نساء بدويات فلسطينيات... نحو شركة غير ربحية لهنّ

27 اغسطس 2019
من الصناعات اليدوية (العربي الجديد)
+ الخط -
خلف مجموعة من الحقائب والإكسسوارات جلست عائشة سالم في سوق الحرجة في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية، وما تعرضه هناك مختلف قليلاً عن جيرانها من أكشاك في السوق، فهي منتجات ذات طابع بدوي، بجلود طبيعية، وأحجار طبيعية، وصناعة سيدات بدويات، سيشكلن خلال السنة القادمة شركة غير ربحية تساهم فيها أربعون إلى ستون سيدة إضافة لعدد محدود من ذوي الإعاقة من الرجال.

تقول عائشة سالم لـ"العربي الجديد"، وهي من عشيرة التعامرة، وتقطن في قرية دار صلاح شرق بيت لحم جنوب الضفة الغربية: "إنها انضمت لمشروع بدأت مؤسسة (بدو بلا حدود) تنفيذه بتدريب السيدات البدويات، وهي انضمت بعد إنشاء مشغل في قريتها دار صلاح، أحبت الفكرة كون هوايتها صياغة الإكسسوارات، أما ما زاد من اهتمامها أن المشروع يركز على الثقافة البدوية، وسيصل العام المقبل، إلى أن يتم إنشاء شركة تكون هي واحدة من المساهمين فيها.

ويبدو التفكير في إنشاء شركة غير ربحية تملكها تلك السيدات فكرة نبعت من واقع انتقادي للجمعيات التعاونية النسائية المنتشرة، التي تسعى لتسويق المنتجات النسوية، حيث يقول مدير عام مؤسسة (بدو بلا حدود) وأحد مؤسسيها، وسام صلاح لـ"العربي الجديد": "درسنا النماذج السابقة المرتبطة بالجمعيات التعاونية ووجدنا العديد من المشاكل، التي كانت تؤدي في النهاية إلى إغلاق جمعيات خلال السنة الأولى من التأسيس، فقررنا تطوير فكرة شركة غير ربحية تعمل على التمكين الاقتصادي للسيدات البدويات، ويكون فيها الجانب الشخصي لهن حاضرا، من خلال عملية الإدارة، والمهارات الإدارية والمالية، وليس فقط المهارات التصنيعية".

ومن المنتظر أن تتشارك النساء في الربح حين إنشاء الشركة نهاية عام 2020، وليس فقط أن يأخذن أجرا على عملهن كما الفكرة السائدة، فسيكون لمؤسسة (بدو بلا حدود) أسهم في الشركة، لكن الأسهم الرئيسية ستكون للنساء، وحتى الآن أنشئ مشغل في قرية دار صلاح، وآخر في تجمع جبل البابا البدوي شرق القدس المحتلة، ودرب المشروع حتى الآن خمس عشرة سيدة، وسيتم إنشاء أربعة مشاغل أخرى في المناطق البدوية على امتداد فلسطين التاريخية، وسيشمل النقب والخليل وغيرها من المناطق الفلسطينية.

وبدأت مراحل التدريب للنساء بالحلي والإكسسوارات، ومرت بالجلود والتعامل معها، وستصل لصقل الأحجار البركانية ذات الشكل الكريستالي والمتوافرة في صحراء فلسطين، وكذلك تشمل غزل النول ولكن ليس بالشكل التقليدي الذي يصعب تسويقه في ظل حال المنازل الحديثة.
تقول عائشة عن التدريب: "نستخدم الجلد الطبيعي في صناعة الإكسسوارات والحقائب، وكل ذلك يدويا، من قص الجلد وتركيبه وخياطته، نريد إعادة كل ما له علاقة بالبدو، فالهوية البدوية بدأت تختفي مع التكنولوجيا الحديثة، ومن المهم لنا إعادة إحيائها، لقد استطعت تنمية موهبتي، بعد التدريبات على التعامل مع الجلود والإكسسوارات، والتفريق بين أنواع الأحجار، والمشروع مهم لتمكينه السيدات ماليا".

وعن أهمية التدريب والمشروع يقول صلاح: "هناك محاولة لإعادة فنون وحرف صارت مفقودة، كالنول البدوي، ومن يستطعن العمل بهذا الفن في فلسطين لا يتجاوزن العشرة، فالمكون البدوي جزء مهم من الهوية والتراث الفلسطيني يجب المحافظة عليها، أسوة بما يتم من مشاريع ومهرجانات ونشاطات للحفاظ على الجانب التراثي الفلاحي الفلسطيني، فالجانب البدوي تم تهميشه لفترة طويلة وتقع على المؤسسات البدوية مسؤولية إعادته للساحة".
الحفاظ على الهوية البدوية في فلسطين، كانت عاملا مهما بإنشاء مؤسسة (بدو بلا حدود) القائمة على المشروع، عام 2015، أنشأ نشطاء من العشائر البدوية الفلسطينية المؤسسة بعد ثلاث سنوات من العمل في هذا المجال دون مؤسسة.

وافتقرت الشريحة البدوية قبل سنوات لمؤسسات متخصصة بها، حيث يؤكد وسام صلاح وجود مؤسسات تعمل بالمناطق البدوية، ولكن هذه المؤسسات ليست من رحم البيئة البدوية، ما جعلها تنفذ بعض برامجهل خارج السياق البدوي تماما، فمثلا تعمل مع السيدات على نظم الزراعة الريفية، في حين يعتمد البدو على الزراعة الحقلية البعلية.

ويعزو صلاح سبب ذلك تزكيز الممولين في السنوات الماضية بمشاريعهم على مناطق مصنفة (ج) حسب اتفاق أوسلو، وهي مناطق بجزء كبير منها بادية، والجزء الآخر منها أرياف، فاضطرت المؤسسات للعمل مع الحالتين، ولكنها عملت مع المجتمعين بنفس الطريقة دون مراعاة الخصوصية البدوية المعيشية والثقافية والأخلاقية.

مؤسسة (بدو بلا حدود) تؤكد أن مكونها الرئيس نشطاء بدو من كافة مناطق فلسطين دون اعتبار للحدود، أو تصنيفات الاحتلال من مناطق في الأراضي المحتلة عام 1948، وأخرى في شرق القدس، أو مناطق ج وغيرها، تأمل إلى إعادة الاعتبار للثقافة البدوية، والتشبيك مع العشائر العربية سواء في الأردن أو الخليج العربي، والتي تمتد أصولها إلى بعضها البعض، ويرى صلاح من المهم أن يعلم ابن العشيرة العربية في الأردن أو الخليج أن أقرباءه تحت الاحتلال، خصوصا بعد موجات التطبيع الأخيرة التي تعاني منها القضية الفلسطينية.
دلالات
المساهمون