نحو 1.5 مليون إعاقة في العراق...معاناة وحقوق مهدرة

03 ديسمبر 2017
نقص العلاج والرعاية والإعانات المادية لذوي الاحتياجات الخاصة(الأناضول)
+ الخط -


خلّف الغزو الأميركي للعراق، وما تلاه من دوامات عنف طاحنة، نحو 1.5 مليون صاحب إعاقة في عموم البلاد، غالبيتهم من فئة الشباب والأطفال. ويفاقم افتقار العراق للمستشفيات الكافية للعناية بمشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى عدم تخصيص الحكومة لهؤلاء مرتبات إعانة لهم أسوة بكثير من الدول.

من الحلقات الأكثر حزناً هن الفتيات اللاتي فقدن أطرافهن نتيجة تفجيرات أو عمليات عسكرية في السنوات التي أعقبت الاحتلال.

وتقول سهاد علي (22 عاما)، من ذوي الاحتياجات الخاصة، "في عام 2004 أصبت بعدد من الطلقات النارية عقب الانفلات الأمني في مدينتنا ديالى، وكان عمري آنذاك تسعة أعوام. أجريت على إثرها سبع عمليات جراحية، وما زلت بحاجة إلى عمليات أخرى. لم أتلق من الحكومة العراقية سوى ثلاثة ملايين دينار، بعد مراجعات أجرتها والدتي للدوائر المعنية على مدى عشرة أعوام، وهذا المبلغ لا يسد قيمة عملية واحدة من العمليات التي أجريتها داخل وخارج العراق".

وتضيف لـ"العربي الجديد"، "لا يمكن أن يتخيل المرء حجم المعاناة التي نعانيها، إذا أصبت بإعاقة عليك أن تجتهد وتنمي نفسك بنفسك، فليس لدينا من يضمن لنا حقوقنا، وإن وجدت تلك الحقوق هناك آلاف المعرقلين يحولون دون الحصول عليها. ونحن كذوي احتياجات خاصة بحاجة بالفعل للدعم المعنوي والمادي، وتسهيل أمورنا نظرا لصعوبة المراجعات في دوائر الدولة التي تعتمد غالبيتها على المحسوبية والرشى".

وتتابع "نسبة الإعاقة لديّ أكثر من 80 في المائة، بحسب تشخيص لجنة طبية مختصة، لكن بعد فترة غيّرت وزارة الصحة اللجنة التي أعادت تشخيص الحالات، وبالطبع خفضت اللجنة الجديدة نسب الإعاقة لدى المرضى فصارت نسبة إعاقتي أكثر من 60 في المائة. وفي كلا الحالتين ما زلت أنتظر الحصول على الراتب المخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، بالرغم من مرور 13 عاماً على إصابتي بإعاقة دائمة في قدمي".

أما نهال ياسين (17 عاما)، تجلس على كرسي متحرك، تقول لـ"العربي الجديد"، أصبت بانفجار قرب منزلنا قبل أربعة أعوام، وبعد الانفجار لم أستطع التحرك. أصيب الحبل الشوكي إصابة بالغة أفقدتني قدرتي على المشي، لم يكن ذلك سهلا خصوصاً أن عائلتي تعاني من الفقر. لم يستطع والدي توفير العلاجات اللازمة، كما أنني لم أحصل على تعويض نتيجة عدم معرفتي بحقوقي، إضافة إلى عدم تمكننا من دفع تكاليف المراجعات الخاصة بدوائر الدولة".

وتذكر "بعد إصابتي أصبحت كأنني جزء من أثاث البيت، تركت المدرسة ولم أتمكن من العودة اليها لأن استمراري في الدراسة يعني أنني بحاجة إلى من يوصلني إليها ويعيدني إلى البيت، وهذا الأمر صعب للغاية بالنسبة لعائلتي التي تعاني لتوفير قوت يومنا".





وتعرب نهال عن تمنياتها بأن تنظر المنظمات والجهات الحكومية بعين الرحمة لحالة ذوي الإعاقة، وأن "توفر مراكز تأهيل خاصة تضم مختلف الأقسام حتى نتمكن من الاندماج بالمجتمع وممارسة هواياتنا".

وتلخص الناشطة في مجال حقوق الإنسان، منال عباس، لـ"العربي الجديد"، بأن "معظم ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون نتيجة قلة الدعم والبرامج الخاصة بتأهيلهم تأهيلاً نفسياً، وإعادة دمجهم في المجتمع، فضلاً عن حرمان الكثير منهم من إتمام دراسته، سواء كانت الجامعية أو الدراسات العليا، وبالتالي حرمانهم من التعيين والوظائف التي يستحقونها".

وتلفت عباس إلى "المعاناة الاقتصادية التي تعتبر العائق الكبير أمام ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ لا يتمكن كثيرون منهم نتيجة الفقر والعوز المادي من توفير العلاجات المناسبة، أو إتمام دراسته أو إنشاء مشروع خاص به، وبالتالي يصبحون ضحايا الإهمال الحكومي، والدعم الدولي والمجتمعي".

وتنبّه إلى معاناة تلك الفئة من أمراض نفسية وكآبة، ما يسترعي الاهتمام أكثر بهذه الشريحة الكبيرة والمهمة، ومن جميع الجهات ذات العلاقة وأفراد المجتمع، لجعل ذوي الإعاقة ثروة يمكن الاستفادة منها بدلاً من أن يكونوا عبئاً على ميزانية الدولة.

وتؤكد وزارة التخطيط العراقية في بيان لها وجود مليون و375 ألف معوّق في العراق، باستثناء محافظتي نينوى والأنبار، ومحافظات إقليم كردستان العراق، في حين تشير وزارة الصحة امتلاكها 35 مؤسسة تأهيلية تهتم بذوي الإعاقة.

وكانت بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، أكدت مطلع العام الجاري 2017 أن ذوي الإعاقة في العراق، ما يزالون يتضررون من النزاعات وحالات الطوارئ الإنسانية في البلد، معتبرة أن الحكومة مُلزَمة بتوفير الفرص نفسها لهم للمشاركة بمختلف جوانب الحياة على قدم المساواة مع بقية العراقيين.

ويشهد العراق ارتفاعا في أعداد الأشخاص من ذوي الإعاقة جراء الحروب المتتالية والمستمرة. كما ساهم العنف والعمليات العسكرية والألغام والمقذوفات الحربية غير المنفجرة بذلك. وتقدر إحصائيات غير رسمية نسبة أعداد المعاقين من الشعب العراقي من 10 إلى 12 في المائة أي أكثر من ثلاثة ملايين شخص بينهم الكثير من النساء والأطفال.

ويولي قانون رعاية المعوّقين وذوي الاحتياجات الخاصة رقم 38 لسنة 2013، المعوّقين في العراق أهمية خاصة بإشراكهم بصفة إداريين وبمستويات عالية في الهيئة التي تم تشكيلها ضمن القانون، بحسب الوزارة.

 

المساهمون