نزع فتيل أزمة منع الفلسطينيين من العمل في لبنان

18 يوليو 2019
من احتجاجات المخيمات الفلسطينية في لبنان (العربي الجديد)
+ الخط -
بعد الاحتجاجات الشعبية رفضاً لخطة وزارة العمل في لبنان، التي تستهدف العمال وأصحاب الأعمال الفلسطينيين، أعلن وزير العمل اللبناني كميل أبو سليمان الخميس، تسهيل منح إجازات عمل للّاجئين الفلسطينيين.

وقال أبو سليمان، في مؤتمر صحافي في البرلمان، الخميس: "أعطيت تعليماتي لتسهيل إعطاء إجازات العمل للفلسطينيين بأسرع وقت، وتبسيط المعاملات، وهذا أصبح معمولاً به. لم يُتخذ أي قرار لنتراجع عنه، هناك خطة وضعتها الوزارة وتطبق وفق القانون"، بحسب الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

وأطلقت وزارة العمل الشهر الماضي حملة لمكافحة "العمالة الأجنبية غير الشرعية"، ومنحت أصحاب المؤسسات مهلة شهر لتسوية أوضاع عمالهم غير اللبنانيين، قبل أن تبدأ الأسبوع الماضي بمداهمات أغلقت خلالها عدداً من المؤسسات غير المستوفية الشروطَ القانونية، وأنذرت أصحاب مؤسسات أخرى بالحصول على إجازات عمل لعمالهم غير اللبنانيين.

وقال رئيس الحكومة سعد الحريري، خلال جلسة سابقة للبرلمان، إنه سيطلب من وزير العمل إحالة الخطة على مجلس الوزراء لاتخاد القرار المناسب.

والعامل الفلسطيني في لبنان مستثنى من دفع رسوم إجازة العمل وفق القانون، أما أصحاب العمل الفلسطينيون فيجب عليهم دفع نسـبة 25 في المائة من قيمة رسم إجازة العمل المخصصة للأجانب.

وخلال جلسة برلمانية سابقة لمناقشة الموازنة العامة، قال عضو ​كتلة الوفاء للمقاومة (حزب الله)، النائب ​علي عمار​: "نعيش تداعيات قرار وزير العمل ​كميل أبو سليمان​ (القوات اللبنانية) حول ​العمال​ الفلسطينيين والوضع كاد ينفجر و​الجيش​ منهك في الطرقات". فردّ رئيس البرلمان ​نبيه بري​ (حركة أمل) مؤكداً أنّ "موضوع القرار بشأن العمال الفلسطينيين انتهى، وأدعو وزير العمل إلى عقد ​مؤتمر​ صحافي وإعلان ذلك". 

من جهته، ردّ رئيس الحكومة سعد الحريري (تيار المستقبل) على عمار، قائلاً: "سأطلب من وزير العمل أن يرفع القرار بشأن مكافحة اليد العاملة الأجنبية إلى مجلس الوزراء لنتخذ القرار المناسب".

دعوة بري قابلها أبو سليمان، الذي عقد مؤتمراً صحافياً أكد فيه أن "لا قرار يستهدف الفلسطينيين، بل هناك تطبيق لخطة وزارة العمل لمكافحة اليد العاملة غير الشرعية، التي لم تذكرهم تحديداً بل تطلب من العمال غير اللبنانيين الحصول على إجازات عمل وفق ما ينصّ عليه القانون اللبناني".

وأضاف: "نحن نتفهم معاناة الإخوة الفلسطينيين. القانون اللبناني يعطيهم تسهيلات منها: إعفاؤهم من رسوم إجازات العمل، وعدم حاجتهم لموافقة مبدئية. أعطيت تعليماتي لتسهيل إعطاء إجازات العمل للفلسطينيين بأسرع وقت وتبسيط المعاملات وهذا أصبح معمولاً به".


وقال: "مستمرون بتطبيق القانون ولا أفهم الاحتجاجات. فليتوقف الشغب على الطرقات، إذ لا معنى له. قانون العمل اللبناني يحمي العمال الفلسطينيين من الطرد التعسفي ويضمن حصولهم أقلّه على الحدّ الأدنى للأجور. لم يُتخذ أيّ قرار لنتراجع عنه، هناك خطة وضعتها الوزارة وتطبق وفق القانون اللبناني".

وأوضح أبو سليمان أنّ "من أصل نحو 600 مخالفة منذ بدء التفتيش الأربعاء ما قبل الماضي، هناك حالتان لهما علاقة بالأشقاء الفلسطينيين، منهما معمل في الكورة سُوّي وضعه وحصل على إجازات عمل واستوفى الشروط وسيعاد فتحه". وشدد على أنّ "القانون يطبق على الفلسطيني كما يطبق على اللبناني"، مضيفاً: "أنا في حوار هادئ وإيجابي مع السفير الفلسطيني والهيئات الفلسطينية، وهم مرتاحون للنتائج التي توصلنا إليها. أكثر من ذلك، لجنة الحوار اللبنانية - الفلسطينية هي التي طالبت عام 2017 بإعطاء إجازات العمل، وبإصدار القوانين التي تعفيهم من رسوم الإجازات. نحن نطبق التوصيات التي رفعتها اللجنة التي تشارك فيها كلّ الأحزاب اللبنانية إلى مجلس الوزراء".

من جهته، قال رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، إنّ التحركات التي تجري في بعض المخيمات الفلسطينية لا علاقة لها بقرار وزير العمل كميل أبو سليمان تنظيم العمالة في لبنان بشكل عام ومن ضمنها العمالة الفلسطينية، ولا سيّما أن وزير العمل قد أخذ في الاعتبار، بما يتعلق بالعمال وأرباب العمل الفلسطينيين القوانين الخاصة بهم في لبنان، وأعطاهم كل التسهيلات الممكنة التي يسمح بها القانون.

وأكد في بيان، أنّ تلك التحركات لها خلفية سياسية بحتة، إذ إنّ بعض القوى الفلسطينية كحماس وأخرى لبنانية كحزب الله، تصور قرار وزير العمل للشارع الفلسطيني على غير حقيقته، وكله بهدف استقطاب هذا الشارع في الصراع القائم بين "حماس" وحلفائها اللبنانيين من جهة، والسلطة الفلسطينية من جهة أخرى. وشكر جعجع السلطة الفلسطينية، وخصوصاً الرئيس محمود عباس على "موقفه المشرّف".

وكان عباس قد أعلن خلال اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أمس الأربعاء، أنّ "هناك عدداً من القضايا التي تستدعي الحوار العاجل مع الإخوة اللبنانيين، لأنّنا نريد حلّ هذه القضايا بالحوار والمفاوضات، ونرفض التصعيد من أي جهة كانت". وأضاف: "لذلك سيتم إيفاد عضو اللجنة التنفيذية عزام الأحمد لمتابعة هذه القضايا مع الإخوة اللبنانيين، ونؤكد رفضنا لكلّ أشكال التصعيد، لأن الأهم حل المشاكل لا تعقيدها".

واستقبل رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، الوزير السابق حسن منيمنة، اليوم في مقر اللجنة في السرايا الحكومية، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، رئيس دائرة الشؤون العربية والبرلمانية والمشرف على الساحة الفلسطينية في لبنان، عزام الأحمد، موفداً من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، يرافقه سفير دولة فلسطين أشرف دبور، وأمين سر فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان فتحي أبو العردات، وعرض معهم التطورات الفلسطينية وأوضاع المخيمات في لبنان.

وقال الأحمد إثر اللقاء: "للجنة الحوار اللبناني الفلسطيني أهمية خاصة، في معالجة الأوضاع المعيشية والحياتية والإنسانية للّاجئين الفلسطينيين في لبنان، الذين هم ليسوا بأجانب ولا بوافدين. وقد برز دورها في الأزمة الحالية التي أثارتها طريقة تطبيق قانون العمل في لبنان. وأكدنا ضرورة معالجة هذه الأزمة بالحوار، والحوار فقط بعيداً عن أشكال التوتر ومحاولات استغلال هذه المشكلة".


وأضاف الأحمد: "جرى خلال اللقاء الاتصال بالرئيس الفلسطيني أبو مازن، الذي أكد على ذلك وعلى الالتزام بمعالجة المشكلة بالحوار فقط، ودعوة أبنائنا في المخيمات إلى الهدوء وتلمّس النتائج التي بدأت تظهر".

وكان هناك تفاهم مشترك على طريقة المعالجة التي بدأت ملامحها تظهر بوضوح كامل، كما أعلن عن ذلك قبل قليل رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري، ودولة الرئيس سعد الحريري الذي أعلن في المجلس، أنّ الملف سيحال على مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات المناسبة". وأشار إلى أنّه "تم الاتفاق مع الدكتور منيمنة على أهمية متابعة الحوار الهادئ، واستمرار العمل من أجل معالجة كيفية تحسين أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في لبنان على المستويات كافة".

وأشار الأحمد بعد لقائه والسفير الفلسطيني الرئيس سعد الحريري في السراي الحكومي إلى أنه "من حق لبنان أن يطبق قانون العمل الخاص به ونحن ضيوف في لبنان وتحت سقف القانون اللبناني وعلينا معالجة المشكلة الأخيرة بالحوار". ولفت إلى أن "الزيارة تأتي استكمالاً للقاءات والاتصالات التي قام بها السفير أشرف دبور باسم دولة فلسطين من أجل محاصرة ما حصل في مهده وعدم إفساح المجال لأي كان لاستغلال ما حصل". وأضاف: "زرنا قائد الجيش ومدير المخابرات وتم إبلاغنا بأنه سيكون هناك مزيد من التسهيلات على إدخال مواد الإعمار للمنازل في المخيمات".



كذلك، استقبل المدير العام للأمن العام اللبناني اللواء عباس إبراهيم، الأحمد ودبور وأبو العردات، وبحث معهم قرارات وزارة العمل، بالإضافة إلى تطورات القضية الفلسطينية وأوضاع المخيمات في لبنان.

واليوم واصلت المخيمات في جنوب لبنان اعتصاماتها، وإقفال مداخلها أمام الداخلين والخارجين، احتجاجاً على خطة وزير العمل اللبناني. ومنذ ساعات الصباح شهدت المخيمات حالة غليان، حيث أقفلت مخيمات الرشيدية والبرج الشمالي أبوابها، كما نظمت وقفات تضامنية من قبل الأهالي والفصائل.

كذلك شهدت مخيمات مدينة صيدا، المية ومية، وعين الحلوة، حالة من الغضب حيث تم إشعال الإطارات المطاطية عند مداخلها ومنع الدخول والخروج منها وإليها. كما نصب المعتصمون عند مداخل مخيم عين الحلوة خيمة أمام كل مدخل للاعتصام فيها.

المساهمون