وأظهرت بيانات "بورصة دمشق التي تبلغ القيمة الاسمية لسهم البنك 100 ليرة، نمواً في صافي الدخل، وذلك من أرباح بمقدار 373.5 مليون ليرة في نهاية الربع الأول من العام 2019 إلى أرباح صافية تقارب 11 مليار ليرة في نفس الفترة من العام 2020. كما حقق البنك نموا في الموجودات خلال الربع ا لأول من العام 2020 بمقدار 60 مليار ليرة مقارنة بما كانت عليه بنهاية العام 2019 أي بمعدل زيادة مقداره 32%.
ويوضح المحلل علي الشامي أنه "رغم الحاجة لقراءة البيانات المالية للبنك، قبل التعقيب، إلا أنه وبالمجمل، تأتي أرباح البنك التشغيلية من ثلاثة مصادر؛ إما من خلال نمو الإقراض مع بقاء مستوى الفوائد على ما هو عليه، أو رفع أسعار الفوائد على القروض الحالية والجديدة وبهذه الحالة يجب أن نشكك في قدرة المدين على الدفع وخاصة بالظروف الاقتصادية القائمة، أو أخيراً من خلال العمولات والرسوم المحصلة من خدمات البنك للأفراد والشركات مثل الاعتمادات المستندية وعمولات ATM، "ولكن حسب علمي لا يوجد استيراد وتصدير قويان والصرافات الآلية توقفت عن العمل منذ ستة أشهر".
ويضيف الشامي، لـ"العربي الجديد"، أنه لا بد من التمييز بين الأرباح الاسمية والأرباح الحقيقية (بعد احتساب أثر التضخم)"، معرباً عن اعتقاده بأنّ "ما تروج له المصارف بسورية، هو ربح اسمي وسيتحول إلى خسارة إذا ما اقتطعنا نسب التضخم في السنة الأخيرة، وقت تهاوت الليرة من 915 إلى أكثر من 2200 ليرة خلال فترة إعلان الأرباح".